اليوم الجمعة 21 فبراير 2025م
عاجل
  • الصحة: استشهاد طفل برصاص الاحتلال في مدينة الخليل
المنظمة الدولية للهجرة: 90% من المنازل في قطاع غزة مدمرةالكوفية الخارجية تدين اقتحام نتنياهو وكاتس لمخيم طولكرمالكوفية الصحة: استشهاد طفل برصاص الاحتلال في مدينة الخليلالكوفية ترامب يتحدث عن إعادة إعمار غزة.. ولكن بشروط!الكوفية مكتب إعلام الأسرى: من المتوقع أن تفرج إسرائيل عن 602 أسيرا فلسطينيا غدا السبتالكوفية وزارة الصحة: استشهاد الطفلة ريماس عمر عموري (13 عاما) برصاص الاحتلال في مخيم جنينالكوفية تفجيرات تل أبيب.. الشاباك يعتقل إسرائيليين يشتبه في تورطهماالكوفية إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال بلدة بيتا وقريتي قريوت وتل في محافظة نابلسالكوفية 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصىالكوفية حماس تطالب باستعادة "الجثمان الخطأ" وتحقق بشأن شيري بيباسالكوفية الرئاسة المصرية: الرئيس السيسي يغادر الرياض بعد مشاركته في اجتماع عربي غير رسمي حول القضية الفلسطينيةالكوفية عائلة بيباس تحمّل نتنياهو مسؤولية «التخلي» عن شيري وطفليهاالكوفية عائلة بيباس تحمّل نتنياهو مسؤولية "التخلي" عن شيري وطفليهاالكوفية نتنياهو من مخيم طولكرم: أصدرت الأوامر بتعزيز القوات في الضفة الغربيةالكوفية النازية الصهيونية: أرقام وحقائق مؤلمةالكوفية تفاصيل الدفعة السابعة من صفقة التبادل.. عدد الأسرى المفرج عنهم وأماكن التسليمالكوفية حماس تكشف أسباب عدم تسليم جثة الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباسالكوفية «كأس السعودية»: 14 جواداً في صراع للفوز بأغلى سباق بالكرة الأرضيةالكوفية ماريسكا: لست سعيداً بنتائج تشيلسيالكوفية مقتل إرهابي «خطير» في عملية للجيش الجزائري وسط البلادالكوفية

لا تحفظوا الأرقام

17:17 - 20 فبراير - 2025
سما حسن
الكوفية:

كانت لديّ خطة لم أستطع تنفيذها، وقد كان ذلك قبل الحرب بأيام قليلة، وكأن هناك إحساساً خفياً بداخلي يريد أن يخبرني عن الخطط المؤجلة التي قد تصبح في لحظة ليست ذات جدوى، فقد اكتشفت وبعد ان أصبح لدي هاتف محمول بسنوات تنقلت خلالها من هاتف إلى آخر، والحقيقة أنني منذ اختراع الهواتف المحمولة قد اقتنيت ثلاثة هواتف، وهذا الإنجاز يكاد يكون نادراً بالنسبة لأولئك الذين يسايرون الموضة حتى في شراء هواتفهم ويلاحقون تتطور تحديثاتها ويتفاخرون بذلك، ولكني لم أكن أفكر بتغيير الهاتف إلا حين يتوقف عن العمل تماماً، إضافة لسرقة جهاز هاتف من حقيبتي وسط السوق ذات يوم.
المهم أنني اكتشفت أنني لا أحفظ أرقام الهواتف على الإطلاق، وضحكت في صباح احد الأيام وأنا أقف في الشرفة حين اكتشفت انني أحفظ رقم هاتفي فقط، وهذا ما لا احتاجه إلا قليلاً، في حين أنني أطلقت أسماء على أرقام هواتف اولادي مثل كنية لطيفة لأحدهم، أو اسم التدليل لآخر، وكنتُ أبحث عن الاسم لكي أتصل بصاحبه، ولم يكن لدي ضرورة لكي أحفظ رقم الهاتف الذي يتكون من عدة خانات، واكتشفت ان قدرتي على الحفظ قد تضاءلت كثيراً، وأنني مازلت أحفظ رقم أول هاتف ارضي دخل بيتنا في نهاية سبعينات القرن الماضي، وكذلك رقم هاتف بيت جدتي والذي كان مسجلاً باسم امي، وقد قررت ان يكون وسيلة التواصل مع الجدة لأن أمي كانت امرأة عاملة وتجد مشقة في زيارة أمها كل يوم مثلاً.
تذكرت الأرقام وأنا أقف في الشرفة وابتسمت حين كنا نستخدم خدمة السنترال ونطلب الرقم من موظف يعمل هناك، وكثيراً ما كنا نشاكسه، وفيما كنا نفعل ذلك كنا نفرح حين تمسك جدتي سماعة الهاتف بالمقلوب وتتلو رقم هاتف بيتنا دون ان تخطئ، وقد كان مكوناً من ثلاثة ارقام فقط، ورغم انها لم تكن تقرأ وتكتب ولكنها حفظت رقم هاتف ابنتها حبيبة القلب والروح بسرعة وكانت تتلوه على مسامع موظف السنترال بآلية مضحكة.
تساءلت بيني وبين نفسي: ماذا سأفعل لو حل بي مكروه مثلاً؟ ماذا لو أُصبت في حادث وفقدت هاتفي مثلاً وطلب مني ان اخبر المسعفين الذين يحيطون بي برقم هاتف اقرب شخص لي لكي يأتي على وجه السرعة؟ وهنا اكتشفت انني لو فقدت رقم هاتفي سوف افقد طريقة الاتصال بأولادي، ولذلك قررت ان أحفظ رقمين على الأقل، قررت على سبيل التحديد ان احفظ رقم بنت وولد من الأبناء الأربعة.
قررت ذلك وبدأت النظر لخانات كل رقم على أمل ان تنطبع في ذاكرتي، ولكني فشلت في اليوم الأول ونسيت حتى المحاولة، حتى لذت بفراشي مساءً وسرحت وقلت لنفسي إنني أعرف كل أهل البلد وهم يعرفونني، فنحن قريبون من بعضنا ونعرف بعضنا البعض، ولو أصابني مكروه يكفي ان اخبر مَن حولي بعنوان سكني لكي يتطوع احدهم ويسألني إنتي جارة فلان وسوف يتصل بهذا الفلان ويخبره عن مكاني، وسوف يتطوع هذا الفلان بدق باب بيتي او ينادي على احد اولادي وهو يقف على قارعة الطريق فيما ينظر نحو الشرفة، هكذا كل شيء سيكون سهلاً وسريعاً لأننا في غزة الصغيرة التي يعرف أهلها بعضهم البعض، حتى لو كنتَ في اقصى الشمال وأصبت في حادث في اقصى الجنوب فسوف يصلون إلى عنوانك بأسرع مما تتخيل انت نفسك.
وهكذا شعرت ببعض الطمأنينة وواسيت نفسي بأنني يجب علي عدم توقع السوءـ وطردت الأفكار السوداء حتى جاءت الحرب ونزحنا وصرنا في اقصى جنوب القطاع فعلاً، وأصبحت الاتصالات صعبة وأحياناً مستحيلة، بل لقد قطعت الاتصالات مراراً وتحولت الهواتف في أيدينا لمجرد لعبة، وهنا همست لنفسي: لم يعد هناك فائدة لكي احفظ ارقام الهواتف.
وبعد شهور من المعاناة والألم والتنقل من مكان إلى مكان أصبحت أرقام هواتفنا جميعاً بلا فائدة بعد ان خرجنا من الوطن واستقر بنا الحال في مدينة القاهرة، ولكن هاجس الخوف تملّكني أكثر وقررت أن احفظ رقم هاتف احد اولادي، فأنا هنا في مدينة غريبة وواسعة وموحشة، ولو وقع لي حادث فسيكون من الصعب الوصول لأحد أولادي، ولكني قررت ألّا أحفظ أرقام هواتف أولادي لأنه كان من الأولى أن أحفظ أرقام هواتفهم في بلدنا الذي كان اسمه هو عنواني.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق