اليوم الخميس 13 فبراير 2025م
عناصر تحصين خطة مصر في مواجهة مقترح ترامب لـ"خطف غزة"؟!الكوفية دلياني: عدوان الاحتلال على مخيمات الضفة تكريس لمشروع التطهير العرقيالكوفية الدوري البرازيلي: ديباي يخطف الأضواء... وصيحات استهجان ضد نيمار في الـ«كلاسيكو»الكوفية إيقاف سلوت مباراتين بعد طرده أمام إيفرتونالكوفية ألمانيا: 20 جريحا بحادث دهس في ميونيخالكوفية آلاف السودانيين مهددون بالجوع بعد تجميد المساعدات الأمريكيةالكوفية إصابة شاب واعتقال شقيقه خلال اقتحام الاحتلال رام الله التحتاالكوفية الاحتلال يبعد 4 صحفيين مقدسيين عن المسجد الأقصىالكوفية بالصور|| عشرات المعدات الثقيلة والمنازل المتنقلة في طريقها إلى غزةالكوفية مكتب نتنياهو ينفي التقارير عن التوصل إلى اتفاق بحل الأزمة التي طرأت في اتفاق وقف إطلاق النارالكوفية حماس: وفدنا أجرى مباحثات مع الوسطاء لمتابعة مجريات اتفاق وقف إطلاق النار وهذه التفاصيلالكوفية جيش الاحتلال يرفع حالة الاستعداد في القيادة الجنوبية ويستدعي الاحتياطالكوفية كاتس: الحرب الجديدة في غزة ستكون بكثافة وستتيح تنفيذ خطة ترامب في القطاعالكوفية ليبرمان: يجب البدء بمفاوضات المرحلة الثانية وعلى مصر فتح معبر رفح لمغادرة الغزيينالكوفية الشرطة الألمانية: إصابات بحادث دهس في ميونيخالكوفية حماس: نؤكد الاستمرار في موقفنا بتطبيق اتفاق غزةالكوفية إذاعة جيش الاحتلال: نتنياهو يعقد اليوم اجتماعا أمنيا في مقر القيادة الجنوبية للجيش لتقييم وضع اتفاق غزةالكوفية ترامب يعلن أنه سيلتقي بوتين في السعوديةالكوفية العلاقات العربية الأميركية علــى مـفـترق طــرقالكوفية ترامب يهذي ونتنياهو يصفّق!الكوفية

ترامب يهذي ونتنياهو يصفّق!

11:11 - 13 فبراير - 2025
عبد المجيد سويلم
الكوفية:

لي رأي خاص في كل هذه «الهمروجة» التي تفتّقت عنها «عبقرية» دونالد ترامب، والهياج الجماعي للذين يُملون عليه كل ما يقوله، وكل ما لا يُجيد شرحه، أو الإفصاح عنه، ثم «يعكّ» ويخبص عشرات القضايا في بعضها البعض.
سآتي على هذا الرأي بعد قليل، لكن دعونا نبدأ من نقطة أخرى تبدو وكأنها سابقة على همروجته.
قلنا في المقال السابق إن دوافع كل هذا الهذيان هي بالأساس أميركية داخلية، وإنّ «الترامبية» هي فاشية أميركية جديدة، حتى ولو أن عناصر من هنا وهناك لم تكتمل بعد في الاقتصاد الأميركي، وحتى لو أنّ الانقلاب الذي يقوم به ترامب كواجهة لحفنة أغنياء أميركا من «المحافظين الجُدد»، ومن عُتاة «المسيحية الصهيونية»، والذين لديهم ما يكفي من قواعد الرأسمال الاحتكاري في القطاعات الاقتصادية، وخصوصاً «الريادية» منها في مجال الاتصالات والمعلوماتية، والفضاء والذكاء الصناعي، وغيرها، حتى لو أنّ هذا الانقلاب لم يكتمل بعد، بسبب عراقيل وعقبات كثيرة وكبيرة أمامه إلّا أنّ بناء دولة عميقة جديدة تبدو باعتبارها هدفاً حقيقياً، وليس أقل من ذلك، وبهذا المعنى فإن الانقلاب حقيقي، والمعركة على هذا الانقلاب هي معركة حقيقية، وستصبح خطرة وحاسمة إذا نجحت «الترامبية» في السيطرة على توجهات المجمع الصناعي العسكري، وإعادة توجيه الإنتاج فيه نحو شبكات الحماية الجديدة لكل الولايات المتحدة بعد أن فقدت الأخيرة القدرة على التنافس في مجال نوعية الصواريخ التي تتفوق بها روسيا، وكذلك العسكرية الصينية الجديدة.
وستصبح حاسمة وخطرة أكثر إذا ما نجحت «الترامبية» بالسيطرة على وكالة المخابرات المركزية (CIA)، وعلى فروع عسكرية وأمنية تابعة لها، أو تدور في فلكها.
ومربط الفرس في هذا كلّه الحصول على الأموال والثروات والفرص التي تولّد الرساميل المطلوبة «للعظمة الأميركية» التي يعجز الاقتصاد الأميركي عن توفيرها لهذه العظمة، وهو ما يفسّر نظام «البلطجة» وفرض الإتاوات الذي أعلن عنه ترامب بصورة فجّة ورعناء إلى أبعد حدود الرعونة والغرور حول كندا، وبنما، وجزيرة غرينلاند، وكذلك المكسيك وبعض الدول الأخرى.
«مبادرة» ترامب حول قطاع غزّة تأتي في هذا السياق من الناحية الاقتصادية والمالية بالمدخل العقاري، لكنها المبادرة الوحيدة التي اعتقد أنها ستوفر له إمكانيات هائلة إذا استطاع أن يطوّع الإقليم لقبولها أو عدم مقاومتها، خصوصاً إعادة التحكّم بالثروات النفطية في دول الخليج العربي، وملاقاة التمدد الصيني على الصعيد الاقتصادي باستخدام أوراق الطاقة للاقتصاد الأكبر في العالم الذي يستهلكها، وهو الاقتصاد الصيني.
كما أنّ عصابة «الترامبية الجديدة» تهدف من خلال «مبادرته» حول قطاع غزة إلى أن تعيد تماسك التحالف بين «المسيحية الصهيونية» من جهة، وبين «نادي أغنياء أميركا» الطامعين والطامحين لإحداث الانقلاب الداخلي في أميركا، وتعزيز هذا «التحالف التاريخي الجديد» عَبر استرضاء «فرعه الإسرائيلي»، والذي يتمثل في «اليمين الفاشي» الممسك بزمام النظام السياسي في دولة الاحتلال، والذي كان يخطط ولا يزال لإحداث نفس نمط الانقلاب فيها.
باختصار فإنّ «الترامبية» هي الحليف الطبيعي لـ»الكهانية» الإسرائيلية أولاً، وهي تستجيب لبرامج الأخيرة تعارض حقاً الأولى، وإنّما لأن هذا التحالف، ما بين الأصل والفرع هو قائم على «الانقلاب» قبل حماسة الجمهور الإسرائيلي الممعن في العنصرية والتطرّف، ولأن «الفرز» المطلوب لا يمكن أن يُبنى على «التصفيق» من نتنياهو أو غيره داخل التحالف الحاكم في دولة الاحتلال أو حتى خارجه، وأن نفس هذا الجمهور المتطرّف والعنصري سيوافق وسيحمّس ويصفّق لـترامب و»الترامبية» ما دام الأمر لا يتعلّق، أو يصل إلى حدوث الانقلاب فعلياً.
أقصد، وهنا أشرح رأيي الخاص بكامل «همروجة» ترامب أنه ليس لديه من قاعدة التحالفات المطلوبة «لإنجاح» مبادرته ما يكفي، لا في دولة الاحتلال، ولا في الإقليم، ولا على مستوى العالم كلّه.
وبهذا المعنى تحديداً فإنّ السعي لإنجاحها في القطاع ليس سوى «نزوة» فكرية وسياسية تحمل من المخاطر على أميركا، وعلى دولة الاحتلال أكثر بكثير مما تحمله على دولة فلسطين، وعلى دول الإقليم العربي.
فرص نجاح ترامب معدومة في الواقع إذا توفّرت الإرادة السياسية لمجابهتها.
الذي أملى هذه «المبادرة» أو «الخطة» ــ وهي أُعدّت في العام الماضي، كما أشار الدكتور الصديق حسن أبو لبدة في مقالته على صفحته، أمس، هو أنّ «اليمين» الأميركي، وكذلك «الدولة العميقة» في أميركا، كانت قد استشعرت بأن دولة الاحتلال قد فشلت في الانتصار، وأنّ هذا الفشل سيعني تغيّرات دراماتيكية في إقليم الشرق الأوسط كلّه، وأنّ الحل الوحيد لتفادي هذه التغيّرات «غير الحميدة» لدولة الاحتلال ولأميركا في إقليم إستراتيجي كهذا هو إرباك دوله، وإشعارها بالتهديد المباشر لكي يُصار في نهاية الأمر إلى إخراج دولة الاحتلال كدولة غير مهزومة بدلاً من دولة فشلت في الانتصار، لأن الفشل في الانتصار هو كناية عن هزيمة، التي لها تبعاتها، في حين أن تكون غير مهزومة سيعني أنها قادرة على أن تلعب دوراً محدّداً في الإقليم حتى ولو بدرجة مختلفة، كثيراً أو قليلاً عن الدور الذي اعتادت أن تلعبه.
وجوهر الرأي الخاص الذي أُحاول التعبير عنه هو أن ترامب ونتنياهو هما ثنائي من الدجّالين والنصّابين والكذّابين اللذين يدركان أن «نجاح» الخطة سيورّطهما معاً، أو فرادى أحياناً في حروب لا تقوى عليها دولة الاحتلال، ولا ترغب بها، وأميركا ليست مستعدة لها  في المدى المباشر على أقلّ تقدير.
فإذا «ارتجف» الإقليم، وبدأت «رُكبه بالصكّ» نجحت الخطة، وإذا مانع فهناك مجالات واسعة للمقايضة والمساومة، وإذا قاوم وتصدّى، وجمع واستجمع، وحشد وصمّم، واستعدّ وجابه فليس هناك من مفرّ للذهاب إلى «حلّ سياسي» شامل لا يحتمل وجود «اليمين» الإسرائيلي في الواجهة حتى لو أن تهميش دور هذا «اليمين» سينقل الصراع إلى داخل كيانه، ويسعّر من الصدام إلى أبعد حدود الأخطار الداخلية عليه.
وبهذا المعنى فإنّ أخطار ومترتّبات «همروجته» ستكون أخطر على بلاده وعلى دولة الاحتلال مما يظنّ الثنائي الفاشي، إذا ما تمّت مجابهتها بإرادة وتصميم.
مربط الفرس هو الموقف الفلسطيني.
تذكرون ربما أننا كتبنا على صفحات «الأيام» أن النظام العربي سيدفع ثمن تخاذله عن نصرة «غزّة»، لأن النجاح الصهيوني في الحرب لن يقف عند حدودها.
ها هو الخطر يصل مشياً على الأقدام، و»الخطّة» لن تنجح لأن النظام العربي يشعر بالتهديد، وما كان يجب أن يصل إلى هنا لو أنه أدرك طبيعة الحرب العدوانية الأميركية الصهيونية على غزّة.
ولكن «الخطّة» ستحقق لدولة الاحتلال مكاسب كبيرة بالمقارنة مع الخسائر التي كانت ستُمنى بها لو أنّ العرب أدركوا أهداف هذه الحرب الإبادية.
وهناك إمكانية بدلاً من الحلول الوسط التي تبقي النظام العربي تحت طائلة التهديد والخطر ناتجة عن المساومات والمقايضات، وبين المجابهة الحقيقية لـ»الخطّة»، والذهاب إلى دولة فلسطينية مستقلّة تصبح خطّ الدفاع الأوّل عن هذا النظام.
هنا الموقف الفلسطيني يجب أن يكون قاطرة هذه المجابهة.
في المقال القادم سنبين كيف، ولماذا؟
مع ذلك فإن نقطة البداية كما أراها هي إعلان حركة حماس عن قبولها بالانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بتقرير المصير والعودة والدولة مقابل قبول القيادة الرسمية وفوراً بإعادة بناء المنظمة والنظام السياسي ووضع خطط مجابهة لـ»خطّة» ترامب.
إذا تخلّفت «حماس» عن الذهاب فوراً باتجاه هذه الخطوة فإنها ستقع في المحظور، وإذا رفضت القيادة الإقدام على «استثمار» هذا التوجّه في إعادة الاستنهاض الوطني ومجابهة «الخطّة» تكون القيادات الرسمية قد أضاعت فرصة عمرها السياسي، وتكون قد ألحقت بالمشروع الوطني ضربة قاتلة.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق