خاص: كان وسيبقى الشهيد ياسر عرفات، رمزًا للمقاومة وأيقونةً للنضال الفلسطيني، ويمثل الشهيد القائد أبو عمار لمعاصريه ومَن خالطوه كنزًا لا ينتهي ومعينًا لا ينضب من النضال والوطنية والشهامة والاعتزاز بالوطن والذات.. في هذه الحلقات نرصد شهادات حية لمعاصري الشهيد القائد على تفاصيل حياته ومواقفه النضالية..
قال عضو المجلس الثوري في حركة فتح، عدلي صادق، في حديثه عن الزعيم الراحل أبو عمار، إنه كان زاهدا في نفسه، وعميقا في إنسانيته، وحكيما في سياسته.
أكثر اللحظات إدهاشا
وأوضح صادق، أن هناك لحظات كثيرة مميزة في حياته مع أبو عمار، وأكثرها إدهاشا بالنسبة له، لحظة مصارحته له عندما كانوا في القاهرة، وقال، "أخذني من يدي أثناء بحثنا في موضوع المواجهات، وتحدث بصراحة، مشيرا إلى أنهم بعيدين عن المراقبة، وقال، سوف أقاتل وأهدم المعبد عليّ وعلى أعدائي".
وأضاف صادق، " تفاجأت بعض الشيء، حيث كان أبو عمار قبل 5 سنوات يوقع اتفاقا في البيت الأبيض، يتخلى فيه عن مشروع الكفاح المسلح".
وتابع صادق، "لقد هزمتني يا أبو عمار، كنت أعتقد للحظة أنك تخليت عن القضية، ولكني رأيت في هذه اللحظة القائد والزعيم والفدائي، والمقاتل الذي ظلم كثيرا وظن فيه الظنون من قبل قوى لم تقاتل مثله، وليست في حب كحبه لفلسطين، مؤكدا على وطنية الزعيم أبو عمار، وأنه لا يمكن أن يفرط بقضيته، وهو رجل لديه قناعة بأنه يخوض بالماء ولا يتبلل وأن ثوريته مصونة".
زعيم وصاحب قرار
وذكر صادق، أنه بدأ يستعرض أمامه ثقافته وخبرته العسكرية، مشيرا إلى إعجابه بقرار أبو عمار في القتال ضد إسرائيل، ونصح بعدم رفع سقف النيران في المواجهة مع العدو الإسرائيلي، لافتا إلى أن انسحاب إسرائيل من لبنان في حربها مع حزب الله، حيث انسحبت إسرائيل من لبنان عن طريق المفخخات والكمائن.
وأشار إلى أن أبو عمار زعيم يعرف أنه صاحب القرار في النهاية، وعلى قناعة بالموقف الاستراتيجي الذي يعبر عنه، مؤكدا على أن تلك مرحلة الزعامات المبهرة.
وأشار إلى أن أبو عمار، كان يحترم آراء الأخرين ويميل دائما لتشهيد الناس، ويأخذ رأيهم، ويتشاور مع اللجنة المركزية في المجلس العسكري.
عميق في إنسانيته
وأكد صادق، أن الزعيم له لمسات إنسانية كثيرة، فعند وجود جريح أو شهيد يكون أول الناس المعزيين في الشهيد وأول من يواسي أسرهم، ونصوحا للجميع ويستشعر بهم ويشاركهم في فرحهم وحزنهم، ويبادلهم المشاعر ويسعى لتوفير احتياجاتهم.
ويصف صادق حال أبو عمار قائلا، "كان زاهدا في نفسه ويتحسس الناس ويشعر بهم، ويصرف لهم ولا يصرف لنفسه على ملبسه أو هندامه، ويفكر بالذين معه كيف هي أوضاعهم وكيف يعيشون هم وأولادهم وأسرهم ويستمع إليهم ويواسيهم، عميق في إنسانيته ومحبته للناس".
وأوضح، أنه في مرحلة الثورة كان أبو عمار يستأنس بآراء العسكريين المحترفين، حيث تمثل بزيه العسكري الذي ارتداه في بدايته عندما أصبح ناطقا عسكريا باسم حركة فتح، قبل أن يصبح رئيس اللجنة العسكرية، كان يرتدي زيه العسكرية ويضع مسدسه بجانبه، حيث كان يقضي أغلب وقته في المواقع.
حكيم في سياسته
وسياسيًا، يقول صادق، "في العلاقات الدولية كان يتوسع في الود الشخصي مع زعماء العرب والغرب وقاعدة السلطة، ويشاركم هواجسهم الداخلية في العلاقات العربية، ويستشعر ضرورة البعد الاجتماعي في السياسة العربية والدولية، حيث كان في بعض الدول يتحبب إليهم ويبادلوه الحب ويقدم المساعدة باستمرار، ونشأت له صداقات كثيرة مع الرؤساء العرب".
وأشار إلى، أن أبو عمار كانت مشكلته في العلاقات العربية، هي من يحاولون الانتقاص من حق الفلسطينيين في امتلاك قرارهم.
وعربيًا، يقول صادق، "كان استقلاليا وشديد الحب والرضا والود للجزائر، لأنها تعطي فلسطين دون شروط أو مقابل، حيث كان يتفاءل بها ويسعى للموازنة بين الدول العربية، وعند زيارته لإحدى الدول العربية يقوم بزيارة الدول المجاورة لها حتى يرضي الجميع".
وداخليا، "كان يستمع إلى مخرجات عمل الكوادر في الساحات، وأعضاء اللجنة المركزية في علاقاتهم العربية والدولية ويتشاور معهم، ويقرر الوجهة الاستراتيجية للثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير، ويتيح المجال لكل الفصائل الفلسطينية ولكل الزعامات الفصائلية لتتحدث بحرية".
يومًا بعد يومًا تتكشف حقائق جديدة وتظهر وثائق مكنونة في صدور وقلوب وذاكرة معاصري أبو عمار، تضيف رصيدًا جديدًا لهذا الخالد دومًا، فلروحه السلام.