خاص: كان وسيبقى الشهيد ياسر عرفات، رمزًا للمقاومة وأيقونة للنضال الفلسطيني، ويمثل الشهيد القائد أبو عمار لمعاصريه ومَن عرفوه كنزًا لا ينتهي ومعينًا لا ينضب من النضال والوطنية والشهامة والاعتزاز بالوطن والذات.. في هذه الحلقات نرصد شهادات حية لمعاصري الشهيد القائد على تفاصيل حياته ومواقفه النضالية..
أكد وزير الاتصالات الأسبق، عماد الفالوجي، في حديثه عن الزعيم الراحل أبو عمار، أنه لم يختلف أحد على زعامة عرفات للشعب الفلسطيني.
قائد لشعب وليس رئيسا لدولة
وأوضح الفالوجي، أن العلاقة مع أبو عمار كانت علاقة خاصة، وعلاقة قائد بشعب، كان يعيش كأب قائد ورئيس لهذا الشعب.
وأشار إلى أن حزننا سيزداد عليه كلما طال غيابه، وبرغم مرور سنوات على رحيله ما زلنا نعيش ذكرياته، ونتعلم منه وما زال يسكن في كل من تعامل معه وعاش معه.
وقال، "أشعر بالفخر والرضا بأنني واحد من الذين عاصروا ياسر عرفات طوال فترة وجوده في الضفة وغزة، وتعاملت مع عرفات وأنا معارض له وأيضا وأنا مؤيد لهم، وفي كل موقف له قصة وحكاية نتعلم منه كيف تكون أمام قائد لشعب وليس رئيسا لدولة".
وتابع، "عندما كنت معارضا له وأمرت أجهزة السلطة الفلسطينية باعتقالي بسبب تصريحاتي في مهاجمة السلطة وسياستها، أصر عرفات على أن يراني في اليوم التالي ويقدم لي اعتذار عن طريقة وسبب الاعتقال"، مشيرا إلى سمو ورفعة أخلاق عرفات واهتمامه بكل الشعب الفلسطيني.
الأكثر ديمقراطية وحرصا على المؤسسة الفلسطينية
وذكر الفالوجي، "عندما كنت وزيرا في السلطة الفلسطينية، لم أكن أنتمي لحركة فتح، إلا أن عرفات كان يحرص على ألا يشعر أي مسئول على أنه غريب عن هذه السلطة، فكلنا نتحمل مسئولية واحدة".
ولفت إلى أن عرفات له قصص خاصة مع من يعارضه ومع من يتفق معه، ومع الداخل ومع الخارج، وكالكبير والصغير، ويضع كل شخص في مكانه الطبيعي، ويتعامل مع الجميع حسب قرب أو بعد هذا الشخص عن القضية الفلسطينية.
وأضاف الفالوجي، "بعد رحيل عرفات، الجميع أدرك أنه كان الأكثر ديمقراطية، والأكثر حرصا على بناء المؤسسة الفلسطينية"، مشيرا إلى أن كل المؤسسات كانت تعمل في وقتها دون استثناء.
وأضاف، "عند حدوث خلاف في المؤسسات الفلسطينية، كان عرفات يحرص على حسم الخلاف بالتوافق بين جميع الأطراف، من أجل القضية الفلسطينية".
وأكد الفالوجي أن "عرفات لم يأخذ قرار منفردا، وكان دائما يستشير الآخرين في كل القضايا، ملفتًا إلى أنه صاحب القرار النهائي ومن يحسمه، ولكنه كان يستشير من حوله، حيث لم يكن يتدخل في الأمور الداخلية في الوزارات أبدا، إلا من خلال الوزير أو الوزارات".
عرفات شعبه حبه بالمفرد
وقال الفالوجي، "من أسرار عرفات التي اكتشفتها خلال معاصرتي له، كان ضعيفا أمام شخصيتين، "الطفل صغير والشيخ الكبير أو العجوز"، فعند رؤيته لهما تراه مسرعا يقبل يده ورأسه ويحتضنه ويرى في الطفل الصغير مستقبله، ويقول أرى في تجاعيد الشيخ الكبير ملامح خارطة وتاريخ فلسطين، فتراه ينهار أمام العجوز، فيلبي له كل مطالبه".
وشدد الفالوجي على أنه "ليس هناك زعيم فعل ما فعله ياسر عرفات، حيث تأثر عرفات وجدانيا مع كل الشعب الفلسطيني بمختلف صفاته، فالزعماء الموجودين في العالم، الناس حبتهم من خلال مواقف عامة، إلا عرفات، فشعبه حبه بالمفرد وكل شخص حبه من خلال موقف خاص به وحده".
وأكد الفالوجي، أنه "لا يمكن أن يمر عيد دون أن يقف عرفات بالساعات ليسلم على جميع من يمر عليه ويلتقط صورة معه، حيث كان يصر في كل عيد أو مناسبة أن يقف تحية واستقبالا واحتراما لشعبه، وأنه لا أحد أراد شيء من عرفات ولم يحصل عليه، إلا إذا أغلقها الآخرون ممن حوله دون علمه، حيث لم يكن عرفات يقطع شيئا عن أحد".
كوفيته رمز لقضيتنا
وقال الفالوجي، "الجيل الجديد يتمنى لو أنه عاش في فترة عرفات، لأنهم يفتقدوا إلى زعيم وقائد يشعروا بأبوته وحبه لهم، لا أحد يختلف على زعامة عرفات للشعب الفلسطيني"، هذه المقولة حقيقية، قد نختلف معه في سياسته المؤقتة أو المعينة، لكنه الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي لن يتكرر، وحظي بالإجماع أنه زعيم الشعب الفلسطيني، وأن كوفيته أصبحت ترمز لقضيتنا، فأينما ذهبت في العالم تقول ياسر عرفات، يجيبون عليك بفلسطين والعكس".
زعيم وقائد يهابه الجميع
وأكد الفالوجي، أن علاقة عرفات بالفصائل الفلسطينية، علاقة الأبوة والاحترام.
وأوضح أنه "كانت له هيبة خاصة ويهابه الجميع، وله حضور وطقوس في كيفية استقبال أو زيارة ضيوفه، وكانت تربطه علاقات دولية ومكانة واحترام من الجميع، وتجسدت عندما اهتز العالم وقت وفاته، حيث خرجوا جميع الرؤساء ليؤدوا التحية له".
وقال الفالوجي، لخص كوفي عنان هذه الوقفة بجملة بسيطة، "الشرق الأوسط بعد ياسر عرفات، ليس هو مثلما كان قبل عرفات".
وأضاف، "عندما حاصر الاحتلال عرفات في غزة، دخلت عليه وكان أمامه سلاحه، فقال "هذا السلاح إما أن أقُاتل فيه أو أقُتل فيه"، مشيرا إلى أن كلمة استسلام لم تكن في قاموسه أبدا، ولا يعترف بالواقع الموجود بأنه محاصر.
يومًا بعد يومًا تتكشف حقائق جديدة وتظهر وثائق مكنونة في صدور وقلوب وذاكرة معاصري أبو عمار، تضيف رصيدًا جديدًا لهذا الخالد دومًا، فلروحه السلام.