اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025م
مكتب إعلام الأسرى: محكمة الاحتلال تثبت أمر اعتقال الدكتور حسام أبو صفية لمدة 6 أشهرالكوفية تطورات اليوم الثامن من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية إصابة شاب بالرصاص الحي خلال المواجهات في حي كفار سابا بمدينة قلقيليةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيليةالكوفية الإعلامي الحكومي: الاحتلال يواصل جريمة الإخفاء القسري لـ 15 من كوادر الإسعاف برفحالكوفية مصادر محلية: قوات الاحتلال تمنع وصول الإسعاف لنقل المصاب من سهل دير غزالة شرقي جنينالكوفية المدير العام لوزارة الصحة في غزة: الاحتلال دمر أغلب الخدمات الطبية الأساسية في القطاعالكوفية المدير العام لوزارة الصحة في غزة: الوضع الإنساني في غزة تجاوز مرحلة الكارثةالكوفية جيش الاحتلال يُطلق قنابل دخانية شرقي بلدة عبسان الكبيرة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزةالكوفية جريمة قصف المستشفيات.. الاحتلال يخرق جميع القوانين الإنسانيةالكوفية خلف الأبواب المغلقة.. ماذا تقول التهديدات الداخلية لنتنياهو بشأن الحرب؟الكوفية أبو مهادي: الحرب على الشعب الفلسطيني وليس على حركة حماسالكوفية 49 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة منذ السابع من أكتوبرالكوفية الكابينت يصادق على إنشاء إدارة خاصة ل "الهجرة الطوعية" من غزةالكوفية لماذا يصر الاحتلال على استهداف مراكز الأمم المتحدة داخل قطاع غزة؟الكوفية شهداء ومصابون جراء غارات الاحتلال على جنوب قطاع غزةالكوفية غزة: الإعلامي الحكومي يعقب على اختطاف كوادر الإسعاف والدفاع المدنيالكوفية إصابة شخص برصاص الاحتلال بادعاء محاولته دهس عناصر شرطة بالقدسالكوفية الاحتلال يصادق على أكثر من 10 آلاف وحدة استعمارية بالضفة منذ بداية 2025الكوفية وفاة عضو المجلس الثوري لحركة فتح محمد الحورانيالكوفية

شرق أوسط في طور التشكّل

10:10 - 25 مارس - 2025
الكوفية:

بعد ثلاثة عقود ونصف العقد على ظهور ما سمّي النظام العالمي الجديد، بالإشارة إلى نظام ما بعد الحرب الباردة، نقول بثقة: إن هذا النظام وقف على غير السياق التاريخي، أي على قدم واحدة، حيث كان نظاماً أحادي القطب، لم يكن أكثر من فاصل بين عالمَين، أو لم يكن سوى «قنطرة» بين نظام مضى إلى غير رجعة، ونظام تلوح إرهاصاته في الأفق، دون أن تتحدد معالمه تماماً، وإن كانت التقديرات تشير إلى أنه لن يكون على الأغلب لا أحادياً ولا ثنائياً، بل متعدد الأقطاب، والأهم أنه لن ينشأ بالقوة العسكرية، كما كان حال كل الأنظمة العالمية التي سبقت عالم الحرب الباردة، بل بالقوة الاقتصادية مضافاً إليها القوة العسكرية، كذلك فإن النظام العالمي القادم، يبدو أنه سيكون أشبه بدولة عالمية، استناداً لما شهدته البشرية من تقدم على صعيد التداخل بين الدول والشعوب، مترافقاً مع ثورة اتصالات أزالت الكثير من الحواجز بين العوالم البشرية، حتى بات الكثير من المفكرين وقبل عقود عديدة يصفون العالم بكونه قد بات قرية صغيرة.

