الخلل الكبير في مفاوضات القاهرة وما يجعل أي مراهنة على مخرجات منصفة للفلسطينيين ومستقبل غزة، بالإضافة إلى الاختلال الكبير في موازين القوى بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة واستمرار الانقسام الفلسطيني هو الأطراف المشاركة في المفاوضات: إسرائيل وواشنطن والقاهرة والدوحة.
موقف واشنطن واضح في انحيازها لإسرائيل بل موقفها أكثر تشدداً من نتنياهو لأنها تتعامل مع الحرب على غزة كجزء من صراع أكبر له علاقة باستراتيجيتها في الشرق الأوسط والعالم وتحاول توظيف هذه الحرب لتحقيق أهداف جيو استراتيجية في المنطقة بالإضافة الى توظيف حرب غزة كورقة في الانتخابات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري ولا يمكن اعتبار مشاركتها وسيطاً بل هي شريكاً وسنداً لإسرائيل.
أما القاهرة والدوحة فهما أضعف من أن تضغطان على إسرائيل وواشنطن،
فدور قطر معروف كأداة لتنفيذ سياسيات وتسليك علاقات لواشنطن لا تستطيع هذه الأخيرة تنفيذها مباشرة، أما مصر فبالرغم من وقوعها في بؤرة الصراع وحساسية موقعها الجيواستراتيجي مع غزة وإسرائيل إلا أنها لا تستطيع الضرب على الطاولة أمام تل أبيب وواشنطن، حيث تواجه تحديات في علاقاتها مع الجيران، ليبيا والسودان وأثيوبيا، بالإضافة الى التحديات الداخلية وخصوصاً الاقتصادية.
كان من الأسلم لحركة خماش تسليم ملف المفاوضات لمنظمة التحرير والسلطة أو المطالبة بدور لهما بدلاً من المطالبة بضمانات أمريكية والإعلان المسبق رفضها أي تواجد للسلطة في غزة بعد الحرب. فالسلطة لن تكون أكثر سوءاً من واشنطن ولن تكون أقل حرصاً على فصائل المقاومة والقضية الوطنية من قطر ومصر.
إن استمرت المفاوضات بهذا الشكل وبهذه الأطراف دون إشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية ومنظمة التحرير فسيفرض نتنياهو كل ما يريد ومرور الوقت دون التوصل لوقف لإطلاق نار لن يخدم الفلسطينيين ولا غزة لأنه لا يبدو في المدى القريب أي مؤشرات لتغيير في موازين القوى مع العدو تدفعه لتقديم تنازلات أو تغيير مخططاته وخصوصاً مع تراجع احتمال حرب اقليمية ومع توسيع حرب الإبادة إلى الضفة.