- زوارق الاحتلال الحربية تطلق نيرانها غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة
مع انتهاء الشهر الرابع عشر من حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، تواجه أسواق قطاع غزة حالة غير مسبوقة من الشح في كل السلع الأساسية وفي مقدمتها المواد الغذائية، الأمر الذي ساهم بتضاعف أسعار الموجودة منها والمرتفعة أصلاً عن سعرها الطبيعي، ما بات ينذر بتفاقم الأوضاع الكارثية للأسواق وجعل أوضاع الفلسطينيين تتسارع نحو الأسوأ.
أسعار فلكية ومجنونة
وشهدت أسعار السلع الأساسية خلال الحرب ارتفاعا قياسيا، مسجلة أرقاما غير مسبوقة حتى باتت الأعلى عالميًا، إذ قلبت الحرب موازين الأسعار رأساً على عقب، في ظل منع وصول المساعدات ووجود عمليات احتكار، وصعوبة توفير غالبية المواد الأساسية.
هذا الارتفاع يفاقم من المعاناة الإنسانية والمعيشية لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، والذين حولتهم الحرب إلى "فقراء" خاصة في ظل إغلاق الاحتلال جميع المعابر مع قطاع غزة ومنع دخول البضائع والسلع الأساسية، عدا عن فرض قيودا على دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية ومنع في بعض الأحيان وصولها للقطاع، مسببا بذلك أزمة معيشية كبيرة.
معدلات غلاء قياسية
ومع اشتداد حرب الإبادة، شهد قطاع غزة معدلات غلاء قياسية، ولكن بكل تأكيد هناك سلع ارتفعت أكثر من غيرها، فالبنزين كان أكثر سلعة صعد سعرها خلال فترة الحرب إذ وصلت نسبة الارتفاع إلى 2245%، ثم جاءت الخضراوات المجففة في المرتبة الثانية بنسبة ارتفاع وصلت إلى 510%، والملح في المرتبة الثالثة بنسبة 416%، والديزل في المرتبة الرابعة بنسبة 381.51%، والبيض في المرتبة الخامسة بنسبة 343.77%.
كما شهدت سلعاً أخرى في قطاع غزة ارتفاعات ملحوظة منها البطاطا بنسبة 378%، واللحوم الطازجة بنسبة 287%، والأسماك الطازجة أو المبردة بنسبة 277%، والفواكه الطازجة بنسبة 255%، والخضراوات الطازجة بنسبة 205%.
شبح المجاعة
وتغيب عن أسواق قطاع غزة العديد من السلع والمواد الغذائية الأساسية بشكل تام مثل أصناف اللحوم الحمراء والبيضاء ما سبّب إغلاق المطاعم الشعبية، إلى جانب نقص الأجبان والألبان والبيض، وأصناف البقوليات والطحين والسكر والملح والخضار والفواكه وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق.
ولم يقتصر النقص الحاد في البضائع والمواد الغذائية والبقوليات والخضار والفواكه والدقيق على المحافظات الشمالية التي تستهدف قوات الاحتلال إخلاءها على اعتبار أنها "مناطق قتال خطيرة" بل تجاوز ذلك ليصل النقص وما يرافقه من شبح المجاعة إلى المناطق الوسطى والجنوبية التي تضم ما يزيد عن مليوني نازح فلسطيني يعيشون ظروفاً معيشية غاية في السوء، على الرغم من الادعاء الإسرائيلي بأنها "مناطق إنسانية آمنة" وتدخلها البضائع والمساعدات.
وبحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن المستوى الكارثي للجوع وخطر المجاعة في غزة، "أمر لا يمكن قبوله"، مرجعا ذلك إلى القيود الإسرائيلية المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية، وارتفاع الأسعار ومستويات النزوح داخل القطاع.
تغول الاحتكار
ويعتبر الاحتكار سببا أساسيا في غلاء الأسعار، حيث سمح الاحتلال لشركات معدودة بالحصول على تصاريح إدخال البضائع إلى غزة ما منح هذه الشركات سيطرة كاملة على السوق، وفتح المجال واسعاً أمام تغول بعض التجار المحتكرين، الذين يقومون بتخزين البضائع وإخفائها عن الأسواق بهدف تحقيق أكبر نسبة من الربح، الأمر الذي بات يرخي بظلاله الكارثية على الأسواق، ويفاقم من سياسة التعطيش التي تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب.
كل ذلك يتزامن مع غياب تام لدور الجهات المختصة وفي مقدمتها وزارة الاقتصاد من أجل حماية المستهلكين، خاصة مع تفشي سياسة الاحتكار وإخفاء البضائع التي يمارسها بعض التجار الكبار، وسياسة التقطير والتعطيش التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، إذ أن كلتا السياستين تساهمان في خنق الأسواق وتؤثران على السكان.
مقاطعة الأسواق
وفي نوفمبر 2024 أعلن المواطنون إضرابا عاما في مواصي خانيونس وسوق دير البلح المركزي رفضا لغلاء الأسعار وضد بعض التجار المحتكرين.
وطاف شبان على المحلات والبسطات، وجرى إغلاق البسطات كافة ومنع حركة البيع والشراء، لكن هذه الخطوة لم تفلح في خفض الأسعار.
شح السيولة وغياب المصارف
وتبدو مهمة الحصول على الكاش في قطاع غزة غاية في الصعوبة، في ظل شح السيولة خلال شهور الحرب على غزة، بالتزامن مع إغلاق البنوك والمصارف وتدمير غالبيتها.
ويعتبر شح السيولة المالية جزءا لا يتجزأ من أسباب ارتفاع الأسعار في غزة، حيث شهد القطاع ظواهر مصرفية غير مسبوقة، تمثلت في نظام "التكييش" النقدي مقابل عمولات تصل إلى 30 %، وباتت الأموال تفقد ربع قيمتها الحقيقية.
أرقام صادمة
تظهر البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء أن مؤشر غلاء المعيشة سجل ارتفاعاً منذ بدء حرب الإبادة.
ووفق الجهاز فإن معدلات غلاء المعيشة في قطاع غزة وصلت إلى 283 % ما أدى إلى أزمة معيشية خانقة.
أما البنك الدولي، فقد أكد أن التضخم في غزة تجاوز 250%، مشيرا إلى أن الاقتصاد هناك انكمش بنسبة 86%، أما نسبة الفقر فقد بلغت 100%، ليصبح جميع سكان قطاع غزة فقراء.