في ظل الحرب التدميرية التي تنفذها قوات العدو الفاشي الاحلالي في قطاع غزة وأخيرا تركيزها شمالا خاصة بلدة بيت لاهيا، كشف صحفي إسرائيلي يعمل في قناة عبرية، عن دخول 1000 مقاتل أمريكي أكثرهم خدموا في المخابرات المركزية شمال القطاع.
ربما الخبر المفاجأة، تاه وسط أنباء المجازر التي تعيشها منطقة شمال غزة، رغم أهميته العالية، والرسالة السياسية الأخطر التي يتضمنها، وموافقة رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان عليها، فيما لم يصدر ما ينفي تلك "الرواية" من قبل الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو.
الكشف عن ملامح "المشروع التجريبي" بحماية قوات أمريكية تزامن، مع وصول وزير الخارجية بلينكن للمرة الـ 13 للكيان والـ 12 للمنطقة، مع الكشف عن مشروع "ثلاثي" لمستقبل قطاع غزة فيما يعرف بـ "اليوم التالي"، والتي تتضمن بين نقاطها نشر قوات أممية.
"المشروع الأمريكي التجريبي" يقوم بنشر القوات الأمنية والسماح لسكان "حي العطاطرة" بالعودة، مع تقديم المساعدة لإعادة بناء المنازل والمباني العامة التي دمرتها قوات الاحتلال، فيما سيقوم "الحكم العسكري" بتعيين مختار محلي في منصب رئيس المجلس لإدارة شؤون الحي، وفي حال نجاح النموذج التجريبي فسيكون هذا هو النموذج لإعادة إعمار غزة، ما يؤدي إلى "تحييد" السلطة المدنية لحماس في قطاع غزة.
بعيدا عما يمكن أن يصدر لاحقا من الأطراف الفلسطينية رفضا، أو القيام بتجاهله هروبا، فالمقترح يمثل موضوعيا جوهر "الرؤية الثلاثية" المقترحة لليوم التالي لحرب قطاع غزة، وهي لا تبتعد كثيرا عما يسمى مشروع تشكيل "إدارة مدنية" تحت "الحكم العسكري" الاحتلالي، مع وضوح أدق بوجود قوات "حماية أمريكية" في المرحلة الأولى.
ولا يمكن تجاهل أن حركتي فتح وحماس تناولا فكرة تشكيل" إدارة مدنية" في قطاع غزة، ألمح بعض قيادات حمساوية الموافقة المبدئية عليها، دون وضوح كبير، ما يمنح فكرة "النموذج التجريبي" قيمة سياسية خاصة، في ظل ما يتم مناقشته بشكل إعلامي أو عبر قنوات "رسمية وشبه رسمية".
السؤال المرتبط، هل تمثل حركة الإبادة الشاملة في شمال قطاع غزة، آلية خاصة لفرض "المشروع التجريبي" بما يراه أهل المنطقة "حلا إنقاذيا"، إن لم يكن "إعجازيا"، لوقف الموت العام، ويرونه "المخلص" في زمن لا مكان لمعجزات يمكن أن تحدث في ظل واقع إقليمي لم يفعل شيئا طوال 382 يوما، سوى تكريس مظاهر غير إنسانية انتظارا لمساعدات "تسقط من طائرات احتقار إنسانية الإنسان الغزي".
لم يعد هناك حاجة لتأكيد، أن الولايات المتحدة وإدارتها الحالية بقيادة الفريق اليهودي – الصهيوني، هم شركاء مركزيين في الحرب العدوانية على قطاع غزة تخطيطا وتنفيذا، وتلك التي حاولت الأطراف العربية والرسمية الفلسطينية طمسها لغايات سياسية خاصة، بل اعتبروها "طرفا شريكا في الحوار" و "الوسيط الأمين" لصفقة تهدئة وتبادل، تترنح منذ شهر نوفمبر 2023، لم تجد لها عند حكومتها الامتدادية في دولة الكيان تجاوبا.
وهنا، لا يجب أن تبقى الرسمية الفلسطينية متفرجة على تدمير المنجز الوطني الكبير منذ يناير 1965 حتى مايو 2024، عندما عززت الجمعية العامة للأمم المتحدة مكانة دولة فلسطين، وتلك مسؤوليتها هي بصفتها الممثل الشرعي، وليس أي فصيل كان، فرفض المخطط فرض وطني وليس موقف أخلاقي.
صمت الرسمية الفلسطينية على "نموذج أمريكا التجريبي" شمال قطاع غزة ليس سوى منح ضوء أخضر لاستكمال مشروع الخراب العام..اللعنة التاريخية لن تقبل "ممانعة خجولة" لتدمير حلم الكيان الوطني.