- مدفعية الاحتلال تستهدف شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
بعد انتخاب تحالف "اليمين الفاشي" برئاسة نتنياهو – شارون، "أعداء اتفاق أوسلو" يونيو 1996، حاول سريعا أن يختبر واقع السلطة الفلسطينية وقوتها السياسية، من خلال فتح "باب النفق" تحت المسجد الأقصى 25 سبتمبر 1996، لتقديمها "هدية سياسية" لناخبيه المتطرفين يوم ما يعرف بـ "عيد الغفران".
ولم تمض ساعات حتى كانت أرض دولة فلسطين (1967) تشهد واحدة من الهبات المصيرية، عرفت بـ "هبة النفق" للرد على محاولة التهويد والتخريب لأحد المقدسات الوطنية والدينية، التي أرادها نتنياهو، حركة غضب فتحت نفقا في صراع بشكل جديد، عبر تحالف الشعب وسلطته الوطنية الوليدة، ليكون اول درس للتحالف الفاشي الحاكم في دولة العدو، ما أجبره عن التخلي عن مخططه وعاد كما كان، بعدما قدم الشعب الفلسطيني ما يقارب 62 شهيدا ومئات الجرحى، وقتل ما يقارب الـ 15 جنديا إسرائيليا وعشرات الإصابات.
ويسجل التاريخ السياسي، أن انطلاقة المواجهة الكبرى بين الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية بقيادة المؤسس الخالد ياسر عرفات، انطلقت من قلب الحرم القدسي يوم 28 سبتمبر 2000، عندما حاول الإرهابي شارون بعد الاتفاق مع يهود باراك رئيس حكومة الكيان في حينه، حيث خرج المقدسيون متحدين متحدين متصديين لمجرم الحرب، ومنها انطلقت شرارة "مواجهة السنوات الأربعة 2000 – 2004".
ولم تتوقف محاولات دولة الكيان الاحلالي عن محاولات التهويد، وحققت أول نجاح لها في مسمار التهويد، عام 2016 بالموافقة على التقسيم الزماني للصلاة بين اليهود والمسلمين في المسجد الأقصى، توصل له وزير خارجية أمريكا في حينه جون كيري مع الأردن، وموافقة صامتة من الرسمية الفلسطينية، لتبدأ بعدها الخارجية الأمريكية باستخدام تعبير جديد هو الأول في تاريخها، مستبدلة "الحرم القدسي " بتعبير "الحرم القدسي - جبل الهيكل"، دون أن يجد رفضا أو غضبا الأردن أو فلسطين والجامعة العربية، تسمية ذات دلالة تهويدية تمر دون أي من أشكال الرفض.
ولم تتوقف محاولات التهويد ليس للقدس المدينة بل للمسجد الأقصى وساحة البراق والجدار، وفي عهد ترامب انتقلت أمريكا خطوة أخرى لتكريس التهويد، سواء بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان، خلافا لكل قرارات الشرعية الدولية ولمواقف الإدارات السابقة، وشارك سفيرها الصهيوني فريدمان بعمليات حفر النفق والسير به، لتكريس "واقع تهويدي" جديد.
ومع وصول "التحالف الفاشي الجديد" نوفمبر 2022، بقيادة نتنياهو – سمويترتيش – بن غفير، انطلقت حركة تهويد المسجد الأقصى خطوات سريعة جدا، الى أن بدأت عمليا بالذهاب الى تطبيق مفهوم "التقاسم المكاني" بعدما نجحت في تثبيت "التقاسم الزماني"، ليصبح الأمر واقعا وليس كلاما، على طريق تنفيذ المخطط الشامل بتغيير ملامح منطقة الحرم القدسي الى ملامح "الهيكل".
المفارقة الكبرى، أن عمليات التهويد الشاملة في القدس والمسجد الأقصى تسير بهدوء شبه مطلق، خارج أي ردة فعل يمكن أن تعرقل خطة النيل من أهم مقدس وطني وديني في فلسطين، ورمزها التاريخي المسجد الأقصى، تهويد متناسق ومتسارع يسمع بيانات التهديد المتلاحقة، دون أن تعرقل حجرا من خطة التهويد.
وما يثير السخرية السياسية، هو أن يتم استبدال فعل "المواجهة الكبرى" التي قادها الخالد المؤسس ياسر عرفات بـ التهديدات الكبرى" بالخط الأحمر...تهديدات في زمن استعراضي غير مسبوق في تاريخ الكفاح الوطني الفلسطيني، وكأن التهويد يتسارع خطاه كلما تعالت صرخات "القدس خط أحمر"، فتصبح قوة دفع وليس قوة عرقلة، وتلك بذاتها باتت "أم الفضائح" لفصائل لا تترك فرصة لتدمير بقايا سلطة كيانية شكلت رأس حربة لكسر المشروع التهويدي.
في زمن السلطة الأول، ما قبل "سلطات فصائل الخط الأحمر والقصف الصاروخ لما بعد تل أبيب، كان أمر المواجهات مع العدو لا ينتظر التفكير بمواجهة كل ما يمس المقدسات الوطنية، والرموز الدينية، فالرد وبكل أشكال المواجهة كان الخيار الذي لا يحتاج جدلا ولا إرسال رسائل غرقت في مياه مستنقعات المشهد ما بعد اغتيال الخالد ياسر عرفات، وبأدق اغتيال "الوطنية الفلسطينية لصالح الفتنة الفلسطينية".
هل بدأت دولة الكيان الاحلالي تنفيذ ما كان سببا رئيسا لمخاوف الخالد أبو عمار حول القدس والمسجد الأقصى...بمساعدة فصائل فلسطينية باتت خطوطها الحمراء كيف لها الحفاظ على وجودها الخاص وما لها "امتيازات".
ما يحدث لم يعد شعارا للتهويش أبدا، بل حقيقة سياسية تسير بخطى متسارعة لتهويد الحرم القدسي بساحة البراق والجدار، وشعار أهل الحكم في فلسطين وفصائلها مستبدلين "القدس الخط الأحمر" بدعاء "للمسجد رب يحميه".. ولك الله يا قدس في البلاء المركب!