- مراسلنا: 5 شهداء في قصف للاحتلال على في جباليا النزلة شمالي قطاع غزة
- مراسلنا: مصابون في قصف "إسرائيلي" على نازحين في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة
- الطيران المروحي "الأباتشي" يطلق النار باتجاه المناطق الشمالية لقطاع غزة
سجون إسرائيلية كثيرة، يصعب الإحاطة بعددها أو التطرق إلى تفاصيلها وكافة أحداثها، وسجن بئر السبع واحد منها. تم تشييده بعد عام 1967، وافتُتح في الثالث من كانون ثاني/يناير1970.
يقع سجن بئر السبع على بعد خمس كيلومترات جنوبي مدينة بئر السبع، على الطريق المؤدي إلى مدينة أم الرشاش “إيلات”، في منطقة عسكرية صحراوية معزولة جنوب فلسطين. وبين جدرانه سقط العديد من الأسرى، شهداء جراء التعذيب أو الإهمال الطبي، ومن بين أولئك كان “فضل شاهين” الذي سقط ضحية الإهمال الطبي، في التاسع والعشرين من شباط/فبراير2008.
ولد فضل عودة عطية شاهين بمدينة غزة، في الثامن عشر من آب/أغسطس1961، وبعد ولادته بثلاث سنوات توفى والده، فحُرم من حنان الأب منذ صغره، فتكفل به أشقائه، وحرصوا على رعايته، فكبر وترعرع وهو يرى أخاه الكبير والده.
درس فضل في مدارس غزة، وتدرج في مراحلها المختلفة، حتى أتم الثانوية العامة بتفوق. وعانى كباقي أطفال فلسطين من ظلم الاحتلال وبطشه، وفي السادسة عشر من عمره أصيب بمرض السكرى، إلا أن المرض لم يُقعده، فلم يستسلم، ولم يفقد الأمل في أيامه القادمة.
اجتهد فضل فيما يجتهد فيه الناس في حياتهم، فنال الشهادة الثانوية، ثم فأصّر على مواصلة تعليمه الأكاديمي، ووفر له إخوانه كل المساعدة، وسافر إلى جمهورية مصر العربية، في أوائل ثمانينات القرن الماضي، ليلتحق بجامعة بيروت العربية، ويتخرج فيها حاملاً بكالوريوس المحاسبة.
التحق بصفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، فكان أحد كوادرها المميزين في مدينة غزة، وشارك في فعالياتها المتعددة ضد الاحتلال، وحظيّ على الدوام بمحبة واحترام كل من عرفه. ثم تزوج في الرابع عشر من أيلول/سبتمبر1990.
في الرابع والعشرين من آب/أغسطس 1992، خلال انتفاضة الحجارة الكبرى، رًزق فضل من زوجته المريضة بمولوده البكر "صامد".
وفي الخامس عشر من تشرين أول/أكتوبر2004، أثناء عودته من رفح، اعتقلته قوات الاحتلال على حاجز أبو هولي، وسط القطاع، فتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب والإهانة والإهمال الطبي، وزُج به في زنزانة انفرادية. ورغم توضيحه لسجانيه أنه مريض بالسكر، ويحتاج العلاج بشكل يومي، إلا أنهم أهملوه فلم يقدموا له العلاج أو المسكنات، وساوموه على التعاون معهم مقابل ذلك، فأبى ـ كعادة المناضلين ـ فكان مستحقاً لكنيته الجديدة “أبو صامد”، فقدموه لمحكمة أصدرت عليه حكماً بالسجن ثماني سنوات ونصف.
في إطار سياسة العقاب الجماعي، المتبعة مع أهالي الأسرى، لم تسمح إدارة مصلحة السجون لأي من زوجته أو ابنه بزيارته، بل ومنعت كذلك كل أفراد عائلته، وتضافر كل ذلك مع سوء الطعام وانعدام الرعاية الطبية، ليهدم ما تبقى من جسد فضل، فتدهورت أوضاعه الصحية، وشارف على الخطر، فطالبت أسرته في الخارج، ورفاقه الأسرى في الداخل، بنقله إلى المستشفى، دون جدوى.
في الزمن الذي كان مسموحاً بزيارة أهل فضل له، كانت زوجته واقعة بين حيرتين: حيرة انتظارها أن يكبر الابن صامد، وخشية أن يكبر فيمنعوه من زيارة والده، حيث أن القانون الإسرائيلي يسمح بالزيارة فقط للأبناء أو الأشقاء لمن هم أقل من 16 عاماً، فيما بعد ذلك يحتاجون لتصاريح خاصة.
وفي إحدى زياراتها لزوجها عبرّت عن ذلك، فرد عليها قائلاً: عندما يستخرج صامد الهوية أكون قد مُت، ولقد حدث واستشهد فضل، في 29 شباط/فبراير 2008، في سجن بئر السبع، يوم أن حصل صامد على بطاقة الهوية.
وبعد عامين من استشهاد الأب في السجن، وفي الثامن من كانون أول/ديسمبر2010، تزوج صامد، ثم رُزق بطفل سماه على اسم جده الشهيد "فضل".