غزة: عزز جيش الاحتلال الإسرائيلي من نقاط تواجده عند محور نتساريم المستحدث، والذي تم إنشاؤه مع بداية حرب الإبادة الجماعية في غزة والذي يشق القطاع إلى نصفين، وباشر بسلسلة من عمليات البناء وتطوير البنى التحتية في تلك المنطقة، ما يوحي بتأسيس قاعدة دائمة في المحور.
ومحور نتساريم هو ممر يفصل مدينة غزة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوب قطاع غزة، سمي على اسم مستوطنة كانت قائمة في مكانه قبل الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من غزة عام 2005، وأطلق عليه مفرق الشهداء لكثرة الشهداء الذين ارتقوا فيه خلال الأيام الأولى من انتفاضة الأقصى، بينهم الطفل محمد الدرة، وسائق الإسعاف بسام البلبيسي.
الموقع الجغرافي
تبلغ مساحة محور نتساريم 56 كيلو متر مربع حيث يبلغ طوله 7 كلم ويمتد من كيبوتس بئيرى شرق البريج حتى الشيخ عجلين غربا، ويبلغ عرضه 8 كلم ويبدأ من أراضي حي الزيتون شمالا حتى المغراقة ومدينة الزهراء وأطراف النصيرات جنوبا.
ولا يعتبر ممر نتساريم جديدا في قطاع غزة بل كان ضمن خطة الأصابع الخمسة التي قدمها رئيس حكومة الاحتلال السابق أرييل شارون عام 1971 عندما كان قائدا للمنطقة الجنوبية، وكان الهدف منها تسهيل السيطرة الأمنية على القطاع بتقسيمه إلى 5 كتل استيطانية.
استخدم هذا الممر لابتزاز الغزيين والتضييق عليهم، وسجل العديد من الأحداث الأليمة، منها حالات إجهاض ووفاة مرضى نتيجة منعهم من الوصول للمستشفيات في الوقت المناسب رغم ركوبهم سيارات إسعاف، كما أن هذه السيارات تتعرض للتفتيش والابتزاز ويتعمد الاحتلال منعها من العبور إلا بعد ساعات من الاحتجاز.
نقاط تفتيش وقواعد عسكرية
هدف الاحتلال الإسرائيلي إلى فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه أثناء حربه على القطاع في أكتوبر/تشرين الأول 2023، فأنشأ طريقا يفصل وسط غزة عن منطقة الجنوب، يمتد من الحدود الشرقية حتى السواحل الغربية، وجرف مساحات واسعة على جانبه الشمالي والجنوبي، لتشكيل نقطة ارتكاز لجيشه.
يضم المحور طريقا بمسارين أطلق عليه اسم "طريق 749"، الأول للآليات العسكرية الخفيفة والثاني للدبابات والشاحنات والآليات الهندسية الثقيلة.
ويتقاطع المحور العسكري مع الطريق السريع الذي شقه جيش الاحتلال، والذي يبدأ عند "المعبر 96" الذي أقامه في مارس/آذار الماضي عند الحدود بالقرب من كيبوتس "بئيري"، وهو عبارة عن طريق سريع دشنه الاحتلال خلال الحرب بمحاذاة قطاع غزة بذريعة إيصال المساعدات من الجنوب إلى الشمال.
وينتهي المعبر 96 -الذي يعتبر موازيا للسياج الأمني للوصول إلى شمال قطاع غزة- عند البؤرة العسكرية ونقطة التفتيش الساحلية بالقرب من منطقة الميناء العائم الذي أقامه الجيش الأميركي.
كما أقام الاحتلال نقطتي تفتيش أمنيتين في اتجاه واحد بغرض عبور السكان إلى جنوب القطاع، إذ تحتوي القاعدة العسكرية من الداخل على مهاجع دائمة للنوم ومسبح للجنود والقوات المساندة لها، وحدد جيش الاحتلال برجا يقع غرب المحور كـ"سجن مؤقت" بداخله غرفا للتحقيق.
تحصينات أمنية مشددة
وفي إطار تأمين نقطة الارتكاز على هذا الممر أحاطه الجيش الإسرائيلي بسواتر إسمنتية ضخمة وأخرى ترابية مرتفعة، والعديد من أجهزة الرصد المتطورة، وأبراج للمراقبة، إضافة لتحليق طيران استطلاعي على مدار الساعة، وتمشيط مدفعي وناري في ساعات الصباح والمساء وما بينهما.
ودشن الاحتلال مواقع دفاعية تحتوي على أدوات إلكترونية تحذيرية في حالة إطلاق الصواريخ ودروع مضادة للقذائف الصاروخية.
وتنتشر على جانبي الطريق مواقع عسكريه دائمة من الأسمنت المسلح، كما تقوم طواقم شركات الخدمات اللوجستية المدنية بحفر خنادق حول القاعدة لحمايتها من أي اختراق عبر الأنفاق.
وبدأ جيش الاحتلال في أبريل/نيسان 2024 إنشاء قواعد عسكرية على طول الممر، وكانت القاعدة الغربية هي قاعدة نتساريم، وهي قاعدة كبيرة ضمن مجموعة من القواعد التي يتم بناؤها في الممر بهدف السيطرة على المنطقة وزيادة القدرة على إطلاق عمليات عسكرية بشكل فعال في قطاع غزة.
وفي منتصف أبريل/نيسان الماضي تم توسيع الممر إلى الجنوب من خلال بناء الجسور فوق وادي غزة وشمال النصيرات.
وتم إنشاء قاعدة عسكرية أخرى في مبنى المستشفى التركي وأغلب القواعد الأخرى أصغر حجما، وقد أقيم في كل قاعدة برج يستخدم للاتصالات والمراقبة، وفي مايو/أيار الماضي أعلن الجيش الانتهاء من بناء 4 نقاط استيطانية كبيرة على طول الممر.
توسيع ممر نتساريم
تجري بصمت تام عمليات توسعة ️واحتلال مزيد من الأراضي وضمها للمنطقة العسكرية في نتساريم، حيث يمكنك من أبراج المراقبة رؤية مئات المنازل التي تم تسويتها بالأرض بهدف توسيع المحور ليصل إلى أطراف حي الزيتون وحي الصبرة.
كما قامت شركة سيلكوم بتركيب هوائي إرسال في المحور ليتمكن الجنود من التواصل مع ذويهم.
الأهمية الاستراتيجية
- تسهيل عودة الاستيطان الإسرائيلي لقطاع غزة
- التحكم بحركة المدنيين شمالا وجنوبا ومنع عودة النازحين لشمال القطاع
- تسهيل تقدم الآليات الإسرائيلية شمال القطاع أو جنوبه في غضون دقائق كما حدث في الاجتياح الثاني لمستشفى الشفاء ومخيم النصيرات
- استخدامه ورقة ضغط في ملف تبادل الأسرى
طرق عبور ومحاور جديدة
عمليات تمركز جيش الاحتلال لا تقتصر فقط على محور نتساريم بل إنه يعيد هذه الأيام إعادة افتتاح معبر كيسوفيم لأول مره منذ عام 2005 لإدخال المساعدات الإنسانية واتخاذه كممر لدخول وخروج قواته من غزة
وبدأ جيش الاحتلال فعلا بتطبيق خطته بنسخ نموذج ممر نتساريم في محور فيلادلفيا على الحدود المصرية الفلسطينية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.