الكوفية:تل أبيب: قالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن اتفاق التطبيع الاقتصادي بين صربيا وكوسوفو، الذي وُقّع في البيت الأبيض، يوم الجمعة الماضي، خطوة أخرى في الطريق الطويل لعلاج الجراح المفتوحة الأخيرة لتفكك يوغسلافيا، أحد الفصول المظلمة لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأضافت، أنه "مع ذلك، لم يكن ممكناً تجاهل أن الحدث أصبح أداة في يد الرئيس دونالد ترامب لخدمة أغراضه الانتخابية بعد شهرين، بينما جرّت إسرائيل والصين الى الاتفاقات".
وأشارت الصحيفة في تقرير أعده حاييم ايسروفيتس، إلى أنه ابتداء من العام 1945، وبعد تحرير كوسوفو من الاحتلال النازي أصبحت هي وسكانها المسلمون جزءاً من يوغسلافيا تحت قيادة تيتو، وفي العام 1974 تلقت كوسوفو مكانة حكم ذاتي في إطار يوغسلافيا. ولكن بعد مرور ست سنوات على وفاة تيتو تعاظمت مطالبة السكان الألبان في كوسوفو من أجل الحصول على مكانة جمهورية.
وتابع التقرير، بدأ الزعيم الجديد ليوغسلافيا، سلوبودان ميلوسوفيتش بالعمل على إلغاء الحكم الذاتي فأعلن زعماء الإقليم عن الاستقلال في 1990 وفي 1992، ولكنهم لم يحظوا بالاعتراف.
مع اندلاع حروب الاستقلال في البلقان نفذ الصرب ترحيلا إكراهيا، حيث طُرد الألبان من بيوتهم وجيء مكانهم بالصرب من البوسنا ومن كرواتيا، وفي منتصف التسعينيات أقيم جيش تحرير كوسوفو، منظمة حرب عصابات البانية بدأت تضرب أهدافا صربية، ورد ميلوسوفيتش بقوة – قتل المئات واقتلع الآلاف من بيوتهم. في آذار 1999 شن حلف الناتو عملية جوية ضد صربيا.
وأوضح، بعد ثلاثة أشهر استسلم ميلوسوفيتش، وتلقت الأمم المتحدة و»الناتو» السيطرة في الإقليم، فيما حظي السكان بحكم ذاتي، وانتخبوا برلمانيا ورئيسا، واصطدمت المحاولات الدولية لوضع خطة تؤدي إلى استقلال كوسوفو بمواقف متصلبة من الطرفين، وفي شباط 2008 أعلنت قيادة كوسوفو انسحابا من طرف واحد من صربيا وعن استقلال الدولة.
حتى نهاية هذا الأسبوع اعترفت 97 دولة فقط في أرجاء العالم باستقلال كوسوفو، فيما أحبطت صربيا وحليفتها روسيا، إلى جانب الصين، ضم الدولة الشابة إلى منظمات دولية.
وتابع، بالضبط مثلما في مساعي السلام للإدارة في الشرق الأوسط، والتي وضعت التشديد على البعد الاقتصادي قبل السياسي، في الاتفاق الجديد - الذي جاء بعد أن أجرت الدولتان في الأشهر الأخيرة محادثات بوساطة ريتشارد غيرنيل، مقرب الرئيس دونالد ترامب والسفير السابق في ألمانيا ومدير أسرة الاستخبارات - استهدف توفير دافع اقتصادي لتحسين العلاقات، وهو يتضمن ضمن أمور أخرى وعودا للدفع إلى الأمام ببنى تحتية مشتركة، والبدء بسكك قطارات وطرق سريعة وحتى منطقة مفتوحة بلا حدود، ولكن حل المسألة السياسية باعتراف صربي باستقلال كوسوفو لا يزال بعيدا جدا وليس واضحا إذا كان سيتحقق في المستقبل القريب.
وأشار إلى أنه من أجل فهم الاتفاق الذي تم، يوم الجمعة الماضي، يجب النظر إلى ما وراء أوجه التعاون الاقتصادي، والفهم بأن الحديث يدور عن خطوة أخرى لترامب في الطريق إلى الانتخابات.
أولاً الصراع مع الصين وجد تعبيره في بند أعلنت فيه الدولتان أنهما لن تشركا «موردين غير ذوي صداقية» في إقامة شبكات الجيل الخامس، وهو تلميح واضح إلى هواوي الصينية، وصفعة لبيكين بعد أن ساعدت كثيرا صربيا في مواجهة وباء «كورونا»، بنود مفاجئة بقدر لا يقل تحدثت عن الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وكوسوفو والوعد الصربي بنقل السفارة إلى القدس في الصيف القادم (والذي يبدو أن رئيس صربيا ما كان على علم به، مثلما بدا في نظرته المتفاجئة عندما أعلن ترامب عن ذلك).بالنسبة لترامب تعد هذه غمزة للقاعدة الافنجيلية، ولا سيما مع إعلانه عن أن هذه خطوة أخرى نحو السلام مع الشرق الأوسط حين تعترف دولة إسلامية أخرى بإسرائيل، ولا يهم إذا كانت توجد في أوروبا، لم تقاتل إسرائيل أبدا، وإن إسرائيل تدير منذ الآن علاقات قريبة مع دولة إسلامية أخرى في أوروبا، ألبانيا، الحليفة المخلصة لكوسوفو، بالنسبة لإسرائيل يدور الحديث عن تغيير في الموقف التقليدي الذي يمتنع عن الاعتراف بكوسوفو، خشية أن تعترف دول أخرى باستقلال من طرف واحد بالفلسطينيين، وعن إنجاز لبنيامين نتنياهو، حين تنقل دولتان جديدتان سفارتيهما إلى القدس.
ولكن عندما يعربد «كورونا» في إسرائيل ولا يعرف المواطنون كيف سيبدو رأس السنة المقترب، والولايات المتحدة أيضا لا تزال تعاني بشدة من الوباء، يبدو الاتفاق الجديد مثل لعبة سياسية أخرى لا ترتبط دوما بالواقع.