- آليات الاحتلال تطلق نيرانها بشكل عشوائي باتجاه خيام النازحين جنوب مواصي رفح
- صافرات الإنذار تدوي في المطلة ومحيطها في إصبع الجليل
منذ احتلال الشطر الشرقي للقدس عام 1967، فرضت سلطات الاحتلال على سكان القدس قيوداً متعددة، وأعطتهم تصنيفاً قانونياً شاذّاً يستهدف شطبهم من سجل الوجود وهم أحياء، فتعاملت معهم على أنّهم مقيمون دائمون لديها، واعتبرت سجنهم والأحكام الصادرة بحقهم شأناً داخليّاً وأن قوانينها تنطبق عليهم مثلهم مثل السجناء اليهود. لكنها في الوقت ذاته لا تمنحهم نصف الحقوق التي تمنحها لغيرهم من السجناء اليهود. فلا هي اعترفت بانتمائهم للأراضي المحتلة عام 1967، ولا هي منحتهم مواطنة الدّولة العبريّة كبقيّة المواطنين الفلسطينيين في أراضي الـ48.
هذا الوضع القانوني المبهم والظّالم، تمتدّ آثاره لتشمل الأسرى المقدسيين في سجون الاحتلال الذين يعاملون كفلسطينيين في الزنازين أو حين يطالبون بحقوقهم، ويعامَلون كمواطني دولة الاحتلال حين يكون هناك صفقات لتبادل الأسرى أو حقوق تُمنح للأسرى الفلسطينيين نتيجة إضرابهم عن الطّعام وغيرها من الخطوات الاحتجاجيّة.
وكما بقيّة الأسرى الفلسطينيين يعاني الأسرى المقدسيّون من قسوة التعذيب والعزل الانفرادي، وسوء ظروف الاعتقال المعيشيّة والصحيّة ووحشيّة تعامل جنود الاحتلال معهم، والسعي الدائم لعزلهم عن الآخرين والاستفراد بهم. إضافةً إلى الإهمال الطبّي المتعمّد الذي استشهد بسببه 8 أسرى من أصل 18 شهيدا من الأسرى المقدسيين سقطوا في سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1967 وحتّى اليوم، منهم قاسم أبو عكر، اسحق مراغة، عمر القاسم، مصطفى العكاوي، حسين عبيدات، محمد أبو هدوان، عزيز عويسات وغيرهم.
ولا تقتصر معاناة الأسرى المقدسيين على تدهور الحالة الصحيّة لبعضهم أو عدم تلقّيهم العناية الكافية، فمُعتقل المسكوبية في القدس الذي يُحقَّق فيه مع الأسرى المقدسيّين يُعتبر من أسوأ المعتقلات على الإطلاق في دولة الاحتلال، حتّى أن الفلسطينيين يطلقون عليه اسم معتقل الموت او النسلخ. فيما لا يزال قرابة (450) اسيرا مقدسيا يقبعون في سجون الاحتلال، بينهم نساء وشيوخ وأطفال ونواب وأسرى تحرروا في صفقة "شاليط" وأعيد اعتقالهم. ومنهم من أمضوا في غياهب السجون عشرين عاماً وما يزيد. بل ثلاثين عاما واكثر. هذا بالإضافة الى أن أهالي الأسرى يعانون من منع الزيارات تحت ما يُسمى "المنع الأمني" ومن المضايقات والتحرشات والإجراءات والاعتقالات الإسرائيلية المستمرة لهم أثناء توجههم للزيارة.
وللأطفال المقدسيّين حصّتهم من المعاناة أيضاً فدولة الاحتلال تحاكم الأطفال وتحتجزهم ضمن ظروف سيئة جدًّا، وهم يتلقون المعاملة نفسها التي يتلقّاها الأسرى الفلسطينيون الآخرون. ومنذ بداية انتفاضة القدس في الاول من تشرين اول/اكتوبر2015 ودولة الاحتلال تنتهج سياسة منظمة تستهدف سكان القدس وخاصة اطفال القدس والتضييق عليهم، فاعتقلت منذ اندلاع انافاضة القدس نحو (2500)طفل من القدس وصعدت من اجراءاتها القمعية بحقهم مثل إجراءات المحاكمة الطّويلة والمعقّدة، وفرض الغرامات المالية الباهظة، والتعذيب أثناء التحقيق، وعدم وجود رعاية صحية، والحرمان من الحق في التعليم. اضافة الى ابعاد العشرات منهم عن أماكن سكناهم وتحويل مئات البيوت الى سجون و العائلات المقدسية الى سجانين على أطفالهم بعد فرض الحبس المنزلي على أبنائهم القُصر. وهذا غيض من فيض مما يتعرض له اهلنا في القدس وخاصة الاطفال.
وأمام هذا الواقع المرير الذي يعيشه مواطنو وأسرى القدس فإنه يتوجّب على المعنيّين كافة من في فلسطين وخارجها التحرّك بكافّة السّبل لتحسين أوضاعهم وتثبيت حقوقهم وتعزيز صمودهم في وجه تعنّت الاحتلال وظلمه، والعمل على تحرير أسراهم من سجون الاحتلال، وحماية أبنائهم وأطفالهم ونسائهم من بطش الاحتلال واعتقالاته اليومية. فلا معنى للحديث عن التمسك بالقدس وحرية الأرض والمقدسات دون تحرير الإنسان وحماية واقعه ومستقبله من استهداف المحتل الإسرائيلي.
فالقدس بمقدساتها وتراثها وتاريخها وأروقتها وحجارتها وأهلها .. في خطر.!