اليوم الاربعاء 26 مارس 2025م
مستوطنون يعتدون على مواطن ومتضامن في الأغوارالكوفية تطورات اليوم التاسع من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية الاحتلال يعتقل 11 فلسطينيا من الضفةالكوفية لبيد: حكومة نتنياهو مجرمة ويجب عصيانهاالكوفية الاحتلال يهدم 9 مساكن لعائلة الوج في النقب المحتلةالكوفية تهديدات ترمب ترفع أسعار النفط عالمياالكوفية غارات على اليمن بعد استهداف حاملة طائرات أمريكيةالكوفية حالة الطقس: درجات الحرارة أعلى من معدلها العام بحوالي 10 درجات مئويةالكوفية  "أطباء بلا حدود": نقص المياه يُفاقم الأزمة في قطاع غزةالكوفية دلياني: شجاعة الطواقم الإنسانية في غزة تفضح إجرام الاحتلال وتعرّي فشل النظام الدوليالكوفية شهيدان ومصابون جراء غارة إسرائيلية وسط خان يونسالكوفية بث مباشر | تطورات اليوم التاسع من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية طائرة مروحية إسرائيلية "أباتشي" تطلق النار شرقي حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزةالكوفية آليات الاحتلال تطلق النار بكثافة في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزةالكوفية مدفعية الاحتلال تقصف شمال شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها مخيم عايدة في بيت لحمالكوفية قوة راجلة من جيش الاحتلال تقتحم حارة الحشاشين في مخيم بلاطة شرق نابلسالكوفية مصادر طبية: 11 شهيدا بينهم 5 أطفال في غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليومالكوفية تجدد إطلاق نار من الدبابات الإسرائيلية شرقي بلدة عبسان الكبيرة شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم منطقة الجبل الشمالي في نابلسالكوفية

معالم «الحلّ» الأميركي بدأت تتكشّف تباعاً!

12:12 - 24 مارس - 2025
عبد المجيد سويلم
الكوفية:

الخلاصات والاستخلاصات الأوّلية لـ»معالم الحلّ الأميركي للصراع في الشرق الأوسط» بدأت تتكشّف شيئاً فشيئاً.
على ما يبدو فإنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبعد أن «تجاوزت» مقارباتها القائمة على التهجير الجماعي المباشر للفلسطينيين بذريعة توفير الفرصة لإعادة بناء قطاع غزة، وبعد أن فهمت أن مثل هذه المقاربات ليست «واقعية» بالقدر الذي لا يجعل منها، أو يحوّلها إلى نقطة تصادم غير مرغوب فيها في المدى المباشر على الأقلّ، أصبحت الآن تنظر إلى الحلول «الواقعية»، القابلة للتحقيق، ودون أن تصطدم بالاعتراض المباشر من قبل الدولة المصرية، وكذلك الأردنية باعتبارها حلولاً جديدة، من خارج الصندوق، وتستجيب بالكامل لكل الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، وتوفّر الفرصة الكاملة للفصل النهائي بين القطاع والضفة الغربية، وتحوّل كامل مفهوم «حل الدولتين»، وتنقله، وتخرج به من دائرة «السطوة» الحزبية والفصائلية إلى حالة جديدة من حكم أشخاص مستقلين عن كامل المنظومة السياسية الفلسطينية التي حكمت القطاع في عهد حركة «حماس»، وما قبل هذا العهد.
عملياً أصبح المطلوب من وجهة النظر الأميركية مقابل الذهاب إلى نوع من وقف إطلاق النار الدائم، والبدء بإعادة الإعمار، وربما الذهاب إلى قدرٍ معيّن من الانسحاب الإسرائيلي من القطاع مع «الاحتفاظ» ببعض النقاط الرئيسية بالقرب من «المعبر»، خصوصاً.. أصبح المطلوب هو نزع السلاح من كل الفصائل، وإخراج كلّ من يطالب ببقاء مجرد المطالبة بحق المقاومة في المنظومة السياسية «المؤهّلة» للمشاركة في الحياة السياسية، وتحويل القطاع المنزوع والمجرّد من السلاح، والمحكوم من حالة سياسية من خارج كلّ المنظومات السياسية التي تتبنّى برنامج الحلّ الوطني، وتعمل على أساس وحدة الهويّة والكيانية الوطنية على قاعدة وحدة الأرض والشعب والقضية، وبحيث تعمل هذه المنظومة السياسية الجديدة بحجة «إعادة» البناء وفق خطة متكاملة ومتدرّجة نحو «فكّ الارتباط» الكامل مع الحلول الوطنية، على الأسس والمرتكزات التي مثّلها الكفاح الوطني على مدى كامل مراحل الصراع مع المشروع الصهيوني.
أي أن إدارة ترامب أصبحت اليوم في ملمحٍ شديد الخطورة تقايض موافقتها على «إعادة البناء» بتخلّي القطاع عن ارتباطه بالضفة، وبفكّ ارتباطه بصورة ضمنية مع ثوابت العمل الوطني، والاكتفاء بالعيش تحت الحصار الدائم، وربط حياة الناس فيه بمدى قبولهم «للمتطلبات» الأميركية الإسرائيلية، بالانفكاك عن الحالة الوطنية، وبالانفصال عن الضفة.
وفي ضوء كل ما نعرف عن دعم الإدارة الأميركية لـ»ضمّ» أجزاء واسعة وكبيرة من أراضي الضفة، وفي ضوء ما نعرف، أيضاً، وسابقاً عن نيّة هذه الإدارة الاعتراف الكامل بالضمّ المباشر لكافة الكتل الاستيطانية الكبيرة، ومن دون أي حديث عن تعويض مثل هذا الضمّ، تصبح الحقوق الوطنية الفلسطينية محصورة في شعارات فارغة، ومفرغة من أيّ مضمون واعتبار وطني، لأن مهمة أي قيادة بعد هذا الضم والاستيلاء هي الموافقة على «حكم ذاتي» مقلّص على تجمّعات سكانية معزولة عن بعضها بعضاً، وهي أشبه بالمقاطعات ذاتية الإدارة، ولا يربطها بمركز الحكم الذاتي سوى بعض عمليات التسيير المالي والأمني.
وبهذه المعاني التي لم تعد مجرّد تكهّنات أو شطحات فكرية وسياسية لهذا المتطرّق أو ذاك، فقد أصبح لزاماً علينا إدراك أن كل ما يتعلق بالسلطة الوطنية الفلسطينية، من حيث كونها ذراعاً، جسماً موازياً، أو حتى بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية هو في طريقه - من زاوية المخططات الإسرائيلية - إلى التغيير الشامل، وأننا في قادم الأيام، وليس بالضرورة البعيدة، سنكون أمام انقلاب إسرائيلي يشمل حصر وإعادة «ضبط» صلاحيات هذه السلطة في ثلاثة أدوار مستقبلية.
الأول، تجريد السلطة من دورها السياسي والدبلوماسي على المستوى الوطني بتحويلها إلى مؤسسة للإدارة الاقتصادية والاجتماعية للسكان الفلسطينيين كجسم إداري للتنسيق والتسيير بين «الإمارات» السكانية في الضفة، ودون أي دور مباشر أو غير مباشر بالسكان في قطاع غزة.
الثاني، فصل علاقة السلطة بهذا المعنى عن العلاقة مع المنظمة فصلاً تاماً، وبحيث تتجرّد المنظمة من صفتها التمثيلية، وتتحوّل إلى نوع من الحكومة المخوّلة بالتفاوض حول مستقبل الحلول السياسية حسب المعطيات التي تفرزها الوقائع الإقليمية والدولية الجديدة حيال هذه الحلول.
الثالث، سحب مفهوم «قيام الدولة الفلسطينية» من التداول السياسي واعتبار قيام كيان فلسطيني جامع مستقبلاً هو السقف السياسي الذي يمثل الحقوق السياسية الفلسطينية كهدف للمفاوضات، واعتبار قيام هذا الكيان الجامع، والمجرّد من الصلاحيات إلّا بحدود احتياجات السكان الفلسطينيين، هو نهاية المطالب السياسية للفلسطينيين.
كثيرة هي مؤشّرات ومعطيات هذه الملامح من التصوّرات الأميركية لـ»الحل» السياسي.
لم تتحدث الإدارات الأميركية حول الدولة الفلسطينية المستقلة منذ سنوات عديدة، وكان حديث الحزب الديمقراطي في مرحلة باراك أوباما، ثم في مرحلة جو بايدن، حديثاً عارضاً في المفاصل الجادّة، أما الحزب الجمهوري منذ مرحلة جورج بوش الابن، ومن بعده، وحسب وثائق «الجمهوري»، ثم أثناء ولاية ترامب الأولى، فقد تلاشى هذا المفهوم، واختفى وتم حظره من التداول.
لم تتمكن كل المطالبات الفلسطينية والعربية، وحتى الدولية، من إعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن.
توافق الحزبان عملياً على الحصار المالي للمنظمة والسلطة.
ضغط الحزبان، والإدارتان، «الديمقراطية» و»الجمهورية»، خصوصاً «الترامبية»، على العالم كله في كل المحافل الدولية لمحاصرة الحركة السياسية والدبلوماسية الفلسطينية، بما في ذلك كل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومن ضمنها وقف التمويل والمقاطعة، وصولاً إلى تهديد مؤسسات القانون الدولي في المحكمتين، «العدل» و»الجنائية» الدوليتين، وكذلك المنظمات والدول بأساليب خارج الأعراف الدولية، وخارج كل بروتوكولات العلاقات الدولية. وضغطتا بصورة خاصة لمنع التمويل الدولي للسلطة، ولمنع التمويل العربي والإسلامي، أيضاً، ونجحتا نجاحاً كبيراً في كل هذه الضغوط والابتزازات.
كل الأحاديث الأميركية عن تجديد السلطة هو في الواقع محاولة أميركية لتمهيد الأجواء بإحداث واستحداث أدوات «سياسية» جديدة للضفة والقطاع مستعدة للتعاون مع سلطة الاحتلال، وبحيث تعمل وفق شروطها الأمنية، ووفق شروطها السياسية المباشرة.
وهكذا تصبح المعادلة الأميركية لـ»الحلّ» هي النزع الكامل لشرعية المقاومة بكل شكل من أشكالها، وإنهاء قواعد الارتكاز السياسية للمشروع الوطني، وتصفية وتحجيم أدوات العمل الوطني ومؤسساته، بل وربما إعادة هندسة المجتمع الفلسطيني وفق مفاهيم وقواعد اقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة، إضافة إلى إعادة هندسة منظوماته السياسية.
هذا «الحل» هو حل غبي، وليس له في الواقع أيّ فرصٍ للنجاح، وهو سيختفي من الوجود والتداول عند أول منعطف، وسنبيّن ذلك في المقال القادم، لكن هذا «الحلّ» يعكس مدى الرهان الفاشل الذي مارسناه بحق أنفسنا عندما راهنّا، أو راهن بعضنا، على الحلول الأميركية، كما يعكس نفس هذا الرهان مدى ما ألحقنا بقضيتنا من أضرار عندما تركنا لحالة الانقسام أن تتفشّى وأن تستشري في صفوف شعبنا، وفي مؤسساتنا.
كما تعكس «الحلول» الأميركية في ملامحها الأولية مدى ما ألحقنا بشعبنا من أذى، وما حملناه من أعباءٍ وتضحيات جرّاء رهاناتنا على نظام عربي لا يملك من إرادته شيئاً، ومن مقومات الدفاع عن مصالح الأمن القومي العربي حقيقة عملية واحدة، وهو نظام فشل حتى في الدفاع عن مصالحه كنظام، وقد تحوّل همّه الأول والأخير إلى الكيفية التي يتهرّب من خلالها من أدنى متطلبات الدفاع عن مصالحه، ناهيكم عن المصالح العليا للأمّة.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق