- إطلاق نار كثيف من طائرات الاحتلال المسيرة "كواد كابتر" شمال غرب النصيرات وسط القطاع
- بحرية الاحتلال تعتقل 6 صيادين قبالة شواطئ بحر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة
ربما لم يشهد التاريخ السياسي في بلادنا "العجيبة"، حدثا كما كان من مرسوم الرئيس محمود عباس لفرض نهجه "الانفرادي"، ليس وهو لا زال حاكما، لكنه أصر أن يكون ذلك فيما لو غادر المنصب أيضا.
الرئيس عباس، أصدر مرسوما يوم 27 نوفمبر 2024، يعلن فيه تسمية رئيس "السلطة" في حال شغور منصب رئيسها، أي استحداث منصب وهمي لحسابات غير وطنية فلسطينية، ودون أي مرجعية قانونية، بل أنه أقدم على عملية خلط بين مختلف القوانين المستندة لها الشرعية الفلسطينية، وتحديدا الرسمية الفلسطينية.
الرئيس عباس، يعلن تسمية رئيس سلطة، وهي التي نظريا لديها قانون أساسي لا يحق له العبث به، أولا، فإما الاستناد له أو الطلب من جهة قانونية شرعية بتعديل القانون الأساسي، وليكن المجلس المركزي ليسمح له بتعيين رئيس فيما لو لم يعد قادرا أو غير موجودا، "بعد عمر طويل جدا أيضا"، لكنه بما أقدم عليه ارتكب أم الجرائم القانونية - السياسية، وعملية خلط غير مسبوقة في قوانين المؤسسات.
الرئيس عباس، الذي يعتبر نفسه فقط رئيس دولة فلسطين، أعاد الاعتبار لما تم "تجاوزه" بذكاء سياسي في وقت سابق بتعزيز مكانة دولة فلسطين، المتعرف بها راهنا من قبل 149 دولة، ومنحت عضويتها في الأمم المتحدة ميزات جديدة في شهر مايو 2024، باتت أقرب إلى عضو كامل منها عن المراقب، في انتصار تاريخي لفلسطين.
الرئيس عباس بمرسومه قدم خدمة غريبة لأعداء تكريس دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة والجنائية الدولية، وأعلن بمرسومة إطالة أمد الفترة الانتقالية، متعاكسا مع قرارات المجلس الوطني والمركزي منذ عام 2015 وحتى تاريخه، وبذلك منح فرصة للعدو الاحلالي، والذي يمكنه استخدام المرسوم للطعن في مصداقية تعزيز مكانة دولة فلسطين.
الرئيس محمود عباس بمرسومه الغريب، أضاع هيبة "المؤسسة الرسمية الفلسطينية" بكل أركانها، وأحالها إلى مسميات وهمية، واستخفاف فريد، بدلا من تعزيز مكانتها في ظل صراع "كياني" مع دولة العدو على الأرض والهوية، خاصة مع بناء "كيان يهودي خاص" في الضفة والقدس وفي الطريق قطاع غزة.
الرئيس محمود عباس بمرسومه بالنص الدقيق له، قدم خدمة للمستخفين بقيمة الشرعية الوطنية والمؤسسة الرسمية، فنصب ذاته "الوصي العام حيا وميتا" عليها، وحدد مسار النظام كما يراه هو وليس كما يجب أن تراه المؤسسة ذاتها، وهي حادثة لن نجد لها مثيلا في التاريخ السياسي الحديث والقديم.
لو حقا كان الرئيس محمود عباس حريصا على الاستمرارية الكيانية في ظل "حرب الإبادة"، كما أشار في نص المرسوم، لطلب بصفته رئيسا لدولة فلسطين عقد دورة استثنائية خاصة للمجلس المركزي، ليناقش تعديل "النظام الأساسي" ويحدد آلية انتخاب الرئيس، وفقا لمواد محددة واضحة، ومنح رئيس المجلس المركزي بصفته برلمان دولة فلسطين، أن يكون "رئيس فترة الشغور الرئاسي"، والبرلمان يحدد آلية الانتخاب التي يراها هو وليس التي يراها الرئيس غير الموجود.
مرسوم الرئيس محمود عباس الخاص، لا قيمة دستورية له، ويحق لكل فلسطيني عدم الاعتراف به بل ومقاومته، لأنه تعدى على كل المؤسسات القانونية، ليس وهو في المنصب بل وما بعده، ما يتطلب من "بقايا الشرعية الفلسطينية" حماية ذاتها من مرسوم تدميري يلحق خطرا بكل المنجز الوطني، خاصة مكانة دولة فلسطين، وتقزيمها مجددا بآلية سلطة لترضية جهات خاصة.
الرئيس عباس، اختار يوم ما قبل يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، المتوافق مع تاريخ قرار التقسيم 29 نوفمبر، ليعلن إصرارا على تقسيم كل ما هو تقاسمي في المشهد الوطني العام، دون أي اكتراث للحقيقة السياسية ذاتها.
رفض مرسوم الرئيس عباس، ليس حقا وطنيا فقط، بل فرض وطني لا يجوز أبدا ان يستمر، فلسطين فوق الجميع وفي المقدمة منهم "الديكتاتور الغائب" ذاته.