وبشيء من التأمل فيما حدث خلال العقود الثلاثة الماضية، في محاولة لقراءة المتغيرات المهمة التي ينبني عليها النظام العالمي القادم، لا بد من ملاحظة أن أهم حدث كان هو تلاشي القطب الثاني في الحرب الباردة، وهو المنظومة الاشتراكية، والتي كان قوامها الرئيسي الاتحاد السوفياتي ودول شرق أوروبا المتحالفة معه، ومن يتأمل اليوم حال دول أوروبا الشرقية لا يخرج بنتيجة مفادها بأن خروجها من إطار المعسكر الاشتراكي إلى معسكر الغرب الرأسمالي أضاف قوة مهمة لذلك المعسكر، لا عسكرية ولا اقتصادية، وأن أهم دول الغرب الأوروبي، نقصد ألمانيا التي توحدت مع ظهور نظام ما بعد الحرب الباردة، لم تتغير كثيراً، فلم تتحول رغم قوتها الاقتصادية والتي هي قوة ألمانيا الغربية أصلاً، إلى دولة عظمى، أي دولة نووية أو عضواً في مجلس الأمن، وبقي حالها مثل حال اليابان تقريباً، أما الحدث الثاني في الأهمية، وهو تفكك الاتحاد السوفياتي، فقد تمثل في أن وريثته روسيا، التي بدت دولة من الصف الثاني في الأهمية، اليوم تبدو كما لو كانت قد استعادت مكانة الاتحاد السوفياتي، بعد أن احتفظت بالقوة العسكرية النووية، بما فيها تلك القوة النووية التي كانت على أرض أوكرانيا، والتي كان يمتلكها الاتحاد السوفياتي، فيما تبدو اليوم قوة اقتصادية أيضاً استناداً إلى مصادر الطاقة، وبعد أن تخلصت مما كان ينفقه الاتحاد السوفياتي على سباق التسلح وعلى الحلفاء في العالم الثالث.

أما الولايات المتحدة التي ربما فوجئت بانتصارها المفاجئ في الحرب الباردة، فإنها لم توفر جهدها للاحتفاظ بمكانة الدولة التي تقود نظاماً عالمياً أحادي القطب تلا نظاماً ثنائي القطبية، لدرجة أنها خاضت حروباً عديدة في شرق أوروبا ضد الصرب، وفي الشرق الأدنى ضد الأفغان، وفي الشرق الأوسط ضد العراق وليبيا وسورية، وأخيراً في البحر الأحمر وبحر العرب ضد اليمن، ولكن على ما يبدو أن أميركا تخوض حروبها في الأماكن الخطأ، فهي نسيت الصين، لأنها ظنت أنها لن تكون أفضل حالاً بنظامها الشيوعي من الاتحاد السوفياتي السابق، ثم نسيت روسيا واعتقدت أنها على شاكلة دول أوروبا الشرقية، يمكن التحكم بها وفق لعبة الانتخابات الداخلية، بل ولم تنتبه إلى نمور شرق آسيا، وإلى تسارع النمو في الاقتصاد الهندي، ونحن لا نقلل من قدرة الولايات المتحدة على الإحاطة بما يحدث من تطورات في كل مكان من العالم، لذا لا بد من القول: إن السبب الرئيسي لظهور نظام عالمي قادم هو منطق التطور التاريخي، الذي كنا أقوى من إرادة الدول العظمى فيما مضى، وهو اليوم أقوى من إرادة الولايات المتحدة، ومن شعارات وخطط رئيسها دونالد ترامب.

ارتباطاً بالمشهد العالمي كان المشهد الإقليمي على شاكلته تقريباً، فثنائية النظام العالمي كانت تجد صورتها في النظام الإقليمي الذي كان بدوره ثنائياً، حيث كانت دول الشرق الأوسط منقسمة في تحالفاتها وعلاقاتها الدولية ما بين دول تحرر وطني شهدت ثورات وانقلابات، تحولت معها أنظمتها السياسية من النظام الملكي إلى الجمهوري، وهذا شمل الدول العربية وكلاً من إيران وتركيا، وصولاً إلى ما قبل انتهاء الحرب الباردة بعقد تقريباً، حيث شهد الشرق الأوسط أهم حدثين كانا إسقاط النظام الشاهنشاهي في إيران، وعقد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، في الوقت الذي انتقل الحكم فيه في إسرائيل من اليسار إلى اليمين.

ثم كان الترافق الأكثر سفوراً لتوافق الترتيب الإقليمي في الشرق الأوسط بالنظام العالمي أحادي القطب، نظام ما بعد الحرب الباردة هو عقد اتفاق أوسلو، لأنه تعامل مع عقدة الإقليم المركزية، وذلك ارتباطاً بأطراف ذلك الاتفاق، ففلسطين تجمع معظم شعوب الشرق الأوسط، أما إسرائيل فهي ابنة الغرب المدللة، كذلك كون أميركا الدولة التي تقود منفردة ذلك النظام العالمي هي راعي وعراب اتفاق أوسلو، بعد توقيعه من قبل كل من ياسر عرفات وإسحق رابين في حديقة البيت الأبيض برعاية بيل كلينتون، لهذا ظهر مصطلح «الشرق الأوسط الجديد» مباشرة بعد مؤتمر مدريد، مع انطلاق المفاوضات متعددة الأطراف التي انطلقت في موسكو العام 1992، وشاركت فيها وفود مصرية وإسرائيلية، وسورية ولبنانية، إضافة للوفد الأردني الفلسطيني المشترك.

وقد بشّر شمعون بيريس عراب أوسلو على الجانب الإسرائيلي بالشرق الأوسط الجديد، لدرجة أنه رسم صورة وردية ليست خالية من الحروب والصراعات، ظهرت فيها دول وشعوب المنطقة متوافقة، تعمل بشكل مشترك في ورشة نمو اقتصادي، ظهرت كنموذج لاقتصاد إقليمي متداخل ومتكامل، لا مثيل له في عالم ذلك اليوم، بل ولا مثيل له في عوالم إقليمية أخرى متخيلة، فكان الأساس الذي يقوم عليه الشرق الأوسط هو الأساس الاقتصادي على قاعدة الشراكة بين دول المنطقة، وكل ذلك يحدث بعد مفاوضات واتفاقات، وليس بناء على حروب أو ترتيبات يتم فرضها بالقوة العسكرية، ولم يكن يشمل «شرق أوسط بيريس» احتلالات جديدة، أو توسعاً جغرافياً ولا حتى مناطق أمنية، كما لم يشترط تجريد أي دولة من السلاح.

الجديد اليوم هو ما يقول به بنيامين نتنياهو من إعادة لرسم الشرق الأوسط الجديد، ولكن وفق تصور هو أقرب لسايكس - بيكو، منه لتصور بيريس الذي ظهر مطلع تسعينيات القرن العشرين الماضي، وشرق أوسط نتنياهو يجري فرضه بالقوة العسكرية، بعد إلحاق الهزيمة بكل القوى العسكرية المناهضة لإسرائيل، وشرق نتنياهو لا يجري إعداده بالتوافق بين دول المنطقة، بل يرى هو فيه مماثلاً إقليمياً لنظام عالمي أحادي القطب، أي نظاماً إقليمياً أحادي القوة العسكرية هي إسرائيل، وذلك عبر فرض قوتها العسكرية بعد تحطيم القوة العسكرية لكل دول المنطقة منفردة ومجتمعة، وبما يشمل توسيع مساحة إسرائيل على حساب دول الجوار، بمحو فلسطين من الخارطة الجغرافية، ونقل حدودها شرقاً وشمالاً وجنوباً، بشكل واضح أو مستتر، أي عبر إقامة مناطق أمنية عازلة، بعد ذلك يجري فرض الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية على المنطقة، وهذا هو ما يقول به نتنياهو من إعادة رسم الشرق الأوسط.

يمكن القول بكثير من الثقة: إن التاريخ لن يعود إلى الوراء، وإن شرق أوسط جديداً قادم، لكنه ليس بالضرورة أن يكون وفق ما يريده نتنياهو، بل يرجح أن يكون الشرق الأوسط المضاد والمناقض تماماً لما يريده، وذلك ارتباطاً بكون النظام العالمي يتغير، ولن يبقى هو نظام أميركا العالمي، وكل ما حاوله جو بايدن لفرض نظام عالمي أميركي بالقوة على روسيا، وما يحاوله دونالد ترامب من سطو اقتصادي على الحلفاء قبل الخصوم، يعني أن نظام أميركا العالمي قد بات في خبر كان، لأن شرق أوسط نتنياهو يعتمد ليس فقط على قوة إسرائيل العسكرية والاقتصادية، بل يعتمد على الدعم والإسناد الأميركي العسكري والمالي والسياسي، ولأنه تأخر ثلاثة عقود أيضاً، لم تعد بعدها دول الشرق الأوسط بما في ذلك مصر ودول الخليج، هي تلك الدول التي كانت خلال الحرب الباردة، ولا خلال ذلك الفاصل الزمني، الذي يفصل ما بين انتهاء الحرب الباردة والنظام العالمي القادم.

وكما هو حال النظام العالمي القادم، الذي سيكون جماعياً أكثر مما سبقه من نظم عالمية، قد تشمل حلقات متتابعة، في المركز منها تعدد قطبي، يشمل أميركا، الصين، أوروبا، روسيا، والهند، ثم حلقة تالية، هي الدول التي تشكل مراكز الأقاليم، ومنها شرقنا الأوسط، حيث توجد إيران، تركيا، دول الخليج ومصر وإسرائيل، سيكون متعدد الأقطاب، فإن لم يكن على شاكلة شرق أوسط بيريس، فإنه لن يكون شرق أوسط نتنياهو.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق