اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025م
مكتب إعلام الأسرى: محكمة الاحتلال تثبت أمر اعتقال الدكتور حسام أبو صفية لمدة 6 أشهرالكوفية تطورات اليوم الثامن من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية إصابة شاب بالرصاص الحي خلال المواجهات في حي كفار سابا بمدينة قلقيليةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيليةالكوفية الإعلامي الحكومي: الاحتلال يواصل جريمة الإخفاء القسري لـ 15 من كوادر الإسعاف برفحالكوفية مصادر محلية: قوات الاحتلال تمنع وصول الإسعاف لنقل المصاب من سهل دير غزالة شرقي جنينالكوفية المدير العام لوزارة الصحة في غزة: الاحتلال دمر أغلب الخدمات الطبية الأساسية في القطاعالكوفية المدير العام لوزارة الصحة في غزة: الوضع الإنساني في غزة تجاوز مرحلة الكارثةالكوفية جيش الاحتلال يُطلق قنابل دخانية شرقي بلدة عبسان الكبيرة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزةالكوفية جريمة قصف المستشفيات.. الاحتلال يخرق جميع القوانين الإنسانيةالكوفية خلف الأبواب المغلقة.. ماذا تقول التهديدات الداخلية لنتنياهو بشأن الحرب؟الكوفية أبو مهادي: الحرب على الشعب الفلسطيني وليس على حركة حماسالكوفية 49 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة منذ السابع من أكتوبرالكوفية الكابينت يصادق على إنشاء إدارة خاصة ل "الهجرة الطوعية" من غزةالكوفية لماذا يصر الاحتلال على استهداف مراكز الأمم المتحدة داخل قطاع غزة؟الكوفية شهداء ومصابون جراء غارات الاحتلال على جنوب قطاع غزةالكوفية غزة: الإعلامي الحكومي يعقب على اختطاف كوادر الإسعاف والدفاع المدنيالكوفية إصابة شخص برصاص الاحتلال بادعاء محاولته دهس عناصر شرطة بالقدسالكوفية الاحتلال يصادق على أكثر من 10 آلاف وحدة استعمارية بالضفة منذ بداية 2025الكوفية وفاة عضو المجلس الثوري لحركة فتح محمد الحورانيالكوفية

حروب العشرية الثالثة (23)

10:10 - 25 مارس - 2025
الكوفية:

