اسرائيل تجند كل اجهزتها الأمنية والمدنية من شرطة وجيش وحرس حدود ومخابرات وأجهزة ومؤسسات مدنية من بلدية وما يرتبط بها من أجهزة ومؤسسات وكذلك الجمعيات الإستيطانية،والحكومة وما يتفرع عنها من وزارات يضاف لذلك القضاء وما يتفرع عنه من محاكم وغيرها..من أجل تحقيق هدف دولة الإحتلال،بفرض واقع في المدينة، يغير الواقعين الجغرافي والديمغرافي في المدنية وكل معالمها ورموزها وتاريخها وحضارتها وثقافتها وهويتها ،بحيث يصبح المشهد فيها تلمودي توراتي يهودي،بدل مشهدا العربي- الإسلامي - المسيحي الأصيل،ولذلك نرى شمولية هذا الإستهداف ،عبر تقليص الوجود العربي في المدينة الى اقصى حد ممكن،بما يقلب الميزانيين الديمغرافي لصالح المستوطنين 88% و12 % عرب، والجغرافي،وهذا يتطلب توسيع مساحة مدينة القدس لكي تصبح 10% من مساحة الضفة الغربية،وبما يضم اليها كتل استيطانية كبرى مثل مجمعي "غوش عتصيون" "افرات" الإستيطانيين،في جنوب غرب المدينة ومجمع "معالية ادوميم" الإستيطاني شرقها،وبما يغلق البوابات الجنوبية والشمالية والشرقية للمدينة،ويعزلها عن محطيها الفلسطيني جغرافيا وديمغرافياً،بالتوازي مع ذلك يجري العمل على فكفكة النسيجيين الوطني والمجتمعي للقرى والبلدات الفلسطينية داخل جدار الفصل العنصري،بما يحولها الى وحدات اجتماعية منفصلة اجتماعياً ، تنشد همها وخلاصها الفردي على حساب الهم والخلاص الوطني العام،وهذا يجري من خلال تكثيف عمليات الهدم للمنازل الفلسطينية المقدسية والحد من منح تراخيص البناء للمقدسيين،وزرع المستوطنات في قلبها،أو التي تفصل وتقطع تواصلها الجغرافي،بالعمل على اقامة أبنية وأحزمة وشوارع استيطانية ،تحيط بها احاطة السوار بالمعصم وتحولها الى جزر متناثرة في محيط اسرائيلي واسع .
هذا الهدف التهويدي الكبير الذي تسعى له اسرائيل" ارتفعت وتائره بشكل غير مسبوق من بعد معركة السابع من اكتوبر،حيث خرجت اسرائيل للحسم العسكري الأمني في الضفة الغربية،والحسم السيادي العقائدي الديني على مدينة القدس ..ونشهد تجليات ذلك من خلال عمليات"ذبح" للحجر الفلسطيني غير مسبوقة،فنحن نشهد هدم احياء كاملة ،كما يجري في حي البستان في سلوان،وغيره من الأحياء الأخرى بطن الهوى، في حين وصل عدد المنازل والمنشأت المقدسية التي هدمت منذ السابع من اكتوبر وحتي العاشر من تشرين ثاني /2024 "368" منزلاً ومنشأة تجارية وزراعية وحظائر اغنام واسوار .
اليوم نقف امام حزمة من القوانين والتشريعات العنصرية،التي يجري سنها وتشريعها في " الكنيست" البرلمان الإسرائيلي ،لتحقيق هذه الأهداف،فعلى سبيل المثال جرى سن قانون ،منع وكالة الغوث واللاجئين " الأنروا" من العمل في مدينة القدس والضفة الغربية، بإخراجها عن " القانون" واعتبارها منظمة غير مشروعة، وعملية للشطب للوكالة وتصفية مؤسساتها وخدماتها وأنشطتها في المدينة من مدارس ومركز صحية وخدماتية ومراكز مجتمعية ،والإستيلاء على مقرها الرئيسي في الشيخ جراح وتحويله الى بؤرة استيطانية كبيرة "1440 " وحدة استيطانية، ليس الهدف فقط المس بخدمات الوكالة التي تخدم اكثر من 10 ألآلاف لاجيء فلسطيني في القدس،بل الهدف الأكبر،شطب وتصفية الوكالة، يعني شطب وتصفية لحق العودة للاجئين الفلسطينيين،كشاهد وحيد على نكبة شعبنا،والجريمة الأخلاقية والسياسية المرتكبة بحقه.
وهناك مجموعة قوانين جرى اقرارها، تستهدف وجود البعثات الدبلوماسية في القسم الشرقي من المدينة،بمنع تواجدها وتقديمها خدمات للمواطنين المقدسيين،وكذلك القانون الأخطر استهداف العملية التعليمية والمدارس والمنهاج والمعلم في مدينة القدس،حيث يجري ملاحقة المنهاج الفلسطيني في المدينة،وملاحقة المدارس التي تدرسه ،عبر هجمات يقوم بها مفتشيين "مستشارين تربويين" وشرطة،تداهم المدارس وتتحقق من المنهاج المدرس،وأي مدرسة تدرس المنهاج الفلسطيني،يجري معاقبتها بسحب ترخيصها او وقف الميزانيات المخصصة لها،واي معلم فلسطيني يتماهى مع منظمة" إرهابية"،والمقصود هنا الفصائل الفلسطينية،أو ينشر على صفحته او مواقع التواصل الإجتماعي ،مديح او تأييد لمنظمة او منفذ عملية ضد اهداف اسرائيلية،يتم فصله من سلك التعليم،ولا ننسى قانون السيطرة على أكبر قدر من الأراضي المقدسية، تحت ما يسمى بقانون املاك الغائبين،حيث جرى سن قانون وتشريع يتعلق بتسوية الأراضي في القدس،حيث 70% من أراضي المقدسيين،هي مصنفة أملاك غائبين،وهذا يعني أنها عرضة للنهب والسيطرة عليها من قبل ما يعرف بحارس أملاك الغائبين و" سلطة اراضي اسرائيل"،ناهيك عن مشروع قانون ينوي طرحه عضو الكنيست الليكودي نسيم فاتوري ،بمنع رفع العلم الفلسطيني في أي نشاط او مؤسسة ممولة من قبل حكومة " الإحتلال"،والمقصود هنا الطلبة العرب من القدس والداخل الفلسطيني- 48- الدراسين والمدرسين في المؤسسات التعليمية والجامعات الإسرائيلية ،وهناك مشروع قرار اخر مقدم من قبل عضو الكنيست عن " القوة اليهودية" اتسحاق كرويز" ،بمنع وجود أي مؤسسات للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في القدس،وحظر انشطتها وفعالياتها ومنع رفع العلم الفلسطيني،واستهداف الرموز السياسية والوطنية في المدينة،وأي مؤسسة تقوم بنشاط او فعالية،يجري اغلاقها وابعاد القائمين عليها لخارج مدينة القدس ،والحديث هنا لا يجري عن القدس المعرفة وفق حدود بلدية الإحتلال،بل يشمل ذلك محافظة القدس ،وهذا تطور خطير يعني عملياً حل السلطة ومؤسساتها الرسمية في الضواحي من محافظة ووزارة ومقرات امنية وغيرها من مؤسسات مرتبطة بالسلطة.
ناهيك عن القرارات الأخرى والقوانين العنصرية ،التي تشطب الحق والوجود الفلسطيني،حيث صوتت " الكنيست" البرلمان بعدم اقامة دولة فلسطينية على جزء من ارض فلسطين التاريخية ما بين النهر والبحر،التي وصفها سموتريتش بأرض اسرائيل التاريخية،بالقراءتين الثانية والثالثة،وتم المصادقة على ذلك بأغلبية 92 صوتاً .
أما على طريق الحسم العقائدي والديني والسيادة على الأٌقصى ، فالجماعات التلمودية والتوراتية تعتقد بأن الظرف ملائم ومناسب لها،لكي تنتقل من مرحلة إستكمال كل ما يتعلق بطقوس احياء الهيكل المعنوي من نفخ بالبوق الى ادخال قرابين الفصح النباتية من ورق الصفصاف وسعف النخيل والحمضيات المجففة الى محاكاة ادخال قربين الفصح الحيوانية الى احياء السجود الملحمي كأعلى شكل من اشكال الطقوس التلمودية والتوراتية ودخول الكهنة بلباسهم الأبيض واداء الصلوات والطقوس التلمودية والتوراتية فرادى وجماعات بن غفير وتلك الجماعات باتوا على قناعة بأن العرب والمسلمين في حالة من " الموات"،وبالتالي ردات فعلهم على أي تغييرات في وضع الأٌقصى دينياً وقانونيا وتاريخياً،لن تتعدى "سيل" من بيانات الشجب والإستنكار ومذكرات الإحتجاج والمناشدات والمطالبات من أمريكا والمجتمع الدولي لمنع " اسرائيل" من جرى المنطقة الى صراع واسع،وتهديدات فارغة بما يسمى بالصراع الديني،حيث ارض الواقع وما يتعرض له شعبنا في قطاع غزة من جرائم ابادة جماعية وتجويع وحصار،تقول بأن ردود الفعل العربية والإٍسلامية،لن تغادر خانة الكلام والشجب والإستنكار.ومن هنا كان قرار بن غفير والقوى المتطرفة معه بالتصعيد في الأٌقصى لفرض وقائع جديدة،حيث أعلن بن غفير في أب الماضي، بأنه سيعمل على بناء كنيس يهودي في قلب الأٌقصى،في تحدٍ واضح لمشاعر العرب والمسلمين ،وفي خطوة تعبر عن شراكة في المكان ونزع القدسية الإسلامية الخالصة عن المسجد الأقٌصى،ونقله من مقدس اسلامي خالص الى مقدس مشترك اسلامي- يهودي،يتساوى فيه حقوق العبادة لأتباع الديانتين الإٍسلامية واليهودية..على طريق التهويد الكامل للأقصى وجعله مقدس يهودي خالص .
هي الحرب الشاملة على القدس والمقدسيين ومقدساتهم وكل مظاهر وجودهم،المفترض ان تجعل من يغطون في نومهم العميق وفي سباتهم وفي غيبوبتهم السياسية من قيادات فلسطينية،منظمة وسلطة وعالمين عربي واسلامي ومؤسسات ناطقة باسم القدس أن يغادروا خانة " الجعجعات" الكلامية وبيانات الشجب والإستنكار والرهان على مجتمع دولي عاجز ومتواطىء،في أن يمنع اسرلة المدينة وتهويد أقصاها .