اليوم الجمعة 29 نوفمبر 2024م
عاجل
  • شهداء ومصابون جراء قصف طائرات الاحتلال منزلاً وسط مدينة غزة
  • مصابون ومفقودن جراء قصف الاحتلال منزلا بشارع الوحدة غرب مدينة غزة
شهداء ومصابون جراء قصف طائرات الاحتلال منزلاً وسط مدينة غزةالكوفية بث مباشر | تطورات اليوم الـ 420 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية مصابون ومفقودن جراء قصف الاحتلال منزلا بشارع الوحدة غرب مدينة غزةالكوفية شهيدة ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلا في حي الزيتون جنوبي مدينة غزةالكوفية دورتموند يتطلع لمباراة بايرن بعد الفوز في «الأبطال»الكوفية تصنيف «فيفا»: الأرجنتين في الصدارة... والأخضر في المركز 59 عالمياًالكوفية «تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسيةالكوفية العراق: أحكام غيابية بالسجن لمتهمين في «سرقة القرن»الكوفية حينما يعلو صوت الأسير الفلسطينيالكوفية غانتس يوجه رسالة لنتنياهو بشأن غزة وإعادة الأسرىالكوفية مرسوم الرئيس عباس..تدليس قانوني ناطقالكوفية أميركا مرجعية قرار الحرب والتسويةالكوفية العدالة الدولية الغائبة: اعتقال نتنياهو هو الاختبارالكوفية انتصروا علينا بالقتل، وانتصرنا عليهم بالقتالالكوفية بث مباشر | تطورات اليوم الـ 419 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية شهداء وجرحى باستهداف الاحتلال تجمعا للمواطنين في النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية دولة الاحتلال تستأنف قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانتالكوفية مراسلنا: مدفعية الاحتلال تقصف منازل المواطنين شمال غربي النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية الدفاع المدني: أكثر من 80% من معداتنا خرجت عن الخدمة جراء استهدافات الاحتلال المتواصلةالكوفية يونيسيف: 30% من الأطفال في قطاع غزة يعانون سوء التغذية الحادالكوفية

انقسامان ورئيسان

10:10 - 31 يوليو - 2023
إياد البرغوثي
الكوفية:

رغم الفروق الهائلة بين الوضع الاسرائيلي والفلسطيني، إلا انهما يشتركان مؤخرا في الانقسام الذي طال كلا منهما. صحيح أن الانقسام الفلسطيني قد سبق الاسرائيلي بثلاث عقود من السنوات، اذا ما اعتبرنا أن الانقسام الفلسطيني الحقيقي قد بدأ في اوسلو، و"تتوج" بأحداث غزة، وانفصالها عن الضفة الغربية في العام 2007، في حين أن الانقسام الاسرائيلي قد ابتدأ عمليا منذ أن شكل نتنياهو حكومته الأخيرة، التي اعتمدت على المتدينين الصهاينة، الأكثر تطرفا، والأقل حرصا على بقاء اسرائيل بشكلها التقليدي "الديموقراطي" الغربي.

يشعر المراقب لردود أفعال الاسرائيليين والفلسطينيين حيال انقسامهما، أن الاسرائيليين اكثر قلقا من الفلسطينيين، رغم أن الانقسام الفلسطيني قد سبق الاسرائيلي بفترة طويلة، ورغم أن اسرائيل دولة قوية عسكريا وأمنيا واقتصاديا، ومدعومة بلا حدود من قوى الهيمنة في العالم، في الوقت الذي يرزح الفلسطينيون تحت الاحتلال... نحن هنا أمام مفارقة واضحة، أو هكذا تبدو، حيث يكون المحتلون الأقوياء، اكثر قلقا على مصيرهم، وربما اكثر ذعرا، من اولئك الذين يحتلونهم.

ليس المجال هنا لتفسير سبب ذلك، رغم أنه غالبا ما يعود إلى الهشاشة "الأخلاقية" التي تعيشها اسرائيل، في مقابل "راحة الضمير" التي يعيشها الفلسطينيون في هذا السياق، ولا حتى "للبلادة" السياسية التي يعيشها الفلسطينيون، مقابل "التوتر" السياسي عند الاسرائيليين، وإن كان ذلك أمرا يستحق النظر فيه بجدية، لكن من المهم أن نلقي الضوء على طبيعة الانقسام لدى الطرفين، وردود الأفعال لدى نخبهما حيال ذلك، ابتداء من ردود أفعال رأسي الهرم السياسي لكل منهما والتي سيتناولها هذا المقال.

الانقسام الاسرائيلي

لا مشكلة بين الاسرائيليين (الصهاينة) في ما يتعلق بالموقف من "الثوابت" الإسرائيلية، فهم مجمعون على ضرورة إبقاء اسرائيل أقوى من كل جيرانها وجيران جيرانها، ومجمعون على إبقاء الاحتلال للاراضي الفلسطينية، وعلى عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك على القدس الموحدة "عاصمة" لإسرائيل.

توحد الاسرائيليون على ضرورة بقاء اسرائيل و"صهيونيتها"، لكنهم انقسموا على شكل النظام فيها، وعلى توجهها الاجتماعي والثقافي.

سياسيا، انقسم الاسرائيليون بين من أراد التمسك بالشكلانية "الديمقراطية للدولة، حيث يعتبرون أن الابقاء على صورة اسرائيل كدولة عصرية غربية الطابع والقيم، رغم وجودها الجغرافي في الشرق، مسألة في غاية الأهمية، ليس فقط من أجل الحفاظ على علاقتها الخاصة بالغرب، إنما للحفاظ على جوهرها "الصهيوني" الاستعماري الذي يعتبر تفوقها العنصري، خاصة على الشرقيين، اساسها الايديولوجي.

 وبين اولئك المتدينين الذين يشكل الشرقيون جزءا كبيرا منهم، والذين لا يكترثون بشكليات الديمقراطية، مقابل التسريع في تحقيق الأهداف "القومية"، المتمثلة أساسا بالتخلص الفج من الفلسطينيين.

هذا الجانب الأكثر يمينية وتطرفا في اسرائيل، والذي يشكل المستوطنون في الضفة الغربية نسبة وازنة فيه، يتمسك بالديموقراطية كوسيلة تأتي به الى السلطة، حيث الديمقراطية تأتي بالأكثر شعبوية بالعادة، لكنه لا يشعر بضرورة تمسكه بالشكل الديموقراطي، للإبقاء على علاقة اسرائيل بالغرب سياسيا واستراتيجيا، ولا يشعر بأهمية الارتباط القيمي والثقافي بالغرب، من أجل الحفاظ على صلة اسرائيل الاستراتيجية به.

ينقسم الطرفان الاسرائيليان، ليس على علاقة اسرائيل بالغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لكن على ما يمكن أن يشكل تهديدا، أو بحده الأدنى، عدم انسجام مع ما يبقي هذه العلاقة قوية.

فالاصوليون الأكثر تطرفا في اسرائيل، والذين يمثلهم في الحكومة الحالية الوزيران سموتريتش وبن غفير، يعتقدون أن على الغرب أن يبقي علاقته الخاصة باسرائيل تحت أي ظرف، وأن اسرائيل ليست بحاجة لأية "مكياج" ديموقراطي أو غيره من أجل استمرار علاقة الغرب بها. في حين أن الجانب الاشكنازي التقليدي في النظام الاسرائيلي، يعتقد أن موضوعة "الديمقراطية" والقيم المشتركة مسألة ضرورية في تلك العلاقة.

والى جانب الانقسام السياسي حول طبيعة النظام الاسرائيلي، هناك الانقسام الاجتماعي. فالذين يبدون اكثر حرصا على "الديمقراطية" الاسرائيلية، ويعارضون سياسات حكومة نتنياهو الحالية، خاصة في ما يتعلق بموضوع "الاصلاحات" في القضاء، هم من يمثلون النخبة السياسية والاقتصادية والثقافية، وكبار الضباط ورجال الأعمال. وهم العلمانيون و "الليبيراليون" الاشكناز، واولئك المنحدرون من الارستقراطية اليهودية الاوروبية. في مقابل هؤلاء يوجد الصهاينة المحافظون الأقل مكانة اجتماعية، والمنحدرون على الأغلب من أصول شرقية، والذين تحسنت اوضاعهم الاقتصادية من وقت ليس ببعيد، على إثر القفزة التي جرت على الاقتصاد الاسرائيلي مؤخرا.

الانقسام الفلسطيني

في حين كان الانقسام الاسرائيلي افقيا، يبرز فيه بوضوح الجانب الاقتصادي الاجتماعي والثقافي، ولم يمس "الثوابت" الصهيونية، إنما انحسر في تقدير قيمة شكل النظام على مصير الدولة، كان الانقسام الفلسطيني عموديا طال الفلسطينيين حيثما وجدوا، بكل طبقاتهم الاجتماعية، وفئاتهم الاقتصادية ومستوياتهم الثقافية.

ومع أن الفلسطينيين، خاصة نخبهم السياسية والثقافية، هم أكثر من يتحدث عن "الثوابت"، ذهب انقسامهم الى تلك الثوابت مباشرة. فهم، خاصة بعد أوسلو، منقسمون حول الوطن والحدود والاصطفاف الاستراتيجي، ومعظم القضايا التي تهم وجودهم ومستقبلهم كشعب وككيان.


ان القول أن الانقسام هو بين الحركتين السياسيتين الأكبر في فلسطين، فتح وحماس، فيه شيء من الصحة لكنه ليس دقيقا. والقول أن الانقسام الفلسطيني له بعد جغرافي بين غزة والضفة ليس دقيقا ايضا، وإن تمثل الانقسام جغرافيا بين هاتين المنطقتين. وينطبق ذلك على البعد الرؤيوي، إذ أن الفلسطينيين منقسمون على رؤيتهم لماضيهم القريب، ولوضعهم الحالي، ولتصورهم لمستقبلهم، وموقفهم من ادواتهم.


ومثلما "يتمثل" الانقسام الفلسطيني جغرافيا بين الضفة وغزة، وسياسيا بين فتح وحماس، يبرز الانقسام بأوضح صوره، في الموقف من النظام السياسي الفلسطيني، الذي تجسد بعد اوسلو بالسلطة، ليس فقط على شكلها كما هو على شكل النظام عند الاسرائيليين، بل على جوهر وجودها من الأساس، وعلى مدى شرعيتها، وعلى تقييم ادائها.


الانقسام والرئيس
برأينا، تشكل دراسة ردود أفعال النخب السياسية والثقافية الاسرائيلية والفلسطينية، ازاء انقسامهما، مسألة في غاية الأهمية، ليس فقط من باب "التطفل" المعرفي وحب الاستطلاع، وليس حتى من باب "تسجيل" المواقف، بل لأن رد الفعل على الأمر، وهو الانقسام في هذه الحالة، يعطينا تصورا عن مآلات ذلك الحدث، وكذلك عن اصحاب ردود الفعل، وطبيعة مواقفهم وسلوكهم في حالة الأزمات، خاصة المصيرية منها.


الرئيس الاسرائيلي والانقسام
منصب الرئيس في اسرائيل فخري بالأساس، لكن دوره يزداد وينقص حسب شخصيته، وحسب شخصية رئيس الحكومة ووضعه، الذي هو المسؤول السياسي الأول، وحسب الظروف التي تمر بها "البلاد"، وأساسا حسب تقييم الدول "الراعية" لإسرائيل، وهي أساسا الولايات المتحدة، لوضعها وللظرف الذي تمر به.


عندما تشعر الدولة "الراعية" بدقة الوضع في اسرائيل، وتخاف عليها أساسا من نفسها، أي تخاف الولايات المتحدة على اسرائيل من "نزق" قيادتها، يبرز دور الرئيس الاسرائيلي كمجسر لهذه الفجوة، وكمطمئن للولايات المتحدة على بقاء اسرائيل على "العهد" (الأمريكي)، وكضابط للحكومة الاسرائيلية على "التوقيت" الأمريكي ايضا.


هذا ما يقوم به الرئيس اسحق هيرتسوغ، الذي "يفتخر" أنه من مواليد "اسرائيل"، ابن الرئيس حاييم هيرتسوغ الذي ولد في بلفاست، وحفيد اسحق هاليفي هاليفي هيرتسوغ، حاخام ايرلندا. وهو عندما يخبر الكونجرس الأمريكي بذلك في خطابه الأخير هناك، انما يريد التأكيد ليس فقط على شرعيته الصهيونية، وانما على كونه من ابناء النخبة التي صنعت اسرائيل، ويريد أن يخبر الجميع بحرصه على "الدولة"، وبأحقية "تدخله" للوساطة بشأن الانقسام الاسرائيلي القائم.

حرص الرئيس الاسرائيلي وهو القادم من اوساط حزب العمل المعارض حاليا، وشغل منصب أمينه العام، على اتخاذ شكل الوسيط المحايد تجاه الأطراف الاسرائيلية المتنازعة، لكنه ليس محايدا تجاه من "يعبث" بمصير دولة اسرائيل، وتجاه من يعبث كذلك بامكانية "خدش" علاقة اسرائيل بالولايات المتحدة.

لذلك كان حرصه على أن تكون كلمته في الكونجرس رسالة بكل الاتجاهات.. محذرا أطراف النزاع الاسرائيلي، وخاصة نتنياهو، من الانزلاق الى حرب أهلية اسرائيلية. وابرز اهمية العلاقات التي لا تنفصم بين اسرائيل والولايات المتحدة. وأكد للامريكيين على الخدمات "الجليلة" التي قدمتها وتقدمها اسرائيل للولايات المتحدة، وشكر الأردن ومصر اللتان تملكان علاقات "طيبة" مع إسرائيل. كما شكر امريكا على جهودها لتطبيع العلاقات مع دول عربية واسلامية أخرى، وحثها على بذل جهود أكبر لجلب السعودية الى التطبيع مع إسرائيل. واختتم كلمته، وسط تصفيق أعضاء الكونجرس الحار، باللازمة اياها، شيطنة الفلسطينيين "الارهابيين"، وايران التي دعا للتصدي المشترك لها.

في صلته المباشرة بالتصدي للانقسام الاسرائيلي، أظهر هيرتسوغ حرصه الكبير على "الدولة"، وحافظ على علاقاته المتوازنة مع أطراف الانقسام، ودعا الى الحوار المستمر بينها، وحرص على الظهور على أنه فوق هذه الأطراف، وحاول الاستفادة من كل ما هو متاح؛ ارثه الشخصي والعائلي، وموقفه السياسي، وعلاقاته بالولايات المتحدة، و"دماثته" في مخاطبة الأطراف والحلفاء من أجل تجاوز المعضلة.

الرئيس الفلسطيني والانقسام
عبرت كلمة الرئيس الفلسطيني الأخيرة في الأمم المتحدة بشكل حقيقي وشامل عن القضية الفلسطينية، منذ بداياتها حتى قبل 1948 الى الآن. وهي اذا ما استثنينا "تعلق" الرئيس بالخروج عن النص في معظم خطبه، لا تقل اهمية "واحترافا" عن كلمة الرئيس الاسرائيلي أمام الكونجرس الأمريكي.

فلأول مرة - على حد علمي- تحدث الرئيس عن كونه لاجئا ولد في مدينة صفد الفلسطينية، وأن له كبقية اللاجئين الفلسطينيين حقوقا في فلسطين التاريخية. كما تحدث عن جذور النكبة الفلسطينية، ودور بريطانيا والولايات المتحدة والاستعمار اجمالا في التسبب بهذه النكبة، وعن تنكر هذه الدول للحقوق الفلسطينية، واستمرار دعمها لإسرائيل المحتلة والدفاع عنها.

وفي اشارة الى الانقسام الفلسطيني، تطرق الرئيس الى موضوع الوحدة الوطنية، الذي لا يجب ان يكون حجة أمام القوى العالمية للاستمرار في التنكر للحقوق الفلسطينية.

لكن المتابع لموضوع الانقسام الفلسطيني ربما يلاحظ أن الرئيس كان يبدو اقرب لأن يكون زعيما لأحد طرفي الانقسام، منه رئيسا للفلسطينيين على اختلاف اطيافهم. كانت رئاسته لفتح والسلطة أكثر "تفوقا" على رئاسته لمنظمة التحرير و"دولة" فلسطين، وللفلسطينيين عموما على اختلاف اطيافهم. لم يتعال على الانقسام بل دخل في تفاصيله. وأبدى اهتماما بالشرعية أكثر من الوحدة، ولم يحاول أن يكون هو نفسه "راعيا" لأطراف الحوار، بدل أن يترك ذلك للدول المختلفة للقيام بذلك. لقد تمترس في خندق المدافعين عن "النظام"، دون الاخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يشكله ذلك من ضرر على القضية نفسها.

يبدو للمراقب أن أولويات الرئيس الفلسطيني كانت الاهتمام بشرعية السلطة، وباستمرارها ضمن السياق الذي أتت من أجله، أكثر من موضوع العلاقات بين المكونات الفلسطينية ذاتها؛ فاعتقد أن مشروع السلطة، يكفي لأن يلتف الفلسطينيون حوله، بينما في واقع الحال، كان هو المشروع الذي ذهب بالفلسطينيين باتجاهات أخرى.

تخضع القضية الفلسطينية لاعتبارات دولية معقدة، ولمؤثرات خارجية متعددة ومتشابكة بل ومتعارضة في اغلب الأحيان، لذلك ليس من السهل إيجاد نقطة التوازن بين الاهتمام بتلك الاعتبارات الخارجية، وبين التفاعلات الداخلية بين الفلسطينيين أنفسهم. لهذا السبب ربما يعتبر الرئيس أن الدفاع عن "النظام" الفلسطيني يقود تلقائيا الى الدفاع عن القضية الفلسطينية ذاتها، لكن ذلك موضوع شائك ومعقد يحتاج للمزيد من التفكير.

عن جريدة القدس

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق