في اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير، الذي أقر اتفاق أوسلو عام 1993، لعن أغلبية الأعضاء الحضور من المشاركين في الاجتماع، لعنوا سنسفيل أوسلو، وبعد خطابات استمرت من العاشرة والنصف مساءً، في تونس، المقر المؤقت آنذاك للرئاسة الفلسطينية، حتى الواحدة والنصف فجراً، اختصر أبو عمار رده على منتقدي أوسلو بقوله: «ده بس مساوئ أوسلو، أوسلو أسوأ من كده بكتير» وسأل من هنا (من تونس) كم كيلو متر للقدس فردوا عليه: لا يقل عن ثلاثة آلاف كيلومتر، وسأل من هي الأقرب إلى القدس؟؟ هل هي غزة وأريحا أم تونس والجزائر والقاهرة وعمان وبغداد ودمشق؟؟.
وقال: أنا ذاهب إلى غزة وأريحا الأقرب إلى القدس من يأتي معايا أهلاً وسهلاً ومن يبقى في موقعه خارج فلسطين فله الحرية والتحرك» وهكذا فعلها ياسر عرفات.
مساوئ أوسلو كثيرة يمكن رصدها، ولكن ما حققه أبو عمار عبر أوسلو هو الإنجاز التاريخي الثاني للشعب الفلسطيني، الأول تمثل بولادة منظمة التحرير عام 1964 على يد أحمد الشقيري، وانطلاقة مسيرة الكفاح المسلح يوم 1/1/1965.
الإنجاز الأخير الذي حققه أبو عمار لشعبه هو اتفاق أوسلو، الذي أدى إلى:
1 - الاعتراف الأميركي الإسرائيلي المزدوج بـ: الشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني.
2 - وعلى أرضية هذا الاعتراف تمت الخطوات التالية:
أ. الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من المدن الفلسطينية بدءاً من غزة وأريحا أولاً.
ب. عودة الرئيس الراحل ياسر عرفات ومعه أكثر من 350 ألف فلسطيني، عادوا إلى فلسطين خلال الفترة الممتدة من 94 إلى 1999.
ج. ولادة السلطة الفلسطينية داخل وطنها وحكمها الذاتي مقدمة لقيام الدولة الفلسطينية.
د. وآخرها وأهمها نقل الموضوع الفلسطيني برمته من المنفى إلى الوطن، فتحول الصراع من خارج فلسطين إلى داخل فلسطين، بأدوات فلسطينية في مواجهة عدو الفلسطينيين.
الفلسطينيون لا عدو لهم، سوى عدو واحد هو: 1- الذي يحتل أرضهم، 2- يُصادر حقوقهم، 3- يتطاول على كرامتهم.
لقد تم تمرير اتفاق أوسلو في البرلمان الإسرائيلي بأصوات الفلسطينيين الخمسة: 3 من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة برئاسة توفيق زياد، و2 من الحزب الديمقراطي العربي برئاسة عبدالوهاب دراوشة، ولولا النواب الفلسطينيون الخمسة لما تمت الموافقة على اتفاق أوسلو لدى البرلمان الإسرائيلي حيث إن حزب العمل برئاسة اسحق رابين مع حركة ميرتس كان لديهم 56 مقعداً، وكان لدى الليكود برئاسة اسحق شامير 59 مقعداً رفضوا وصوتوا ضد أوسلو، فكانت الأصوات الفلسطينية الخمسة هي المرجحة.
المعركة الإسرائيلية الثانية ضد أسلو تمت باغتيال رابين يوم 4/11/1994، وسقوط شمعون بيرس أمام نتنياهو في الانتخابات شهر أيار 1995.
وهكذا أفشل الإسرائيليون اتفاق أوسلو حتى جاء شارون وأعاد احتلال المدن الفلسطينية في شهر آذار 2002 وحصار عرفات واغتياله من قبل شارون مع نهاية العام 2004.
حكومات المستعمرة، عملت على إلغاء أوسلو عملياً، وتأكيد سيطرتها واحتلالها، على كامل مدن وأراضي الضفة الفلسطينية، باستثناء المقاطعة وهي مقر السلطة ورئيسها، وهي ستبقى كذلك وتسمح بدور للسلطة حتى غياب الرئيس محمود عباس ورحيله، وعندها لكل حادث حديث.