منذ أن قامت حكومة الفاشية اليهودية بإنهاء العمل بـ "صفقة الدوحة" يوم 18 مارس 2025، حول التهدئة والتبادل، والذهاب نحو تطوير عمليتها العدوانية الجديدة على قطاع غزة، بدأ واضحا أنها ليست عملية ببعد أمني فقط، ولكنها تحمل أهداف متعددة الرؤوس السياسية.
الانطلاقة العدوانية الجديدة، اختلفت كثيرا عما كان منذ 7 أكتوبر 2023، باجتياح شمولي وتدمير بلا حدود، وإزالة معالم الحياة الإنسانية، إلى أهداف أكثر انتقائية وتحديدا، وعمليات تطهير وفق أهداف مسبقة "التخطيط"، وليس ببعد عشوائي كما سبق خلال الأشهر السابقة.
لم يعد سريا أبدا، أن حكومة العدو استغلت جديا، بل وبامتياز كامل، فترة التهدئة منذ 19 يناير حتى 18 مارس لتعبئة بنك معلوماتها الأمنية وتحديثها، فيما يتعلق ببنى حماس العسكرية، وقيادتها ومنظومتها الأمنية التي حاولت ترميمها، ساعدها كثيرا حركة "الاستهبال الاستعراضي"، خلال تسليم الرهائن أو تسريب معلومات دعائية حول ترميم قوتها وتجنيدها لبديل، ما قدم "هدايا مجانية" لدولة العدو، ليس استخدامها ذريعة فحسب، بل لاختيار الأهداف بدقة فاقت ما كان سابقا.
موضوعيا، العملية العدوانية العسكرية المستحدثة على قطاع غزة، جاءت بعد تنسيق كامل مع إدارة ترامب، ليس معلوماتيا فقط، بل دعما عسكريا مسبقا وتشكيل غطاء حماية سياسية لها، من خلال تصريحات البيت الأبيض والمندوب الأمريكي ويتكوف، بترويج أن حماس هي التي كسرت الاتفاق، ورفضت مقترح التهدئة الجديد، رغم موافقتها عليه طولا وعرضا، بل أنها أعلنت بشكل رسمي استعدادها لبحث نزع السلاح والخروج من الحكم والمشهد، خلال لقاء وفد منها مع ممثل أمريكي "بوهلر" في الدوحة.
كسر حكومة العدو الاحلالي "صفقة الدوحة" حول اتفاق التهدئة، وشن حملة عسكرية جديدة على قطاع غزة، هدفها المركزي العمل على ترتيب المشهد الغزي لتنفيذ "خطة ترامب" التهجيرية، ترافقت مع تشكيل دائرة هجرة بإشراف وزارة جيش الاحتلال، تبدأ التحضير بالتوازي مع استمرار العمليات الحربية، لفرض وقائع لخدمة الهدف الرئيسي، عبر توسيع المنطقة العازلة، وتطهير مربعات جديدة، وتكريس تقسيم القطاع دون إغلاق، وفرض مظاهر من الحصار بعد إغلاق المعابر وتقليص دخول المساعدات الإنسانية إلى حد الصفر تقريبا.
التطورات العسكرية الجديدة على قطاع غزة، تضيف خدمة لكسر حدة المعارضة المتنامية بقوة داخل دولة الكيان ضد حكومة نتنياهو، والتي تتجه لأشكال تصادمية عنيفة، تقارب المشهد الذي كان يوم 6 أكتوبر 2023، وفقا لتصريحات وزير الجيش الأسبق بيني غانتس، ومعارك نتنياهو مع رئيس الشاباك والمدعية القضائية، ارتباطا بفضائحه خاصة "قطر غيت"، ومسار حدث يوم 7 أكتوبر، بملامح لبناء أول حكم ديكتاتوري في دولة اليهود.
ووفقا لمسار الحرب ومظهرها المستحدث، وارتباطا بأهدافها السياسية قبل العسكرية، فالحديث عن وقف إطلاق نار أو صفقة تهدئة جزئية لفترة زمنية لا يمكن التعامل معها بمصداقية، او بجدية، بل ربما العكس تماما، فنشر أخبار حول مقترحات جديدة، مرة تقبلها حماس وأخرى تدرسها، تمثل خدمة عملية لمخطط دولة العدو في مواصلة حربها الشاملة.
ولذا، كل مقترح حول التهدئة يتم تسريبه من هنا أو هناك، يمثل قاطرة دفع للعملية العدوانية على قطاع غزة، وفعل تضليلي يخدم هدف التهجير، الذي عاد بقوة فاقت ما كان.
بديلا لنشر "إشاعات" ضارة، يجب الانتقال من الحالة الانتظارية السائدة داخل الرسمية العربية والفلسطينية، والبدء بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في قمة القاهرة، دون زيادة وبالتأكيد دون نقصان، لو حقا يراد ردا على مخطط عدو تطهيري وتدميري، وليس فعل ثرثرة كلامية لرفع عتب شعبوي مخزون.