- صافرات الإنذار تدوي في عدة مستوطنات شمال فلسطين المحتلة
كتب - محمد جودة وشعبان فتحي: أخذ الصراع في ليبيا منحى خطيرًا منذ وقّع رئيس ما تسمى "حكومة الوفاق الليبية" فائز السراج، الاتفاق الأخير مع حاكم تركيا رجب طيب أردوغان، ليصبح التدخل التركي بمثابة احتلال واضح وصريح، إذ أنه تحالف مع كيان غير رسمي غير معترف به دوليا.
ومن ناحية أخرى لا يزال الصراع قائمًا بين قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والميليشيات المسلحة، التابعة لما تسمى "حكومة الوفاق".
مصلحة ليبيا أولاَ
من جهته أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الليبية، العميد خالد المحجوب، أن "القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية لا تتخذ قرارات دون دراسة ودون رؤية، وأن القوات المسلحة مسؤولة عن البلاد وعن المواطنين الليبيين، لذلك نحن نتحرك وفق مصلحة الدولة ومدنها ومواطنيها ويهمنا أن نتعامل بمسؤولية ولا نتعامل كالميليشيات، ونسعى لاستقرار البلاد وتوفير الأمن لها".
فرصة جديدة للميليشيات
وأضاف المحجوب، في تصريحات خاصة لـ"الكوفية"، "لا بأس من منح فرصة جديدة للميليشيات حتى لا يلومنا أحد بعد ذلك وهذه خطوة مهمة يجب على تلك الميليشيات اغتنامها، وإذا لم يحدث فالعواقب بالتأكيد ستكون وخيمة، فنحن ما زلنا نراعي عوائل المنتسبين لتلك الميليشيات، ونحن سنقوم بإحكام الطوق على طرابلس، وحين نقفل الطريق الساحلي لن تجد تلك الميليشيات مكانا تذهب إليه وسيتم القضاء عليها وتدميرها داخل طرابلس، وبالتالي هي فرصة أخيرة للميليشيات أننا نقوم بمنحهم فرصة ثانية للتراجع والمغادرة".
السراج لا يملك الشرعية
وتابع المحجوب، أن "فائز السراج لا يمثل الحكومة الليبية ولا يمثل الليبيين، لأن الحكومة منتهية ولايتها ولم تحصل على الشرعية، وفي القوانين الدولية والمحلية معلوم أن أي شيء يخص الاقتصاد والسيادة لابد أن يصادق عليه البرلمان، ولكن السراج ذهب ووقع مع الأتراك دون موافقة ومصادقة البرلمان الليبي، والبرلمان لم يصادق على شيء ونحن لا نوافق، فهو لا يملك ليمنح لمن لا يستحق.
وأكد المحجوب، أن السراج لا يملك الشرعية لتوقيع مذكرة تفاهم مع تركيا وأن تركيا لا تستحق هذا التفاهم باعتبار أنها دخلت على خطوط أخرى في محاولة للتغول على سيادة الآخرين من دول المنطقة، وحقيقة تركيا ستتضرر إذا استمرت في تدخلها بالشان الليبي والتعدي على سيادة دول المنطقة.
رفض دولي لاتفاق "أردوغان- السراج"
وقال المحجوب، إن الدول الصديقة تتفهم الموقف، والموقف المصري الذي عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتماشى مع ضرورة محاربة الميليشيات ورفض التدخل التركي واليونان وقبرص يتفهمان الموقف ذاته، مضيفًا أن قطر تقدم الأموال والدعم للميليشيات في طرابلس، وهناك أموال ليبية تتستر وتتحفظ عليها الدوحة، وتسلمتها منذ عهد العقيد معمر القذافي ربما عن طريق المصرف القطري الليبي وربما كانت من خلال ودائع، فمن غير الواضح لدينا كيف حصلت قطر على تلك الأموال في عهد القذافي، لكن المؤكد أن هناك أموالًا ليبية تتحفظ عليها قطر.
ميليشيات مسلحة بعتاد جيوش
وأشار إلى أن الهدف الأساسي هو القضاء على الميليشيات وقدراتها في طرابلس وكامل الأراضي الليبية، موضحاً، "نحن قضينا على معدات عسكرية لجيوش وليس لميليشيات ومجموعات مسلحة، حجم ما دمر من مخازن ومدافع وطائرات مسيرة وطائرات قاذفة وحجم ما قتل من أفراد من المرتزقة والميليشيات والمطلوبين يوازي معدات جيوش، الآن طريق الوصول الذي كان يسلكه المرتزقة من أفريقيا، وتركيا قامت بإرسال عدد من الإرهابيين والمرتزقة من خلال البحر كانوا في إدلب سابقا، نحن في كل الأحوال مستمرون في محاربة الإرهاب."
قادرون على تحرير العاصمة بقوة السلاح
وأكد المحجوب، إن ما يهمنا هو سلامة العاصمة والمواطنين، ولدينا القوة الكفيلة بتحرير العاصمة ونحسم الأمر في دقائق وندخلها بكثافة النيران، ولكن نحن لا نسعى لذلك، نحن نعمل ونحارب بمسؤولية في أداء المهمة وهي القضاء على الميليشيات وقدراتها، وهذا قد يحصل في أي وقت بعد أن فرضنا طوقنا على شكل هلال على العاصمة طرابلس حيث تتواجد الميليشيات".
واختتم تصريحاته لـ"الكوفية" بالقول، إن "الميليشيات في طرابلس أصبحت تحت أيدينا، وإذا ما قررنا الهجوم العسكري سيتم القضاء عليها وما زالت الفرصة متاحة أمام عناصر تلك الميليشيات لتسليم أنفسهم وأسلحتهم، ونحن نراعي عوائهلم وأسرهم خصوصا في مصراتة".
مناورة من "السراج"
قال الكاتب الصحفى أسامة الدليل، رئيس قسم الشئون الدولية بالأهرام العربى، إن ما حدث هو مناورة من قبل فايز السراج، الذي استشعر أنه في مأزق بالغ، بعد حصار قوات المشير خليفة حفتر له، ما دفعه للاستنجاد بالحاكم التركي رجب طيب أردوغان، الذي يرد أن يكون له تمدد في شمال إفريقيا، تمامًا كالتمدد الذي قام به من خلال إيجاد قاعدة عسكرية في الصومال بدعوى تدريب قوى الامن على مكافحة الإرهاب، وهي مبررات غير صحيحة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الكوفية"، "إذا كان أردوغان من خلال الاتفاق مع حكومة فايز السراج، أن يكون له موطئ قدم عسكرية في شمال إفريقيا، فهو بهذا يرتكب خطأ كبيراً، فعندما ننظر إلى التواجد العسكري التركي سواء في شمال سوريا أو شمال العراق أو حتى في قطر، نجد أن هذا التواجد العسكري، هو في الحقيقة لا يكرس للأطماع الإمبراطورية لأردوغان، بقدر ما يتعلق بالاطماع في النفط في المنطقة".
وأكد أن أردوغان بهذا الاتفاق مع حكومة السراج، استفز العديد من القوى أخطرها اليونان وقبرص وإسرائيل، باعتبارهم أعضاء في حلف الناتو.
مصر قادرة على حماية أمنها
وفيما يتعلق بالأمن القومي المصري، قال "الدليل" إن المصريين قادرون على إدارة مثل هذه المواقف، ولو تمادى أردوغان في استفزاز القدرة المصرية، فلن تتواني القدرة المصرية عن ردعه"، لافتاً إلى أن القيادة المصرية تنتظر الخطوة التالية لأردوغان.
مغامرة سيدفع ثمنها الشعب التركي
وأضاف الدليل، "هذا الاستفزاز الذي يمارسة أردوغان، من شأنه استفزاز قوات حفتر، وكذلك العديد من القوى الدولية، والتي من بينها روسيا"، مشيراً إلى أن حديث أردوغان عن الذهاب إلى ليبيا لطرد روسيا هو في حقيقته "كلام فارغ"، خاصة أنه يتحدث عن "شركة أمن خاصة" وهي في حقيقتها "مسمار جحا".
وأوضح أن هناك العديد من القوى الدولية التي لها تواجد عسكري واستخباراتي في ليبيا، كما أن هناك جماعات متطرفة تحظى بدعم جهات دولية متعددة ودعم قبلي، ما يجعل المعادلة الليبية معقدة".
وأكد أن المغامرة التي يخوضها أردوغان في ليبيا سيدفع ثمنها المواطن التركي في عام 2020 خاصة أن تركيا مقبلة على مشكلة تمويلية ضخمة فيما يتعلق بالاقتصاد التركي.
