اليوم الاربعاء 15 مايو 2024م
الاحتلال يطالب أحياء في شمال القطاع بالإخلاء الفوريالكوفية بث مباشر|| تطورات اليوم الـ222 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية "اتحاد الكتّاب": لا النكبة ولا المقتلة الدموية الطويلة ستوقفان نضالنا من أجل التحرير والعودةالكوفية مراسلنا: مروحيات الاحتلال تطلق النار تجاه الأهالي في منطقة حسن البنا جنوب حي الزيتونالكوفية مراسلنا: مدفعية الاحتلال تقصف شرقي دير البلح وسط القطاعالكوفية مراسلنا: الاحتلال يستهدف تجمعا لمواطنين على مفترق العيون في شارع الجلاء بمدينة غزةالكوفية كتائب القسام: استهدفنا دبابة من نوع "ميركفاه 4" شرق مدينة جبالياالكوفية الحوثيون: استهدفنا مدمرة أميركية في البحر الأحمرالكوفية إيرلندا: سنعترف بدولة فلسطين قبل نهاية مايو الجاريالكوفية الخارجية تطالب بتعزيز آليات محاسبة إسرائيل على جرائمها بحق المعتقلينالكوفية مراسلنا: 3 شهداء ومصابون إثر قصف الاحتلال سيارة بمنطقة الفالوجا شمالي القطاعالكوفية مراسلنا: 3 شهداء ومصابون إثر قصف الاحتلال سيارة بمنطقة الفالوجا شمالي القطاعالكوفية الاتحاد الأوروبي لإسرائيل: أوقفوا العملية في رفح وإلا ستتضرر العلاقاتالكوفية حكومة الاحتلال ستصوت ضد قرار الأمم المتحدة بمنح الفلسطينيين العضوية الكاملةالكوفية القناة السابعة: مستوطنات الضفة قلقة من تكرار سيناريو 7 أكتوبرالكوفية القناة السابعة: رافضو التجنيد في الجيش يبعثون برسالة إلى "بايدن" : أوقفوا الحربالكوفية معاريف: غضب بمعسكر الدولة.. يجب إجراء انتخابات مبكرة في أسرع وقتالكوفية سفير إسرائيل السابق لدى مصر: يجب أخذ التهديدات المصرية على محمل الجدالكوفية يديعوت أحرونوت: استبدال الزي العسكري للقوات المدرعة بزي جديد مقاوم للحريقالكوفية يديعوت أحرونوت: الجيش الذي عاد إلى شمال قطاع غزة وكأنما يدور في دوائر مفرغةالكوفية

غياب المجلس التشريعي

17:17 - 02 إبريل - 2022
إبراهيم شعبان
الكوفية:

صدر قبل عدة أيام عن الرئيس محمود عباس قرار بقانون حمل الرقم 15 لسنة 2022 أوقف بموجبه ثلاثة ‏قرارات بقانون صدرت حديثًا جدًا عن العمل، حتى الأول من يونيو/حزيران من عام 2022، وهي قرار بقانون رقم 7 ‏لسنة 2022 الخاص بشأن تعديل قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 وتعديلاته، وقرار بقانون رقم 8 لسنة ‏‏2022 الخاص بتعديل قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 وتعديلاته، وقرار بقانون رقم 12 ‏لسنة 2022 الخاص بتعديل قانون التنفيذ رقم 23 لسنة 2005. وتضمن هذا القرار بقانون الفقرة المكررة المعهودة في ‏كل القوانين الجديدة، بأن يلغى كل ما يتعارض مع أحكام هذا القرار بقانون. وطلب العمل بهذا القرار بقانون الموقف ‏لقوانين عدة، فور إصداره وحتى قبل نشره في الجريدة الرسمية. ‏

شكلّت وتشكل هذه القوانين صلب إجراءات التقاضي المدنية والجزائية، واستبشر بها القانونيون خيرًا لأنها كانت أول ‏وفاتحة قوانين شكلية إجرائية لتوحيد القوانين بين قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك بعد تشكيل أول لجنتين واحدة ‏جزائية والثانية مدنية لهذه المهمة، حيث قامت اللجنة الأولى بوضع مشروع قانون للإجراءات الجزائية، أما اللجنة ‏الثانية – وقد كنت مقررا لها – فقامت بوضع مشروع قانون للإجراءات المدنية. وقد عرض المشروعان على فقهاء ‏مصريين مشهورين حيث أقراهما كليا ما عدا تعديلات هامشية. وتلا ذلك أن اعتمد المجلس التشريعي الأول هاذين ‏التشريعين وأقرهما بقراءاته الثلاث بكامل نصوصهما، بعد تعديلات طفيفة في عام 2001. وكان المؤمل أن يتم توحيد ‏القوانين الموضوعية مثل قانون العقوبات والقانون المدني والقانون التجاري على نفس الشاكلة لبناء هرم قانوني ‏فلسطيني موحد. ‏

وكانت ذروة التشريع الفلسطيني للمجلس التشريعي إقرار القانون الأساس سنة 2003 الذي اعتبر بمثابة دستور فلسطيني ‏سواء من ناحية شكلية أو من ناحية موضوعية، فهو لا يمكن تعديله إلا بموافقة ثلثي أعضاء السلطة التشريعية، وهو ‏يحتوي بين جنباته الحقوق والحريات العامة وتنظيما للسلطات العامة الثلاث في فلسطين (التشريعية والتنفيذية والقضائية‏‏). ‏

وقد رسم القانون الأساس الفلسطيني طريقا واضحا ناضجا بل مبالغا فيه، لكيفية سن تشريع فلسطيني عبر مراحله ‏المتعاقبة. فقد كفلت اللجان ومنها القانونية والإعداد لمشروعات القوانين والقراءات الثلاث والتصويت على القواعد ‏القانونية سواء بمفردها أو مجتمعة ومصادقة الرئيس والنشر في الجريدة الرسمية، إخراج قانون عام مجرد بعد درس ‏وتمحيص ونبذ الانحراف التشريعي. ويبدو أن خطوة المجلس التشريعي في إجازة سن القوانين المؤقتة (قوانين ‏الضرورة) (القرار بقانون) عبر المادة 43 كانت مجرد متابعة للنظم القانونية في العالم، حينما يغيب المجلس ‏التشريعي لسبب أو لآخر، كأن يكون في إجازة وتطرأ ضرورة لا تحتمل التأخير، فخولّه صلاحية إصدار قوانين مؤقتة ‏لها مرتبة التشريع العادي، في هذا الأمر الضروري الذي لا يحتمل التأخير دفعا لضرر يلحق بالشعب أو جرا لمغنم لا ‏يجب تأخيره، شريطة عرضها على المجلس التشريعي في أول اجتماع يعقده بعد التئامه من جديد وبخاصة أن القانون ‏الأساس لا يجيز للرئيس حلّ المجلس التشريعي كما هو حاصل في دول أخرى.‏

‏ وأجزم أنه لم يدر بخلد المجلس التشريعي آنذاك حينما سنّ المادة 43، أن يغدو هذا الأمر الاستثنائي النادر الضيق ‏بطبيعته، والذي لا يجوز القياس عليه، والذي وضع لملاقاة الضرورة التي لا تحتمل التأخير على وجه الحصر، قاعدة ‏شائعة الاستعمال ميسورة الوجود، بل تغدو هي الأصل وكأنها ليست استثناء. فقد قلبت المعايير والموازين وغدا ‏الاستثناء أصلا والأصل استثناء بل عدما في ظل غياب المجلس التشريعي برمته. ‏

وأصبح القرار بقانون وسيلة متسارعة في ظل غياب المجلس التشريعي المزمن للتشريع السريع المتناقض والذي يحفل ‏بالأخطاء المنقولة دون مراعاة نصوص القوانين الموجودة (قص ولزق)، تدفع به فئة أو مصلحة أو موضة أو عهد ‏دولي أو معاهدة دولية، وسرعان ما يتم العودة عنه أو بوقفه لمدد زمنية مختلفة بعد ضغط جماهيري أو نقابي أو مهني ‏أو شعبي أو مصلحي. وبذا وجدنا مئات القرارات بقانون قد سنت في الحقبة الأخيرة وقد خلقت مراكز قانونية للأفراد ‏بغض النظر عن مركزهم القانوني. والأخطر أن دراسة وتحليل وإقرار هذه المئات من القرارات بقانون يحتاج لحقب ‏زمنية طويلة مما يخلق تناقضًا وارتباكًا في القواعد القانونية اللذان سيؤثران على العدالة المهتزة أصلا في المجتمع ‏الفلسطيني. ‏

ولعل القرار بقانون الأخير للرئيس يعزز ما نقول به. فبعد أن روج البعض للتعديلات على هذه القوانين الثلاثة ‏وامتدحوها بأنها داعمة للعدالة وسندا لها، يقوم الرئيس بوقفها لفترة زمنية وتحديدا للأول من شهر حزيران (6) من هذا ‏العام. وهذا إجراء دستوري غريب بعض الشيء قانونيا. فليس هناك في القانون الأساس لعام 2003 اصطلاح بهذا ‏المعنى، فهناك موافقة الرئيس على مشروع القانون وإصداره أو إعادته للمجلس التشريعي لدراسته من جديد. أما مسألة ‏إيقافه فمسألة فيها نظر، فصلاحيات الرئيس محددة بنصوص القانون الأساس دونما نقص أو إضافة أو تعديل. ولا يملك ‏أحد تعديل تلك الصلاحيات حذفا أو إضافة ولا حتى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية مجتمعة أو منفردة أيا كان ‏اسمها وصفتها تملك ذلك. وكان الأفضل أن يتم التريث في إصدار القرار بقانون بدل وقف القانون المطبق لفترة زمنية، ‏وهو أمر يتسق مع القواعد الدستورية. ويجب أن لا نقع في خطأ المقولة أن الأصل في الأمور البراءة، لأن هذه المقولة ‏صحيحة في القانون المدني لكنها غير صحيحة في القانون الدستوري، ولو أجزناها جدلا لأصبحت صلاحيات الرئيس ‏شاملة لكل السلط الثلاث جميعًا. ‏

وماذا لو لم يتم تعديل أو حتى دراسة هذه القرارات بقوانين خلال الفترة المضروبة والمحددة حتى الأول من حزيران/ ‏يونية فهل يوقف الرئيس هذه القرارات لفترة زمنية أخرى، أم ستعود لها قوة النفاذ وتغدو صحيحة. وما هو السقف ‏الزمني النهائي إذا أجيز لهذا الوقف المتتالي أو المتقطع. وستدخل المفاهيم القانونية جدلًا قانونيًا دياليكنيكيا سفسطائيا ‏ليست بحاجة إليه بل يمكن وصفه بالعقم وغير المجدي. ‏

سأضرب مثالا على عدم الحاجة للقرارات بقانون وأن هذه بدعة وكان من الأولى نبذها وعدم تطبيقها إلا في حالات ‏نادرة، ويمكن أن يتعايش الفلسطينيون بدونها ولا حاجة إليها وتسويقها وتبريرها والدعوة إليها، فالعقل القانوني المبدع ‏المتمكن سيجد حلا لتعقيدات ومستجدات الحياة دون الحاجة إلى قرار بقانون في حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير. ‏القانون المدني في فلسطين يسمى بمجلة الأحكام العدلية وهو قانون عثماني عمره أكثر من قرن ونصف من الزمان ‏حيث صدر في ستينيات القرن التاسع عشر، وقد ألغته جميع الدول العربية المحيطة بنا، ولكنه ما زال يطبق في ‏فلسطين ولم يلغ حتى كتابة هذه السطور. كذلك قانون العقوبات عمره أكثر من ستة عقود ومثله القانون التجاري، فهل ‏سنسن قرارات بقوانين لكل هذه القوانين ولغيرها، أم سيكون العقل القانونيا بحثا عن روح النص ومطبقا إياه بدل اللجوء ‏إلى قوانين الضرورة غير الشرعية لأنها لا تعبر عن ضرورة لا تحتمل التأخير. ‏

صحيح أن التشريعات تصاب بعيب رئيسي هو الجمود، لكن هذا الجمود يمكن تخطيه وإكمال النص القانوني بالفهم ‏العميق المتزن والبحث عن المصلحة العامة والعدالة والقانون الطبيعي والشريعة الإسلامية وحتى المذهب الحنفي ‏بالذات، رغم مرور أكثر من ألف عام عليه، تماما كما هو القانون الروماني الأب الروحي لجميع قوانين الغرب. فقوانين ‏الإجراءات سواء الجزائية أو المدنية كان يمكن تعديلها بالممارسة والتطبيق العملي واللجوء إلى الاجتهاد القضائي، دون ‏الحاجة إلى سيل القرارات بقوانين التي ما فتئت وصمة عار في جبين القانون الفلسطيني. دائما وأبدا لا تكفي النصوص ‏القانونية ويستعاض عنها بمصدر في غاية الأهمية وهو الاجتهاد القضائي الذي يشكل المصدر الأول في الدول الأنجلو ‏ساكسونية.‏

غياب المجلس التشريعي وعدم القيام بوظيفته طبقا لقواعد القانون الأساس، وحلول سلطة أخرى هي السلطة التنفيذية ‏مكانها لتشرع وفق مقاييس غريبة يوقعها في الخطل والزلل، وهذا يؤثر سلبا على قيم العدالة واستقرار المراكز ‏القانونية. ولعل ما جرى أخيرا من سنٍ ووقفٍ لقرار بقانون يشير بشكل جازم لتخبطٍ وارتباك واهتزاز في المراكز ‏القانونية ما كانت لتحصل لو أن المجلس التشريعي في مكانه وعى رأس وظيفته، فما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء ‏تمرة. ‏

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق