القدس المحتلة - "إنّ النفوذ المتغلغل للوبيات الإسرائيلية داخل المؤسسات الأوروبية، خاصة على مدار العقدين الماضيين، شوّه الموقف الأوروبي تجاه الإبادة الجماعية الاسرائيلية في غزة والتطهير العرقي والفصل العنصري في القدس وباقي انحاء الضفة الفلسطينية، وحوّل الاتحاد الأوروبي إلى أداة بيد منظومة جرائم حرب الاحتلال، يُستخدم لتبرير وحشيتها وانتهاكاتها للقانون الدولي"، هذا ما أكّده ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح.
وأضاف القيادي الفتحاوي: "ما يزيد عن 20 منظمة ضغط إسرائيلية، من بينها معهد عبر الأطلسي والمكتب الأوروبي للجنة اليهودية الأمريكية، نجحت في استقطاب مئات المسؤولين والنواب الأوروبيين، وتحويلهم إلى أدوات لخدمة أجندة الاحتلال عبر إغراقهم في رحلات فاخرة إلى تل أبيب والقدس المحتلة، بالإضافة إلى سلسلة من الامتيازات المادية التي تضمن ولاءهم المطلق وتكميم أفواه أي أصوات أوروبية قد تتجرأ على فضح جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني."
وأردف دلياني: "هذه الشبكة المتغلغلة من اللوبيات الصهيونية تهدف إلى تبييض السجل الإجرامي لدولة الاحتلال وتسعى إلى إحكام قبضتها على دوائر صنع القرار في أوروبا، لتُبقي الكيان فوق القانون وتكرّس إفلاته التام من أي محاسبة دولية. والنتيجة هي إطار سياسي أوروبي لا يكتفي بتوفير الغطاء لجرائم الاحتلال، بل يعمل على تمكينها وتعزيزها على المستويات كافة."
وأشار المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح إلى الهيمنة الإسرائيلية على المشهد السياسي في إيطاليا كأحد أكثر الأمثلة وضوحاً على مدى تغلغل الاحتلال في أوروبا، قائلاً: "لقد أصبحت كُبرى المؤسسات السياسية في إيطاليا نموذجاً للارتهان الكامل للوبيات الصهيونية، في تناقض صارخ مع الموقف الشعبي الإيطالي الذي يرفض بأغلبية ساحقة الاحتلال العسكري غير الشرعي للقدس وباقي انحاء الضفة الفلسطينية وغزة. فمنظمة 'أصدقاء إسرائيل'، وهي كيان صهيوني متطرف يدعم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني، تمكّنت من تجنيد 33 نائباً إيطالياً في البرلمان الأوروبي، ليصبحوا مجرد أدوات تنفّذ أجندة تجعل السيادة السياسية والثقافية الإيطالية خاضعة لإملاءات نظام الاحتلال المجرم."
وأضاف دلياني: "هذا التناقض الفاضح بين إرادة الشعوب الأوروبية وبين المصالح الخاصة للسياسيين المنخرطين في شبكات اللوبي الصهيوني يكشف بوضوح أن عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي لم تعد قائمة على المبادئ الأخلاقية أو العدالة الدولية، بل أصبحت رهينة للفساد السياسي والتواطؤ مع جرائم الاحتلال. وهذا ما يتجلى في حالة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، الذي خلال فترة تولّيه منصب المفوض الأوروبي للصناعة بين 2010 و2014، سعى إلى دمج الاحتلال الإسرائيلي في عدة برامج أوروبية، ما أدى إلى قفزة نوعية في التبادل التجاري بين بروكسل وتل أبيب. انحيازه المطلق لهذا الكيان العنصري والدموي تجلّى في رفضه المطلق لإدانة المجازر التي أودت بحياة عشرات الآلاف من ابناء شعبنا الأبرياء في غزة والضفة."
وتابع دلياني: "قبضة الاحتلال على أوروبا تتجلى أيضاً في قمع أي صوت داخل المؤسسات الأوروبية يجرؤ على كشف الحقيقة. فبمجرد أن يفضح أحدهم هول جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين، تنهال عليه الاتهامات الجاهزة بمعاداة السامية، وهي الحيلة التي توظفها اللوبيات الصهيونية لإسكات أي صوت يكشف طبيعة المشروع الاستعماري التوسعي والعنصري الدموي الذي تمثله دولة الاحتلال."*
وفيما يتعلق بالإعلام الأوروبي، شدد دلياني على أن "التغلغل الصهيوني لا يقتصر على الميدان السياسي، بل يمتد ليخنق الإعلام الأوروبي ويحول مؤسساته إلى أبواق تروّج للرواية الصهيونية. تعتمد كبرى الصحف الأوروبية على التمويل الحكومي، ما يجعل استقلالها التحريري خاضعاً لمعادلات المصالح السياسية، ويضمن عدم تجرّئها على كشف الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني. هذا التواطؤ الإعلامي، المدفوع بالخوف والرقابة الذاتية أو المصالح، هو ما يُسهم في تشكيل رأي عام أوروبي مغيّب، ويُبقي الاحتلال بمنأى عن المساءلة، ويعزز التواطؤ الأوروبي في المأساة الفلسطينية المستمرة."
واختتم دلياني بالقول: "الصمت الأوروبي أمام الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق شعبنا هو تخاذل، بل اكثر من ذلك، فهو مشاركة وتواطؤ فعلي في الجرائم الاسرائيلية ضد الانسانية. أوروبا التي ادّعت يوماً أنها حاملة لواء حقوق الإنسان، أصبحت اليوم متواطئة في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في العصر الحديث."