القدس المحتلة - أكد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، أن الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة تمثل ذروة التجاوزات الإنسانية والقانونية، حيث تجسد المعنى القانوني للإبادة الجماعية كما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وفي الوقت ذاته تكشف عن تآكل مريع في الأسس الأخلاقية التي تقوم عليها الإنسانية. وأشار دلياني إلى أن الحملة الابادية الاجرامية الإسرائيلية، التي يتم تنفيذها بمنهجية صارمة ونيات واضحة، ليست فقط إبادة لمجموعة بشرية، بل هي محاولة متعمدة لتقويض القانون الدولي وتدمير جوهر القيم الإنسانية.
وأوضح دلياني أن تعريف الإبادة الجماعية في القانون الدولي، والذي يقوم على نية تدمير مجموعة معينة "كليًا أو جزئيًا"، يتجسد بصورة واضحة في قطاع غزة. وأضاف أن إحصائيات القتل وحدها كافية لتأكيد ذلك، حيث استشهد أكثر من 45,000 فلسطيني وفلسطينية على يد جيش الاحتلال خلال خمسة عشر شهرًا منذ أكتوبر 2023، بينهم آلاف الأطفال، نتيجة لسياسات إسرائيلية مُعلنة تهدف إلى "تدمير كل شيء"، بحسب الوثائق الدولية.
وأشار دلياني إلى أن خطورة هذه الجرائم تتجاوز الأرقام، موضحًا أن ما يزيدها فظاعة هو السياق الأخلاقي الذي تُرتكب فيه. واستشهد بقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه: "…. في ممارسة السلطة (البطش) على العاجزين متعة قاسية... بدون القسوة لا يكون هناك احتفال." وأضاف أن السلوك الذي يُظهره الجنود الإسرائيليون وهم يوثقون جرائمهم عبر هواتفهم الذكية، يتفاخرون بها، ويهينون ضحاياهم، ليس مجرد أفعال فردية، بل انعكاس لثقافة متأصلة في بنية مجتمع دولة الاحتلال، ثقافة تحتفل بالقسوة والجرائم وتُطّبع الوحشية.
وتابع دلياني بالقول إن هذه الجرائم لم تكن نتيجة انهيار مفاجئ، بل تتبع مسارًا اسرائيلياً تاريخيًا قائمًا على تفكيك حدود القانون والشرعية. واستحضر في هذا السياق كلمات الفيلسوفة حنة آرنت التي قالت إن "جرائم الإبادة الجماعية تنفجر خارج حدود القانون، وهذا بالضبط ما يجعلها وحشية إلى هذا الحد." وأضاف أن السياسة الإسرائيلية، التي أصبحت تُعرف بإطار يمكن تسميته "ذبح القانون" (legicide)، تقضي على أي مفهوم للإنسانية في الحرب، مما يجعل القانون الدولي عاجزًا عن حماية الأبرياء أمام هذه الانتهاكات الممنهجة.
واختتم المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح تصريحه مشددًا على أن هذه المأساة تتجاوز القضية الفلسطينية في آثارها لتُشكّل أزمة كونية تمس الضمير الإنساني بشكل عام. وأكد أن الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة هي اعتداء على القيم العالمية للعدالة والأخلاق. وقال: "إذا لم يتحرك العالم اليوم لمواجهة هذه الوحشية الإسرائيلية، فإنه يخاطر بقبول تطبيع الانهيار الأخلاقي والقانوني، مما يهدد مستقبل الإنسانية جمعاء."