اليوم الثلاثاء 08 إبريل 2025م
حماس: الضغط العسكري لن يعيد الأسرى أحياء مهما تعالى صوت المجازر بحق المدنيينالكوفية الفارس الشهم تؤكد التزامها بمواصلة الدعم الإنساني لغزة رغم توقف تدفق المساعدات عبر المعابرالكوفية استشهاد شبيه لاعب المنتخب المصري محمد أبو تريكة في غزةالكوفية مجلس الوزراء يقر عطلة عيد الفصح المجيد والعمال العالميالكوفية فيديو || إصابة شاب برصاص الاحتلال واعتقاله في نابلسالكوفية 23 إصابة خلال اقتحام الاحتلال جامعة القدسالكوفية الشرطة: سقوط عصابة الفلتان الأمني المتورطة بإطلاق النار في الخليلالكوفية الرئيس المصري ونظيره الفرنسي يصلان إلى العريشالكوفية هيئة الأسرى: أسرى عيادة سجن "الرملة" يعانون أوضاعا اعتقالية وصحية صعبةالكوفية الخارجية الأمريكية: لا يمكن لحماس الاستمرار في لعب أي دور بغزةالكوفية مدرسة القدس الأمريكية تفوز بجائزة افضل مندوب في مؤتمر RIMUN XIV بفرنساالكوفية عبد العاطي يؤكد لأورتاغوس رفض مصر تهجير الفلسطينيين من أرضهمالكوفية وزارة المالية تعلن صرف رواتب الموظفين اليومالكوفية وزارة الصحة تعلن عن إحصائية لعدد شهداء غزة اليومالكوفية تطورات اليوم الـ 22 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية مؤشر بورصة فلسطين يفتح على تراجع حاد اليومالكوفية الخارجية تطالب بإجراءات دولية جادة لوقف اقتطاعات إسرائيل من أموال "المقاصة"الكوفية "لجان المقاومة" تنعى الشهيد الصحفي أحمد منصورالكوفية الصحة بغزة: 58 شهيدًا و213 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضيةالكوفية استشهاد سبعة مواطنين بينهم الصحفي أحمد منصور صحفي إثر غاراتٍ للاحتلال على قطاع غزةالكوفية

طابخ السم و"الأحمق المفيد"

10:10 - 09 أغسطس - 2021
سام منسى
الكوفية:

مرت الأسبوع الماضي ذكرى جريمة تفجير مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، وهي الأكبر والأخطر في سلسلة الجرائم المتنوعة التي ارتكبت ولا تزال ترتكب بحق البلد برمته وغلبت كل المقاييس في زمن ما يطلق عليه «بالعهد القوي».
لا خلاف أن ما من جريمة تعادل تفجير المرفأ، ويفترض أن تشكل بحجمها ومدلولاتها محطة لمراجعة مآلات البلاد. إنما يبدو أن منشأة التفجير ماضية من دون كلل، وما يطبخ في مطابخ السم لمستقبل البلاد يحاكي تفجير مرفأ بيروت، بل قد يفوقه خطورة في السياسة لأنه يهدف إلى تفجير الكيان وصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، وهو ما يوصف ظاهراً وباطلاً بالأزمة الحكومية، بينما هو في الواقع طبق سم يعد للبنانيين قد تكون تداعياته وأبعاده أخطر من تفجير المرفأ.
بدأنا نتحضر لتناول طبق السم هذا منذ سنوات، ويبدو أننا وصلنا إلى مرحلة استواء «الطبخة» التي تقتضي، كما يبدو، إعادة النظر بالنظام السياسي والتركيبة القائمة، بدءاً من تقويض الطائف كما ذكرنا سابقاً وإضعاف الشخصيات السنية المرشحة لتولي منصب رئاسة الحكومة الواحدة تلو الأخرى، والنيل من صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعاً وتخييط الثوب الجديد على قياس الحزب الحاكم وبتطريز منه ومن حاشيته.
مطلع الأسبوع الفائت، حذّر الوزير السابق لشؤون رئاسة الجمهورية ومستشار الرئيس ميشال عون الحالي، بيار رفول، رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي من الاستمرار على نهج رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قائلاً: «إذا أراد البقاء على شروطه بيطير متل ما طار الحريري». هذا الكلام جاء بعد لقاء رفول مع عون وفي سياق مقابلة تلفزيونية، وتكمن خطورته في أنه لم يجد من جهة أي رد جدي عليه من الأطراف السياسية بطوائفها كافة، بما فيها رد ميقاتي، وكونه من جهة ثانية يعبر عن حقيقة تفكير ورغبات الرئيس عون. وثالثاً والأكثر أهمية أنه يشبه تفجير المرفأ، إلا أنه لن يقتصر على تدمير البشر والحجر في العاصمة، بل سيفجر لبنان الذي عرفناه برمته وعن سابق وعي وتصميم.
فمنذ استقلال لبنان وصياغة دستوره الأول والتوافق على الميثاق الوطني، لم يقدم أي رئيس مسيحي على التعاطي بهذه الطريقة الصلفة والمفرغة من مضامين قوتها مع شريكه السني، متحدياً الطائفة السنية ليس فقط محلياً ولكن إقليمياً أيضاً، ومثبتاً مرة أخرى أن تفكيره وممارساته وتعنته تدخل في سياق المشروع الإقليمي الذي سبق الكلام عنه مراراً ومؤداه الالتحاق بمحور إيران. يستحيل أن يكون موقف رئيس الجمهورية يعبر عن تياره فقط، وبات مملاً القول إنه تبلور تحت عباءة الراعي الإيراني الإقليمي، وما يسمى استعصاء هو بهدف الوصول إلى غاية في نفس يعقوب تخدم مشروع طهران التوسعي.
فلا الوضع الداخلي المسيحي الهش والمتباين ولا الوضع الإقليمي ملائم ليواجه الرئيس اللبناني المسيحي وحده البعدين السنيين المحلي والعربي الخارجي دون رافعة إيران، وهذا ما يفسر الترويج لشعارات حماية الأقليات والمشرقية والتوجه شرقاً والهرولة إلى نظام الأسد ضمن خطة تنفيذية تستكمل يوماً بعد يوم.
مصادر القصر الرئاسي لم تنفِ ما صدر عن السيد رفول والرئيس نفسه لم يألُ جهداً لكي تُعلن الحكومة مع ذكرى تفجير المرفأ إجلالاً لهول المأساة واحتراماً للآلاف الذين تظاهروا، بل أطل عليهم بكلمة متلفزة غطت هتافاتهم المطالبة بالعدالة مضمونها الذي ألقى الملح على جروحهم، لا سيما أن دوائر سلطته واجهت هذا اليوم من منطلق أنه سيمر كما مرً يوم التفجير، وأن غداً سيكون يوم عمل آخر.
واللافت أيضاً هو غياب أي رد فعل من القيادات المسيحية على قول رفول كما على تعنت الرئيس وفريقه في عملية التأليف، عامدين إلى طمر رؤوسهم في الرمال. موقف له تفسيران: إما سذاجة سياسية فاقعة إذا صحت تعد مميتة، وإما موافقة ضمنية مضمرة على هذه البهلوانيات، إذ يعتقدون أن المسيحيين قد يستعيدون معها بعضاً من صلاحيات مسلوبة متوهمة في جمهورية افتراضية في عملية إرضاء مسطح للأنا المسيحية المعطل فكرها السياسي منذ زمن بعيد.
الإشكالية هي الانقسام المسيحي بين مؤيد لتوجهات التيار العوني ورئيس الجمهورية والمعارض لها بتردد والتباس، معتقداً أن الانتخابات التشريعية قادرة على إعادة إنتاج سلطة جديدة في ظل استمرار وجود حزب الله المسلح، متناسياً أن ربحه كمعارضة في دورتين انتخابيتين جاء مردودهما في السياسة صفراً مكعباً أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم.

إن مصطلح «Useful Idiot» في السياسة، ومعناه «الأحمق المفيد»، هو مصطلح واهٍ لشخص يُنظر إليه على أنه يسوّق لقضية دون فهم كامل لأهدافها ويستخدمه قادة القضية بهزلية سوداء وذكاء مفرط، ينطبق على ما نعيشه في لبنان. فصاحب القضية، أي حزب الله، أدهى من أن يحكم مباشرة بلداً متعدداً من جهة، ولا يستهان من جهة أخرى بالوجود العددي السني فيه وتأثيره الاجتماعي والاقتصادي وامتداداته العربية. فكان بحاجة ملحة إلى المسيحي ليلعب دور «الأحمق المفيد» ويكون واجهة للحكم ترضي غالبية المسيحيين بعد تدجينهم طبعاً، مستخدماً عصا التخويف من شبح التطرف العنفي السني الداهم (كأن الحزب هو جمعية خيرية!)، بما يسمح للحزب بالسطوة والقرار دون الحكم المباشر. وبصريح العبارة، هذا المصطلح يعبر خير تعبير عن الحال بين حزب الله والتيار العوني.
وللأسف الشديد هذه ليست المرة الأولى؛ فقد سبق وشهدنا استخدام الخارج ونتائجه الكارثية سورياً وإسرائيلياً. تجارب جرّت احتلالين داما عقوداً، وها نحن اليوم نواجه احتلالاً ثالثاً الله وحده يعلم كم سيدوم. تجارب كلها محاولات للتملص من نعمة لا نقدّر قيمتها هي أهمية العيش المشترك، وهذا ما تفصح عنه بعض الدعوات إلى الفيدرالية وشقيقاتها. أحسن الحزب استغلال هذه السمة خدمة للمشروع الإيراني التوسعي وفي مواجهة لجميع العرب.
يعتقد حزب الله أنه يستطيع بهذه الصيغة تجنب فتنة سنية شيعية مفتعلاً في الوقت عينه خلافاً مسيحياً سنياً هو الأقل تاثيراً وكلفة على الأمن والاستقرار. ويبدو أن الحفاظ على الأمن والاستقرار ولو تحت هيمنة حزب الله هو للأسف ما ينشده المجتمع الدولي المتردد. ولعل ما صدر عن مؤتمر باريس من هزال المساعدات وما كشفه من عمى سياسي عند بعض المشاركين خير برهان على ما نقول.
تمت الهيمنة على مجلس النواب وتم فرض قانون انتخاب غريب عجيب وتعطيل انتخاب رئيس إذا لم يكن العماد عون حتى وصل الدور إلى السلطة الثالثة مجلس الوزراء ودُمر ما يشكل في بيروت عصب العيش المشترك وعنوان تخطي قوقعة الطوائف، بينما المجتمع الدولي يكتفي بالفأر الذي تمخض عنه مؤتمر باريس. شكراً فرنسا!!
الشرق الأوسط

 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق