اليوم الاثنين 25 نوفمبر 2024م
قصف مدفعي على مناطق شمال غرب قطاع غزة محيط منطقة الصفطاويالكوفية مصابون بقصف طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة الجرو بحي الشجاعية شرقي مدينة غزةالكوفية الهلال الأحمر: 13 إصابة جراء سقوط صاروخ اعتراضي على عدة منازل في مخيم طولكرمالكوفية الاحتلال يعتقل 3 مواطنين من بيتونيا والمغير قضاء رام اللهالكوفية تطورات اليوم الـ 415 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا وبمستوطنات بالضفةالكوفية غانتس يدعو للعمل بقوة ضد أصول الحكومة اللبنانيةالكوفية إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنينالكوفية الاحتلال يصادر 52 ألف دونم بالضفة خلال العام الجاريالكوفية إطلاق نار من آليات الاحتلال شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: الاحتلال صادَر 52 ألف دونم من أراضي الضفة خلال العام الجاريالكوفية 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضيالكوفية الدفاع المدني محذراً: النازحون أمام مخاطر كبيرة بفعل مياه الأمطارالكوفية الاحتلال يوزع إخطارات هدم واستدعاءات في بلدة سلوانالكوفية «أونروا»: محاولات إدخال الدقيق لغزة تُجابه بعقبات كبيرةالكوفية 35 شهيدًا و94 مصاباً في 4 مجازر إسرائيلية بغزةالكوفية مستوطنون يدمرون أشجار الزيتون جنوب بيت لحمالكوفية طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط مدينة جباليا البلد شمال قطاع غزةالكوفية ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دمويةالكوفية الدوري الإيطالي: بيكولي يحرم فييرا فوزه الأول مع جنوىالكوفية

سبارتاكوس الفلسطيني

18:18 - 10 ديسمبر - 2020
عيسى قراقع
الكوفية:

الكاتب الأسير خليل أبو عرام في كتابه القديس والخطيئة يتحرر من خلف مؤبداته القاسيات، يخرج من المعبد، يحمل صليبه وفأسه ويهدم الأصنام، يحاسبنا واحدا واحداً في المسافة المتبقية بين الجنة والجحيم، فالضحايا تصارع الضحايا، يمتصهم الواقع القمعي ويحولهم الى مختلفين وحيارى، وفي كتابه النقدي الجريء يتحدث عن مفهوم أعمق وأوسع للسجن ويكشف أن الجدران والأسلاك والابواب الموصدة والقمع والطمس والعزل والإرهاب الصهيوني ليست هي العائق أمام إرادة الحرية، وإنما ما زرعه الإحتلال في اسمنت السجن وهوائه ونظامه اليومي ما هو أقسى من السجن وأشد: نظاماً مبرمجاً يطوق الروح ويحاصر العقل ويجعل من كل أسير مجرد شيئ أو آلة.

يتحدث خليل في كتابه كيف أطلق السجان في فضاء السجن كل قواه غير المرئية والناعمة بأساليب شتى كنشر الفساد والشلليه والنوازع المصلحية والاستزلام ، وبنى بذلك سجناً آخر في داخل السجن، مملكة تسيطر عليها مفاهيم الفردية والشخصانية والمنفعية والنرجسية، صار السجن الضيق يضيق أكثر على ساكنيه، وصار السجن الضيق حبل مقصلة لمفاهيم الثورة وقيمها تعدم الذات الداخلية للمعتقلين وكل تلك المعاني التي تسطرها التضحية وابجدية الهوية.

الأسير خليل أبو عرام ضحية الإحتلال الصهيوني يرفض أن يتحول الى ضحية أخرى على يد أصحاب الخطايا الآثمين وهؤلاء الشياطين الذين دنسوا مفهوم الحرية ورمزية الأسير بتعاونهم مع ضباط استخبارات السجون، هؤلاء الآثمين تحولوا الى رجال كابوا لتدنيس مشروع التحرر الوطني الذي يمثله الأسرى والمعتقلون من خلال أدوارهم التي يقومون بها نيابة عن السجان.

الكاتب يسلط الضوء على السياسة الاسرائيلية التي حولت الشعب الفلسطيني الى سجين في كانتونات ومعازل وتجمعات ضيقة وأسست نظام الفصل العنصري ونظام فرق تسد، هذا الفصل الأفقي والعمودي انتقل الى داخل السجون حيث التجزئة والانقسام والتشظي والفوضى، يرافقه نظام تحوير مفاهيم الأسرى وأولوياتهم وانهيارنظمهم الداخلية، ونقل مجتمع الاعتقال من مجتمع مقاوم وسلطة ثورية متماسكة الى واقع يسوده الترهل وغياب الوحدة والحياة المشتركة والتضامن الجماعي، تحويل ساحات السجون الى ممالك وامبراطوريات ومخترات وأسواق وتجارة وخصخصة النضال وتدمير التقاليد الاعتقاليه ونظمها واعادة تشكيل وعي الاسرى ثقافياً واجتماعياً بما يخدم نظام السيطرة في السجون.

الكاتب يوثق المتغيرات التي جرت على الحركة الاسيرة بعد عام 2004 ويحاول أن يبحث بشكل مدروس من موقع المسؤولية عن أسباب هذا التردي الذي جرى على حياة الأسرى وفقدانها لقدسيتها وسحرها،وهو محاولة لاستعادة دور الحركة الوطنية الاسيرة كجزء من المشروع الوطني والتحرري لمقاومة الاحتلال ومحاربة كل أدوات الفساد داخل السجون والتي قادت الى الخطيئة والخطايا وأصبحت شريكة للسجان بتقنياته الجديدة بتحويل الأسرى الى مجرد ارقام مقيدين بسلاسل أقوى من سلاسل الحديد وهي المصلحة والمال واضمحلال المطامح وتحويل الأسرى الى مجرد مستهلكين مكتفين بما يحصلوا عليه من طعام ومايودع من حساباتهم من أموال، انه يعلن تمرداً في نصوص هذا الكاتب على سياسة التدجين والمساومة وعلى الطابور الخامس داخل السجون.

هذا الكتاب هو صرخة وعي في عدة اتجاهات من أجل حماية الروح النضالية للأسير الفلسطيني من محاولات افنائها، وهو نقد موجه الى كل الفصائل والقيادات والمسؤولين الذين لم يقوموا بدورهم ومسؤوليتهم في وضع الضوابط لكل أشكال التسيب التي أصابت جسم الحركة الأسيرة المقدس والسماح لأصحاب الخطايا أن يسودوا ويتحكموا بمصير المعتقلين في السجون.

الكتاب برغم ما في مضمونه من ألم ووجع إلا انه يحمل رسالة ثورية وتفاؤلاً بالمستقبل، الغالبية من المعتقلين أدركت المخاطر التي تهدد حياتهم لهذا أعلنوا اضراب الحرية والكرامة في نيسان 2017 بقيادة  الأسير مروان البرغوثي بهدف إعادة الهيبة والمكانة للحركة الأسيرة ودورها الطليعي في مقاومة الإحتلال واسقاط نظام الكابو داخل السجون.

كتاب القديس والخطيئة يستكمل معركة الحرية والكرامة ويتحول الى انجيل لتلك الملحمة التي دفع الأسرى ثمناً قاسياً خلالها داخلياً وخارجياً، الكتاب يقرع الجرس مرة أخرى ويكسر الصمت ويخلع الوتد.

هذا الكتاب هو هزة انسانية ومحاكمة للجميع، فمجرد ان يكتب خليل هذا الكتاب وبهذه الجرأة وبهذا الوضوح فهو يعلن ثورة على كل الهياكل البائسة والفاسدة وعلى نظام السيطرة الجديد، يخرج من المعبد يحمل الشعلة، يفتح أبواب المعبد ويخرج النور من الظلام والحشر، هذا الكتاب ثورة في ثورة أبعد من السجن وأقرب الى غضب الشعب.

الأسير خليل أبو عرام في كتابه يطرح مشروعاً سياسياً واجتماعياً وثورياً نهضوياً للخروج من الهاوية وترميم كل الانكسارات والتراجعات التي أصابت القضية الفلسطينية والحركة الأسيرة، مشروع يقوده القديسون الأطهار ضد الشياطين الكثر والذين يتقنعون في أشكال ومسميات عديدة.

الكاتب خليل أبو عرام يخرج من المعبد يروي فصول الخطيئة، يتمرد على خوفه المتربص، يعري عبارات الطهر التي يتشدق بها البعض، انه سبارتاكوس الفلسطيني يقود ثورة المقهورين والمعذبين للحصول على حريتهم ضد أصحاب الممالك والاقطاعيات والمصالح التي اسستها ادارة سجون الاحتلال.

قال الشاعر العربي الكبير أمل دنقل في قصيدته كلمات سبارتاكوس الأخيرة:

معلقٌ أنا على مشانق الصباح

وجبهتي بالموت محنية

لأنني لم أحنها حية

يا إخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين

لا تخجلوا، ولترفعوا عيونكم إليّ

لانكم معلقون جانبي

على مشانق قيصر

فالترفعوا عيونكم إليّ

لربما إذا التقت عيونكم في الموت في عينيّ

يبتسم الفناء داخلي، لانكم رفعتم رأسكم مرة

كلمات مفتاحية
كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق