اليوم الاثنين 25 نوفمبر 2024م
قصف مدفعي على مناطق شمال غرب قطاع غزة محيط منطقة الصفطاويالكوفية مصابون بقصف طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة الجرو بحي الشجاعية شرقي مدينة غزةالكوفية الهلال الأحمر: 13 إصابة جراء سقوط صاروخ اعتراضي على عدة منازل في مخيم طولكرمالكوفية الاحتلال يعتقل 3 مواطنين من بيتونيا والمغير قضاء رام اللهالكوفية تطورات اليوم الـ 415 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا وبمستوطنات بالضفةالكوفية غانتس يدعو للعمل بقوة ضد أصول الحكومة اللبنانيةالكوفية إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنينالكوفية الاحتلال يصادر 52 ألف دونم بالضفة خلال العام الجاريالكوفية إطلاق نار من آليات الاحتلال شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: الاحتلال صادَر 52 ألف دونم من أراضي الضفة خلال العام الجاريالكوفية 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضيالكوفية الدفاع المدني محذراً: النازحون أمام مخاطر كبيرة بفعل مياه الأمطارالكوفية الاحتلال يوزع إخطارات هدم واستدعاءات في بلدة سلوانالكوفية «أونروا»: محاولات إدخال الدقيق لغزة تُجابه بعقبات كبيرةالكوفية 35 شهيدًا و94 مصاباً في 4 مجازر إسرائيلية بغزةالكوفية مستوطنون يدمرون أشجار الزيتون جنوب بيت لحمالكوفية طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط مدينة جباليا البلد شمال قطاع غزةالكوفية ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دمويةالكوفية الدوري الإيطالي: بيكولي يحرم فييرا فوزه الأول مع جنوىالكوفية

هل أصبح المجتمع الفلسطيني مجتمعا "كسيحاً"؟

12:12 - 30 مايو - 2020
د. إياد رابعة
الكوفية:

 يعرف عالم الاجتماع العربي حليم بركات المجتمع بأنه "تآلف معقد يشمل بين مقوماته الأساسية الأفراد والجماعات والوطن البيئة والسكان والتنظيم الاجتماعي والمؤسسات والبُنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بمختلف تفرعاتها واتجاهاتها فيما بينها ومع المجتمعات الأخرى عبر تاريخ سحيق في قدمه"، ويزيد بالقول إن المجتمعات العربية متنوعة وتشمل (المجتمع المتجانس، المجتمع التعددي، المجتمع الفسيفسائي) وبالنظر إلى سياقات الحروب والنزاعات السياسية والصراعات والاضطرابات التي طغت على الساحة الفلسطينية خلال الثلاثة عشر عاما والتي نجزم بأنها ساهمت في ضعضعة بُنية المجتمع على صعيد المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والهوية الوطنية وتم تدمير الإنسان الذي يعتبر الركيزة المحورية للنماء والتطور، والتحرر.

حقا إننا نعيش في مجتمع كسيح، والمجتمع الكسيح الذي نعيش فيه هو مجتمع مريض ومعقد تنهشه الذئاب والكلاب والأمراض وتعصف به العواصف لا يقوى على الاستقامة دمرته الحروب والويلات والمصائب وشلت حركته، يعاني من إعاقة فكرية وذهنية وحركية يهدر طاقته وإمكانياته في الترهات والسفاسف خارج قارعة التحضر.

المجتمع الكسيح: مفكك خالٍ من المهاجع الدفاعية قاطن بين جدران الخوف والريبة والشك والزيف والاستلاب يتلذذ بطعم فاكهة الخرافات والخزعبلات والجهل والبلادة الذهنية لا علاقة له بالعلم والمعرفة والتطور ولا يحترم الكرامة العقلية والعقل المنير، المجد فيه للمخبولين والطائشين والسُّراق.

المجتمع الكسيح: مجتمع تبعية وخنوع وارتزاق مجاله الثرثرة والفسفسة والتكفير والتخوين والزخارف اللفظية والخطب المنبرية، تحول فيه بعض البشر إلى كائنات خشنة ومتصحرة لا يهمها إلا شهوة البطن والفرج.

المجتمع الكسيح: بلا دولة ولا مؤسسات وبلا وعي ولا قيادة ولا أفق فيه للعقل والعلم والمعرفة والثقافة والسكينة المادية والروحية يعيش في دوامة من الاحترابات والهرج والمرج والقلق والرعب وغارق حتى أذنيه في الأوهام والانقسامات الحادة ويعيش على شيء من القلة والشظف وتنمو في تربته الفطريات الخبيثة وتترسخ فيه أقدام التوحش لكائنات غريبة الأطوار تبتلع كل شيء المال والغذاء والدواء والأحجار والأشجار والرمال وتشفط الهواء وتبتلع البحار والمياه والأراضي وتتحول فيه زُمر بشرية من كائنات اجتماعية إلى كائنات غرائزية تطلق شهواتها ونزعاتها الذئبية إلى أبعد مدى، فالإنسان في هذا المجتمع لا هم له سوى الحصول على مقومات الحياة الضرورية ولقد تم إغراقه بهموم ومشاكل يومية وتتم هندسة حياته القاتمة بسلسلة متواصلة من الأزمات حتى لا يقوى على النهوض والتفكير السليم. من علامات هذا المجتمع عدم الاكتراث بالإنسان وحقوقه وآدميته وانتشار الفساد والفوضى والمحن والقلاقل التي طحنت عظامه وخربت عالمه الداخلي وأصبح يسير بلا هدى ولا بصيرة فقد الأمل في السلام والأمان والعيش الكريم وانغمس في متاهات لا حصر لها.

المجتمع الكسيح: جامد وغير متحرك مصاب بعمى الألوان غير قادر على استغلال ثرواته وتدبير حياته وعاجز عن إدارة أموره ينتظر الإرشادات والتوجيهات والمساعدات ويعيش على ما يقدمه المجتمع الدولي من مساعدات وهبات وعطايا ولا يعرف مكامن القوة والضعف في مسار إيقاعات حياته اليومية وتفكيره آني لا ينظر أبعد من أرنبة الأنف يرعى مصالح الغير وينسى مصلحته ويبدد طاقاته اليومية في البحث عن (الراتب، أنبوبة الغاز، الماء، الكهرباء، تردي الخدمات) ومشغول بتوفير لقمة العيش وبغلاء الأسعار وانعدام الأمن والأمان المواطن يعيش في فضاءات منهوبة ومنكوبة زاخرة بالمرارات والهزات النفسية والحياتية الكبرى. المجتمع الكسيح: بلا ضوابط ولا مؤسسات وبمنأى عن سلطة النظام والقانون، عقيم وفاسد استشرت فيه النفوس الملطخة بالقذارة يدمر كل شيء ويسير بخطى ثابتة في عالم الخراب ويغوص في بحر غوير من الإعاقات والكسل والشلل الاجتماعي والثرثرة والأمراض المزمنة وأضحى مطمرا عظيما للكفاءات والعقول النيرة.

ماذا أنتج المجتمع الكسيح: لقد أضحى الشعب الفلسطيني يترنح ما بين الحياة والموت تطوقه الحروب والاحتلال والحصار من جهة، وتخنقه أصابع الاستبداد والظلم والقهر والجهل وتسومه العتمة والفوضى وانحطاط الوعي الزائف المرتوق بلعب كيدية وخطابات منبرية تصب الزيت على النار وتذكي المشاعر الحزبية والشخصية والعنصرية وتشقق اللحمة الوطنية. لا مكان في الساحة الوطنية الفلسطينية اليوم للتنمية والثقافة والعلم والمعرفة والعقول المستنيرة، أصبح الفضاء العمومي ملعبا للغوغائيين والجهلة والمشعوذين والنخب المريضة التي أدمنت الكذب والفهلوة وجيشت الغرائز العصبوية والحزبية. مستقبل القضية الفلسطينية قاتم في مهب الريح، فالمشهد درامي مترع بالقتل والجرائم والحرب والنهب والدمار والهجرة والفقر والبطالة.

فحسب تقديرات وإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2019م 37 في المائة من سكان قطاع غزة يفكرون في الهجرة من قطاع غزة، نتيجة الأوضاع المتدهورة التي يعيشونها، فضلا عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة حيث مستوى البطالة وصل إلى مرحلة مزعجة جدا تجاوزت 50 في المائة، وأن ثلث السكان يعيشون دون خط الفقر الوطني العام، هذا بالإضافة إلى بروز الكثير من الظواهر الاجتماعية الوليدة والخطيرة كالانتحار، وجرائم القتل، والتسول، والتفكك الاجتماعي والأسري واللامبالاة. السؤال الذي يطرح نفسه هل يعي راسم وصانع القرار الفلسطيني ما انعكاسات وخطورة أن يصبح الشعب أو المجتمع كسيحا على مستقبل وكيان الوجود الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والاستيطان؟

 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق