- مراسلنا: قصف مدفعي يستهدف منطقة السودانية والكرامة شمال غرب مدينة غزة
- صافرات الإنذار تدوي في موقع "المالكية" شمال فلسطين المحتلة
- صافرات الإنذار تدوي في "المطلة" و"غجر" شمال فلسطين المحتلة
غزة – عمرو طبش: عندما تنطق الجدران بآلام المعاناة قبل أن يرويها أصحابها، وترسم صورة القهر والألم قبل أن يصفها أهلها، مرضٌ وفقرٌ اجتمعا في بيوتٍ تشكو مرارة العيش وصعوبة الحياة.
داخل منازل متهالكة ومهددة بالسقوط جدرانها متأكلة، وسقفها لا تتحمل العينان النظر إليه، وأرضيتة تختبئ تحتها الأفاعي والزواحف الضارة، يقطن العديد من الأسر الفقيرة المتعففة في منطقة المسلخ الجديد غرب مدينة غزة، في بيوتهم المأساوية التي لا تقيهم برداً ولا حراً، فعندما تنظر إلى بيتهم تتقشعر الأبدان وتنبهر الأنظار.
المسلخ الجديد
المسلخ الجديد هو منطقة سكنية عشوائية تقع بالقرب من شارع 10 غرب مدينة غزة، بجوار بركة المياه العادمة في المنطقة، وما زال ساكنوه يشعرون بالأمان لما يربطهم من علاقات وثيقة، رغم صعوبة العيش في هذا المكان، وافتقاره للرعاية الصحية والكهرباء والمياه.
يضم قُرابة الـ16 عائلة ما بين شيوخ ونساء وأطفال وشباب، يزيد عُمره عن القرن، وهو عبارة عن مجموعة منازل بدائية متجاورة من الحجارة والزينكو والنايلون والأسبست، تفصلها طرقات ضيقة رملية، يلعب فيها الأطفال، وتمر فيها بعض العربات التي تجرها البهائم، من حين إلى آخر.
بيوت متهالكة
"احنا قبل كنا عايشين بإيجار، ولكن نظراً للوضع الاقتصادي اضطرينا بالعيش داخل بيت متهالك لا يصلح للحياة الادمية"، هكذا بدأت السيدة أماني القايض، أم لستة أطفال حديثها مع الـ"الكوفية"، موضحةً أن سبب اتجاههم لمنطقة المسلخ الجديد، هو عدم قدرة زوجها دفع إيجار المنزل، نظراً لعدم قدرته على العمل بسبب مرضه "زيادة كهرباء".
وتابعت أنها تعيش هي وعائلتها في غرفة صغيرة لا يوجد بها جدار يحميهم من برد الشتاء، ولا من الأفاعي والعقارب والحشرات التي تدخل الى بيتهم في ساعات الليل، منوهةً الى أن منزلها في كل منخفض يغرق بالكل، حيث أنه زخات المطر تتساقط عليهم أثناء نومهم، نظراً لوجود ألواح الزينقو المهترئة التي لم تعد صالح لحمايتهم من الأمطار.
معاناة
وأضافت القايض أنها في أجواء المنخفض تقوم بجمع الحطب من الشوارع، لكي تستخدمه في التدفئة لأطفالها الذين لم يحتلمون البرد القارس، نظراً لعدم وجود ملابس شتوية ويرتدوها، مشيراً الى أن منزلها يفتقر لأدنى متطلبات الحياة، من ثلاجة، أنبوبة غاز، وتلفاز.
ونوهت الى أن أطفالها مصابون بأمراض عديدة ولا تستطيع توفير العلاج اللازم لهم، بسبب قرب منزلها من بركة مجاري التي تسبب دائماً لهم بالإصابة بأمراض عديدة نتيجة الحشرات والروائح الكريهة التي تخرجها من تلك البركة.
وتتمنى القايض أن تعيش في منزل بسيط يضمن لها بأن تعيش هي وأطفالها بحياة كريمة وادمية، بعيداً عن الأمراض والحشرات والحيوانات الضارة، كباقي العائلة الأخرى التي تعيش حياة كريمة في غزة.
7 أمتار لا تكفي للحياة
أما المواطن مراد الوادية صاحب الـ28 عاماً، يقول "بعيش أنا وأمي المريضة في منزل لا تتجاوز مساحته الـ7 أمتار، احنا بنعيش وضع مأساوي جداً، لأنه أمي مريضة وأنا مصاب بطلق ناري في مسيرات العودة، ومش قادرين نوفر علاجنا وفشي حد مدور علينا، ولا بساعدنا".
وأوضح أنه يعيش داخل غرفة صغيرة متهالكة، لا يصلح العيش فيها في فصلي الشتاء والصيف، إذ انه مياه الأمطار في كل منخفض جوي تدخل الى منزله من الجانب الأمامي، فأما الجانب الخلفي تطفو عليه المياه العادمة التي تغمره، منوهاً الى أنه المنزل يفتقر الى وجود الكهرباء وثلاجة وأنبوبة غاز، وغسالة.
وأكد الوادية أنه لا يوجد مكان آخر يعيش هو وأمه فيه، نظراً لعدم قدرته على العمل ودفعه لإيجار المنزل في السابق، بسبب اصابته في مسيرات العودة، مطالباً أصحاب القلوب الرحيمة والمسؤولين بالنظر اليه بعين الرحمة ومساعدته في توفير العلاج اللازم له ولأمه، بالإضافة الى بناء منزلهما.
شتاء ونوم في العراء
في السياق ذاته، أضاف المواطن محمد الوادية صاحب الـ"35 عاماً"، أنه في ظل أجواء البرد ينام هو عائلته على الرمال، نظراً لعدم وجود بلاط يحميهم من البرد، مبيناً "والله ما بحب الشتاء يجي لأنه بتهبدل وبغرق كتير، لأنه منزلي غير مؤهلة لحمايتي من الشتاء، بسبب افتقاري لجدرانه وألواح من الزينقو الصالحة.
وقال إنه في كل ليلة الحيوانات والحشرات الضارة تهاجمهم أثناء نومهم، نظراً وجود بركة المجاري بجانب منزله، مضيفاً أنه في احدى الليلة تشرد هو وأسرته من المنزل بسبب تطاير ألواح الزينقو وغرق منزله.
ونوه الوادية إلى أنه يعيش في أرض تابع للحكومة، بسبب عدم قدرته على دفع الإيجار لمنزله القديم، حيث أنه قام ببناء منزله من ألواح الزينقو المهترئة حتى لعل وعسى يعيشوا هو وأسرته بأمان.
وطالب سكان منطقة المسلخ الجديد غرب مدينة غزة، الحكومة والمسؤولين بالوقوف عند مسؤولياتهم والنظر اليهم بعين الرحمة والشفقة، ليس من أجلهم بل من أجل أطفالهم، بمساعدتهم بتوفير مسكن امن يضمن لهم حياة كريمة وادمية كباقي العائلات.