تكتسي مقابلة مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أهمية استثنائية لا بوصفه صانع سياسة (فهذا كثير عليه) بل بحكم اختلاطه بالقوى المؤثرة على صنع القرار من ناحية، وما توفّر لديه من كفاءات مكنته من الفوز بمقاولة ترجمة سياساتها من ناحية ثانية. وبناء عليه، يمكن العثور فيما نطق به، أو صمت عنه، على مداخل مختلفة ومحتملة لفهم ما يجري على الأرض بطريقة أفضل.
وما يجري على الأرض، وبقدر ما أرى، يتمثل في تحوّلات إستراتيجية، بعيدة المدى، يسعى نتنياهو إلى فرضها على، وتكريسها في، العقيدة الأمنية التقليدية للدولة الإسرائيلية منذ أيامها الأولى. تكوّنت العقيدة المعنية من ثلاثة عناصر هي (1) الإنذار المبكّر، الذي يعني اختراق العدو، ومعرفة نواياه، ورصد تحركاته. و(2) الردع، الذي يعني إفهام العدو بأن حجم ما يتكبد من خسائر يفوق كثيراً ما قد يجني من أرباح. و(3) النصر الحاسم، أي تدمير القدرات العسكرية للعدو، ونقل المعركة إلى أرضه، وحسمها في فترة زمنية قصيرة.
تندرج هجمات انتقامية ذاع صيتها في عقدي الخمسينيات والستينيات، كما حدث في غزة، والسموع في الضفة الغربية، في نطاق الردع، وكذلك الأمر الهجمات الانتقامية في الأردن، ولبنان، بعد صعود الحركة الفدائية الفلسطينية بعد 1967 بداية من معركة الكرامة 1968، وتدمير الطائرات المدنية في مطار بيروت 1968، وعملية فردان 1973، والهجمات المتلاحقة على جنوب لبنان، في السبعينيات، وحتى اجتياح بيروت 1982.
ومع ذلك، تبقى حرب العام 1967 وسيلة إيضاح مثالية لاختراق العدو، ونقل المعركة إلى أرضه، وحسمها بسرعة على ثلاث جبهات، ناهيك عن التوسع الإقليمي، والاستيلاء على مزيد من الأرض. وعلى الرغم من مفاجأة الهجوم المباغت في حرب العام 1973 على الجبهتين المصرية والسورية، إلا أن عنصري نقل المعركة إلى أرض العدو، والعمل على حسمها بسرعة، كانا في صلب هجمات مضادة تمثلت في ثغرة الدفرسوار، على الضفة الثانية لقناة السويس، وإحكام الطوق على الجيش الثالث المصري في سيناء.
على أي حال، ما زال موضوع الإنذار المبكّر، وهل كان أشرف مروان عميلاً مزدوجاً أم لا، موضوع سجال عنيف ووثيق الصلة بالحرب المعنية. والمهم أن معاهدة السلام مع مصر، وانسحاب الإسرائيليين من سيناء، اقترنا بوجود نقاط مراقبة أميركية للإنذار المبكّر في سيناء، وتحديد عديد وعتاد القوات المصرية هناك. وإلى منطق الردع نفسه، ودون الدخول في تفاصيل كثيرة، تُضاف عمليات «جزّ العشب» التي شنها الإسرائيليون على غزة منذ استيلاء «حماس» على قطاع غزة، وكذلك اجتياح الضفة الغربية بعد اندلاع الانتفاضة الثانية.
وعلى الرغم من تداول نظريات ومقاربات عسكرية جديدة، في إطار ما عُرف بحروب الجيل الرابع، خاصة بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، فلا يبدو من السابق لأوانه القول إن هذا كله قد أصبح في حكم الماضي الآن. فقد ثبت بعد هجوم السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) وما تلاه من حروب على جبهات مختلفة لم تتوقف بعد، أن محاولة الاستثمار في الردع، معطوفاً على أدوات ضغط سياسية واقتصادية وأيديولوجية، على مدار فترة زمنية طويلة قد فشلت، ناهيك عن إخفاق الإنذار المبكّر، ومصاعب نقل المعركة إلى أرض العدو، وحسمها بسرعة.
نجد أنفسنا، هنا، إزاء تناقض يصعب صرف النظر عنه. نتكلّم عن إخفاق الردع المبكّر، ومصاعب نقل المعركة إلى أرض العدو، وحسمها بسرعة، إضافة إلى أداء متوسط القيمة، في أفضل الأحوال للقوات على الأرض، رغم التفوق الهائل في التقنيات والمعدات، ومع ذلك، نجح الإسرائيليون في تحقيق دروس بليغة في الردع على جبهتي غزة ولبنان بطريقة تدل على ما لديهم من كفاءة الأذى من ناحية، وعدم اكتراثهم بالقانون الدولي من ناحية ثانية.
لذا، ما الذي يحول دون الاستثمار في عنصر الردع بالطريقة القديمة؟ ما الذي تغيّر، وصار مبرراً لتكريس عقيدة أمنية جديدة؟ وإذا كانت ثمة من ملامح أولية للعقيدة الجديدة فما هي؟
هذه هي أسئلة الحاضر والمستقبل. فثمة ما يبرر الكلام عن رصد تجليات، وملامح أولية غائمة، للانتقال من مبدأ الردع التقليدي (أنت وراء حدودك وأنا وراء حدودي، وإذا تجاوزت ستتلقى لكمة هائلة) إلى مبدأ المنع الوقائي (ما يجري وراء حدودك يهمني، أيضاً، فالسيادة مسألة نسبية، كما أن حدودي وحدودك ليست نهائية) وهذا يعني حرمان العدو من امتلاك القدرات والدوافع من خلال شروط سياسية وعسكرية تفرض عليه، وإلزامه بالموافقة على ضمانات وترتيبات أمنية.
ولنقل إن (1) عملية الانتقال نفسها، بما فيها من ملامح غائمة، مشروطة بحل العقدة الإيرانية، سلماً أو حرباً. و(2) إن الانتقال من الردع التقليدي إلى المنع الوقائي نتيجة موضوعية لانهيار الحواضر العربية، خاصة بلاد الشام بجناحَيها المصري والعراقي. و(3) إن جغرافيا الانتقال، التي تبدو الآن كعقارات قابلة للهدم والبناء، هي سورية ولبنان وغزة والضفة الغربية. و(4) إن المنع الوقائي يفترض أن تكون جغرافيا سورية ولبنان الطبيعية، والاقتصادية، والاجتماعية، والطائفية نطاقاً أمنياً للدولة الإسرائيلية. و(5) إن جغرافيا غزة والضفة الغربية مفتوحة على مشاريع لهندسة الديموغرافيا والخرائط في بلاد الشام بجناحَيها المصري والعراقي. و(6) إن التحالف الإسرائيلي - الإبراهيمي (بعد ضم أطراف ما زالت تحت الطاولة) هو مستقبل الشرق الأوسط، ورشته العقارية الكبرى، وسوقه، وركيزته الأمنية، ورافعته الأيديولوجية.
أحلام يقظة، طبعاً. لا بأس. ولكن هذا موضوع آخر.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق