اليوم الاربعاء 02 إبريل 2025م
صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزةالكوفية تطورات اليوم الـ 16 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية الصحة بغزة: 24 شهيدًا و55 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضيةالكوفية شهداء وجرحى في قصف الاحتلال عيادة للأونروا تؤوي نازحين شمال قطاع غزةالكوفية تفاصيل مروعة لجريمة إعدام الاحتلال 14 من الطواقم الإنسانية في رفحالكوفية للمرة الـ21.."نتنياهو" يمثل أمام القضاء الإسرائيليالكوفية غزة: الاحتلال يغلق المخابز ويمنع الطحين لترسيخ سياسة التجويعالكوفية مدير الأونروا بالضفة: ملتزمون باستمرار تقديم الخدمات للفلسطينيينالكوفية نتنياهو يُعين رئيسًا مؤقتًا لـ "الشاباك"الكوفية الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها لليوم الـ72الكوفية الأمم المتحدة: غزة على حافة المجاعة بعد إغلاق المخابزالكوفية ألمانيا تُقرر ترحيل 4 نشطاء شاركوا في تظاهرات داعمة لغزةالكوفية المتطرف بن غفير يقتحم المسجد الأقصى بعد طرد المصلينالكوفية تظاهرات طلابية في جامعة هارفارد ضد الحرب على غزةالكوفية القدس: الاحتلال يهدم غرفة سكنية وبركسا في عناتاالكوفية الطقس: انخفاض ملموس على درجات الحرارةالكوفية تقارير أممية :نزوح نحو 140 ألفا منذ استئناف الحرب بغزةالكوفية بالصور والفيديو || استشهاد شاب برصاص قوات الاحتلال وسط نابلسالكوفية دلياني: "المناطق الإنسانية" في غزة ستار لغوي لأكبر معسكر اعتقال في التاريخالكوفية نفتالي بينيت يؤسس حزبا سياسيا جديداالكوفية

بقلم المهندس سعيد المصري.. بين العدالة والمساواة: هل تعيد سياسات الولايات المتحدة تعريف التوازن الاجتماعي؟

12:12 - 01 إبريل - 2025
بقلم : المهندس سعيد المصري
الكوفية:

في خطوة لافتة، بدأت الإدارة الأمريكية مؤخرًا بتوجيه تحذيرات حادة إلى المتعاقدين مع سفاراتها وهيئاتها الحكومية الخارجية، مطالبة بوقف التعامل مع برامج التنوع، والمساواة، والشمول (DEI)، تحت طائلة فقدان الدعم المالي أو المنح. هذا التوجه أثار نقاشًا واسعًا لا يقتصر على أبعاده السياسية، بل يتجاوزها إلى عمق العلاقة الجدلية بين مفهومي العدالة والمساواة في النظم الاجتماعية والاقتصادية، وهو نقاش بات حاسمًا لفهم مستقبل المجتمعات المتقدمة والناشئة على السواء.

تقوم فلسفة DEI على مبدأ تصحيح التفاوتات التاريخية والهيكلية التي منعت بعض الفئات، كالأقليات والنساء ومجتمع الميم، من الوصول إلى فرص عادلة في التعليم والعمل والحياة العامة. غير أن اعتماد هذه الفلسفة في المؤسسات قد تحول، في بعض السياقات، من محاولة تحقيق العدالة إلى فرض أشكال جديدة من التمييز المعكوس. وهو ما دفع بعض الأصوات، خصوصًا في التيار المحافظ الأمريكي، إلى اتهام DEI بأنها تضر بالكفاءة وتضع الهوية قبل الجدارة.

هذا الصراع ليس جديدًا؛ فقد واجهته البشرية منذ صعود النظم الاشتراكية والشيوعية في القرن العشرين، والتي بشّرت بالمساواة كغاية قصوى، حيث يحصل الجميع على نفس الموارد دون النظر إلى اختلاف القدرات أو المساهمة. ورغم الوعود الطوباوية (utopian) ، سرعان ما انهارت تلك النظم لأسباب جوهرية، أبرزها غياب الحوافز، وتراجع الإنتاجية، وارتفاع البيروقراطية والفساد، ما جعل الكفاءة والابتكار أمرين هامشيين في نظام لا يكافئ المجتهد ولا يعاقب المتكاسل.

في السياق المعاصر، بات الإنسان أكثر وعيًا بفكرة أن العدالة لا تعني المعاملة المتساوية للجميع، بل المنصفة. العدالة تأخذ في الحسبان الظروف، والخلفيات، والفرص غير المتكافئة، وتمنح الأفراد الوسائل التي تؤهلهم للمنافسة الفعلية. لكن هذا لا يعني تهميش الكفاءة. بل على العكس، تتطلب العدالة أن يُكافأ المجتهد والمبدع، دون أن يُترك الضعيف فريسة للفقر أو التهميش.

الحديث هنا لا يعني إلغاء الحماية الاجتماعية، بل إعادة تصميمها لتكون أكثر كفاءة وإنصافًا.

شبكة الأمان الاجتماعي المثالية يجب أن تقوم على ثلاثة مبادئ:

أولًا: التحفيز لا التعويض، بحيث تُربط المساعدات بالتعليم والتأهيل والمشاركة الإنتاجية.

ثانيًا: الاحتضان لا الاتكالية، فبرامج الدعم ينبغي أن تكون مؤقتة وتدفع الأفراد نحو سوق العمل.

وثالثًا: التكامل لا التضاد، فالحماية الاجتماعية ليست نقيضًا للكفاءة بل مكملة لها، عندما تُستخدم كوسيلة دمج لا عزل.

تعترض الفئات المنتجة أحيانًا على مساهمتها في تمويل هذه الشبكات من خلال الضرائب أو المسؤولية المجتمعية، معتبرة أنها تُكافئ الضعف او الفاشل وتُعاقب النجاح. لكن الاقتصاد المتماسك لا يُبنى على مبدأ "البقاء للأقوى" فحسب، بل على منظومة تراعي الاستقرار الاجتماعي، وتحفّز الجميع – لا النخبة فقط – على المشاركة في البناء والإبداع.

بين أنظمة تخلّت عن العدالة باسم الكفاءة، وأخرى ضحّت بالكفاءة باسم المساواة، تقف المجتمعات اليوم أمام خيار ثالث: التوازن الذكي بين الاثنين.

سياسات مثل DEI يمكن أن تكون مفيدة، لكن بشرط ألا تصبح غاية في ذاتها أو بديلاً عن الكفاءة. وكذلك، فإن أنظمة الدعم الاجتماعي يجب ألا تكون أداة تُبلّد فيها الطموح، بل منصّة انطلاق للفئات الأقل حظًا نحو الاندماج والمشاركة.

فقط بهذا التوازن يمكن للمجتمعات أن تضمن أن يكون الجميع – الأكفأ والأقل حظًا – جزءًا من سباق الحياة، لا متفرجين على هوامشه.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق