أمس بدأ المؤتمر التنظيمي للتيار الإصلاحي الديمقراطي لحركة فتح- ساحة غزة، وتتوج انطلاق فعاليات المؤتمر بخطاب لقائد التيار ومؤسسه محمد دحلان، وكعادته لا يمكن أن يجعل شعور الملل يتسلل إليك وأنت تستمع إلى خطابه.
قدرته عجيبة في تسريب قناعة لدى المستمع أنه لا يجب أن يفوته سطر ولا جملة ولا حتى كلمة لأنه من الممكن أن يبني تحليلًا كاملًا ودراسة من كل بند من بنود خطاباته، ويتولد شغف غير مفهوم لدى الجميع بمراقبة الرسائل المبرقة من الخطاب.
اليوم كان الخطاب واضحًا بما يتعلق في الشأن الداخلي للتيار ولحركة فتح، وعن علاقة التيار بكل القوى السياسية، وعن مفهوم التيار نحو دمقرطة الواقع الفلسطيني عامة، ولكن رسالة جريئة استطاع محمد دحلان إرسالها حول برنامجه السياسي، بالرغم من كونه بعيدًا عن سدة الحكم.
رسالة فيها عنفوان المحاصر بأن لديه خيارات أخرى غير حل الدولتين الذي اجتهدت إسرائيل لتقويضه دون اكتراث كون الطرف المقابل منزوع المضمون ولا يبحث إلا عن مكاسب شخصية.
الوحيد الذي طرح موضوع حل الدولة الواحدة سابقًا هو أحمد قريع وتم إجباره على التراجع بشكل علني عن الطرح ولم يعد إليه أحد بعد ذلك، واليوم يعود محمد دحلان ليطلقها علنًا بأن الفلسطيني لا يعدم الوسيلة والخيار.
وهذه رسالة واضحة أولا للاحتلال الذي يدرك خطورة الطرح والإحراج السياسي مع العالم الناتج عنه، ورسالة إلى أبو مازن ودوائر المفاوضات حول ضرورة التفكير خارج الصندوق واتخاذ قرار شجاع يضمن الحد الأدنى من تصويب المسار.
الجانب الإسرائيلي يدرك تمامًا خطورة الطرح ويعاني بشكل دائم من فوبيا الديموغرافيا التي ظهرت جليًا في أزمة حي الشيخ جراح ومعركة سيف القدس، وبالتالي لن يكون حل الدولة الواحدة هو الحل الأكثر راحة لهم، واستباقًا لأي تطورات، لذلك ذهبوا باتجاه سن قانون يهودية الدولة، لتلافي أي أزمات ممكن أن تعصف بهم نتيجة طرح كهذا.
وإضافة إلى هذا الطرح يعلن الأخ محمد دحلان إمكانية الاستناد على بنود ميثاق الأسرى كخطوط عريضة للبرنامج الوطني.
النضوج السياسي الهائل في شخص محمد دحلان والتصاقه الدائم بالهم الوطني ووضوح البوصلة لديه جعله يذهب مبكرًا دون تردد إلى مواجهة سياسية مع الاحتلال، دون أدنى حسابات شخصية وبنفس تضحوي ترفع له القبعات