تقارب إضطراري
وقال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمتخصص في الشؤون التركية، الدكتور بشير عبدالفتاح، في تصريحات خاصة لـ"الكوفية" إن التقارب التركي الليبي، هو تقارب إضطراري، وهو ما أكده فايز السراج، بقوله "إنه يعاني من عزلة ولا يملك خيارات كثيرة للخروج منها"، مشيراً إلى أنه "بعد رفض جميع الدول مساندة السراج، فلم يجد أمامه سوى تركيا".
وأكد أن "تركيا في المقابل، لجأت لهذا التقارب، لأنها تريد محاصرة مصر، ومناكفتها سياسيًا، وكذلك تحتاج إلى البترول الليبي وعقود الإعمار، والتموضع العسكري في الداخل الليبي، لتحسين موقفها التفاوضي في شرق المتوسط، كما أنها تحتاج إلى توسيع مناطقها البحرية في البحر المتوسط، فلجأت إلى عقد اتفاقية غير قانونية مع حكومة مضطربة وغير معترف بها ومشكوك في شرعيتها داخل ليبيا وخارجها، وهو ما يجعل تركيا مضطرة وكذلك حكومة السراج لعقد هذه الاتفاقية".
اتفاق محكوم عليه بالفشل
وأضاف "عبدالفتاح" أن "هذا التقارب الإضطراري محكوم عليه بالانتهاء بمجرد تغير الاوضاع في ليبيا"، لافتاً إلى أن "أردوغان يراهن على السراج على اعتبار أنه كان معترف به دولياً، لكن بمجرد نجاح عملية المشير خليفة حفتر واسترداد طرابلس، وتطهيرها من الإرهاب والميليشيات المسلحة، سيعتبر السراج شيء من الماضي، وساعتها سيعاد هيكلة العلاقات الخارجية الليبية، ولن يكون لهذه الاتفاقية أي محل من الإعراب".
أوروبا ودول الجوار لن يسمحا بتفتيت ليبيا
واستبعد "عبدالفتاح" أن يؤدي الاتفاق إلى تفتيت ليبيا، مؤكداً أنه لا أحد يريد الإنقسام لليبيا، خاصة مصر وقبرص واليونان والجزائر وتونس ودول الجوار حريصون على وحدة ليبيا، ووحدة قواتها المسلحة، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات، خاصة أن أي خلل إو إضطراب داخل ليبيا سينعكس بالسلب على دول الجوار، وعلى أمن أوروبا لأن ليبيا، هي أهم معبر للهجرة غير النظامية، لذلك المجتمع الدولي وكذلك دول الجوار، لن يسمحا بتقسم ليبيا، كما أن عملية المشير خليفة حفتر تقترب من تحرير طرابلس، ليكتمل بذلك عقد الدولة الليبية تحت سلطة مركزية قوية، وهي كلها دلائل تشير إلى استبعاد عملية تقسيم ليبيا".
أهداف أردوغان
وعن أهداف أردوغان من وراء هذا الاتفاق، أكد "عبدالفتاح" لــ "الكوفية" أن الهدف الرئيس هو "الطاقة" خاصة أن تركيا تستورد أكثر من 95% من احجتياجاتها وهي بحاجة لإيجاد بديل، خاصة بعد توقف استيرادها من إيران بسبب العقوبات الأمريكية وإلغاء الاستثناءات لثمانية دول كانت تستورد البترول من إيران، كانت من بينها تركيا".
وأوضح أن تركيا تحاول الاقتراب من مصر ومناكفتها سياسياً والضغط عليها لتغيير مواقفها تجاه أنقرة، كما أنها تحتاج إلى المشاركة في إعمار ليبيا والاستفادة اقتصاديًا، لتعويض الخلل والإضطراب الاقتصادي في الداخلي، كما أنها بحاجة إلى تحسين اوضاع أكثر من 140 شركة تركية تستثمر أكثر من 20 مليار دولار في ليبيا وتحتاج لتأمين هذه الاستثمارات".
وأضاف أن تركيا تحتاج إلى إقامة قواعد عسكرية في ليبيا، وتحتاج إلى تحسين موقفها التفاوضي مع دول شرق المتوسط من خلال التموضع في ليبيا بحيث تكون محاصرة لهذه الدول من الشمال والجنوب،وهي كلها أهداف اقتصادية وجيواستراتيجية مهمة.
العثمانية الجديدة
وأختتم "عبدالفتاح" تصريحاته على أنه بالإضافة إلى الأهداف السابقة فإن أردوغان لديه أمل في إعادة "حلم الخلافة العثمانية" وإعادة النفوذ الليبي في دول كانت في يوم من الأيام خاضعة للإمبراطورية العثمانية.