الكوفية:خطف فيروس الكورونا، احتفالنا بذكرى معركة الكرامة،و أحبط فرحنا المعتاد لتقديم الولاء والمحبة للأمهات بهذا اليوم الدائم المتكرر : عيد الأم.
وننتقل من الاحتياطات الأمنية الصحية في الأردن، من حالة التراخي الشخصي، إلى حالة القرار الصارم الحازم بمنع التجول والتحرك، حرصاً على حياة الأردنيين، وحفاظا على مكانتنا صفر وفاة، وأقل من مائة إصابة ما بين مؤكدة ومشبوهة.
معركة الكرامة، أعادت للأردنيين جزءاً لكرامة الفرد مع كرامة الوطن التي أهدرهما جيش العدو الإسرائيلي في عدوان 5 حزيران 1967، باحتلال القدس والضفة الفلسطينية حينما كانتا جزءاً من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية منذ ما بعد نكبة 1948، حتى التوسع والاحتلال والاستيطان والضم بعد الاحتلال 1967، فأعادت الكرامة للأردنيين يوم الكرامة في 21 آذار 1968.
وشكلت معركة الكرامة محطة نوعية انتقالية للثورة الفلسطينية، جعلت مغامرة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية عملية واقعية، وحولتها من مغامرة محدودة الفعل والأثر، إلى إرادة شعبية جماعية اجتاحت مواقع وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين، فوضح انحيازهم، وسارعوا للانضمام والالتحاق لتكون أولويتهم العمل على تحرير فلسطين، وانتزاع حق العودة إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها، المفقودة المصادرة، من قبل مؤسسات المستعمرة الإسرائيلية وأجهزتها، على أثر نكبة 1948.
عيد الأم يذكرنا بالأعز والأقرب باتجاهين: أولاً نحو الأم التي أنجبتك وتحملت المشاق حتى تكون بما أنت عليه، ثانياً نحو شراكتك للأم الزوجة التي أنجبت أطفالكما.
خطف الكورونا منا بهجة وطنية صنعتها معركة الكرامة ، وخطف منا الاحتفال بالأقرب إلى أنفسنا، ولكن ما يُعوضنا إلى الآن، أن بلدنا وشعبنا رغم قسوة الإجراءات، مازلنا صفر وفاة، ويتم العمل للحفاظ على هذه النسبة، وأن يبقى عدد المصابين لدينا محكوم بالمراقبة والمتابعة والمعالجة، بعيداً عن الأذى والتعقيد والتفاقم.
نعيش بلداً فقيراً، ولكننا أغنياء بالكرامة والتفاهم والشراكة والحس بالمسؤولية، رغم وجود أقل من عشرة بالمئة هم سبب قرارات الحزم والصرامة لعدم الانضباط ، وهم لم يدركوا أن الاستهتار الأوروبي بالتعامل مع الحالة الصينية أدت إلى انتشار الوباء وسقوط آلاف الضحايا من الإيطاليين والأسبان وصولاً إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وبذلك تنتقل سخونة المشهد الصحي من توقف الإصابات المحلية لدى الصين، لتنتقل نحو أوروبا والولايات المتحدة، لتسود الرهبة لديهما، لأن القارتين لم تسلما من الأذى والإصابة، مما يدلل ويؤكد على شراكة البشرية، على الخير والشر، وأن أطماع التوسع والجشع هما أدوات نقل الشر في نفس الوقت، لعل هذه التجربة غير المسبوقة في وحدة المعاناة والإجراءات والتطلع إلى السلامة تقدم للبشرية فرصة التوقف والتقييم وتقديم الأدلة على أن الكرة الأرضية حقاً متساوية ندية بين شعوبها، مهما تعالت صراخات التمييز والادعاء بالتفوق من قبل هذا النظام أو ذاك، او من ضيقي الأفق الذين يعتقدوا بل ويتوهموا أنهم على حق أكثر من الآخرين، وهو ادعاء باطل، فالبشرية متساوية فيما بينها، وتراثهم مشترك فيما بينهم مهما اختلفت عقائدهم وتوجهاتهم وإيمانهم، أمثال الرئيس الخارج عن المألوف ترامب، ونتنياهو العنصري الاستعماري العدواني الذي يحمل تركات الاستعماريين الذين عملوا على التوسع وكره الآخر وتدميره ليعيش هو وعصابته.
بذكرى الكرامة وعيد الأم، كل عام وأنتم وشعبنا بخير