الكوفية:قال الخبير في الشؤون الدولية د. أيمن سمير، إن "حاكم تركيا رجب طيب أردوغان، يرى في القائد محمد دحلان، مصدر تهديد للمشروع الأردوغاني التخريبي بحق القضية الفلسطينية".
وأضاف سمير، في مقال له اليوم، نشره موقع "الكوفية"، "قبل أن توقف جائحة كورنا السفر إلى الخارج، كنت في زيارة عمل للعاصمة اليونانية أثينا، وخلال الجلوس في بهو الفندق الذي أسكن فيه بمنطقة “الأكروبولس” جلس بجانبي شاب في نهاية العشرينات وسألني: هل أنت الذي أراه في التليفزيون تتحدث عن أردوغان وتدخلاته في مصر وليبيا وسوريا والعراق؟.. قلت له: نعم.. فعرفني بنفسه وأن اسمه “محمود” من مدينة غزة، وأنه خرج من القطاع بعد إصابته بإصابات خطيرة في أحداث يونيو 2007، وسافر بمساعدة القائد محمد دحلان للعلاج في بلجيكا ومازال في رحلة العلاج حتى الآن، وتزوج محمود من فتاة بلجيكية تنتمي للمنطقة التي تتحدث الهولندية في بلجيكا، وتتحدث زوجة محمود اللغة العربية حبًا في زوجها وفي شعب غزة الطيب، وحكى محمود كيف ساعده القائد محمد دحلان وكل زملائه الذين أصيبوا في تلك الأحداث المأساوية، وأنه على مدار اليوم كان هناك أشخاص يعملون مع “أبو فادي” جاهزون لمساعدة أي فلسطيني ليس فقط في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بل حتى المقيمين في الخارج، لكن محمود طرح سؤالًا من باب أنه شاهد لي أكثر من فيديو وبرنامج على اليوتيوب أتحدث فيه عن تركيا وأردوغان، وهو: لماذا يكره الرئيس التركي القائد محمد دحلان؟ وماذا فعل أبو فادي لأردوغان حتى يجيش النظام التركي كل مؤسساته وإعلامه ضد القائد الفلسطيني؟".
السمو السياسي
وتابع، قلت لمحمود: بصراحة أردوغان يرى في القائد محمد دحلان مصدر تهديد للمشروع الأردوغاني التخريبي بحق القضية الفلسطينية، فالمشروع الأردوغاني قائم على خدمة إسرائيل عن طريق توسيع فجوة الخلاف بين الفصائل الفلسطينية، واستمرار هذا الخلاف إلى مالا نهاية، لكن “أبو فادي” يتمتع “بسمو سياسي” غير مسبوق، فهو نموذج للقائد القادر على التسامح والتسامي فوق أخطاء الآخرين، لذلك تجد القائد محمد دحلان يتمتع “بالآذان الصاغية” و”الأحضان المفتوحة” للجميع دون إستثناء حتى بالنسبة لهؤلاء الذين أساءوا له كثيرًا، بل إن أبو فادي قدم من الخدمات لمن أساء إليه ربما أكثر بكثير من الآخرين، وأن هذا النموذج في القيادة القادر على تحقيق اللحمة الوطنية والحفاظ على تماسك النسيج الإجتماعي والسياسي للشعب الفلسطيني هو ما يقلق إسرائيل حقًا، وشرحت له علاقة أردوغان بهذا الهدف الإسرائيلي، وأن رهان إسرائيل الأكبر ليس على ترامب أو بايدن بل على إستمرار الإنقسام الفلسطيني، وأن أردوغان هو من يقوم بهذا “الدور الوظيفي” لصالح إسرائيل.
الداعم الأول للاحتلال
لكن محمود سألني: هل يمكن أن تكون كل تصريحات أردوغان عن أطفال غزة غير حقيقية؟.. قلت: إن أكثر رئيس ساعد إسرائيل للتنكيل بشعب غزة خلال العقدين الآخرين هو أردوغان، وشرحت له ذلك بالقول إن الطائرات الإسرائيلية تتدرب على دقة التصويب لقتل أطفال غزة في صحراء الأناضول التركية بموجب اتفاق منشور وليس سريا، كما أن أردوغان أعطى إسرائيل 3 قواعد عسكرية في ملاطيا وإنغرليك وقونية، وهناك أكثر من 60 اتفاقية عسكرية وقعها أردوغان مع جيش إسرائيل، على الجانب الآخر يعمل القائد محمد دحلان على تخفيف الضغوط عن أبناء غزة، ويخلق مساحات الحوار والتواصل والتعاون مع كل الفصائل الفلسطينية، ولهذا ينتقم أردوغان لإسرائيل من محمد دحلان، فأردوغان هو الداعم الأول لإسرائيل في المنطقة تجاريًا واقتصاديًا وعسكريَا.
الميليشيات والدولة
ومضى الكاتب في مقاله يقول، أنا أشرب “الفرابيه” وهى القهوة اليوناني مع محمود قلت له: هناك سبب ثان لكراهية أردوغان للقائد محمد دحلان، وهو أن أردوغان يصطف في صف الميليشيات والجماعات الإرهابية والظلامية والتكفيرية بغرض تقسيم وتخريب الدول العربية، وهذا واضح من الاحتلال التركي لأكثر من 12 قاعدة عسكرية في شمال العراق أكبرها قاعدة بعشيقة التي تبعد 130 كلم من الحدود التركية العراقية، وها هو أردوغان يحتل شمال وشمال شرق سوريا ويقوم بحملة “تتريك” لا مثيل لها للشمال السوري، كما أنه وقع مذكرتي تفاهم مع ميلشيا السراج لنهب ثروات الشعب الليبي، وأن وسيلة أردوغان في ذلك داعش والقاعدة وما تسمى بجماعات أحرار الشام وفرق السلطان مراد وشركة صادات الإرهابية، وأن هدف أردوغان فيما سمى بالربيع العربي هو نشر الفوضى والتخريب والقتل وتفتيت وتقسيم الدول العربية كما نشاهد يوميًا في سوريا والعراق وليبيا، لكن على الجانب الآخر يعمل القائد محمد دحلان ضمن خندق الدول الوطنية للحافظ على وحدة وسلامة الدول العربية وعدم تقسيمها كما يسعى أردوغان، وأن أردوغان يرى في “أبو فادي” عقبة كبيرة في طريق نشر مشروع “الفوضى غير الخلاقة” الذي يتنباه الرئيس التركي، وبينما يعمل محمد دحلان ورفاقه في الدول العربية على “تحصين” وتقوية “مناعة” الأمن القومي العربي نرى أردوغان يحلم بضم محافظة الموصل العراقية لتركيا عام 2023 بعد إلغاء إتفاقية لوزان، كما أن أردوغان يتوهم بالعودة كما قال لأملاك السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، بينما القائد الشجاع محمد دحلان هو ما يعري ويكشف ويفضح كل هذه الأكاذيب الأردوغانية، وأن السلطان عبد الحميد هو من قام بطرد العرب من فلسطين ليحل محلهم المستوطنون اليهود، وأن عهد عبد الحميد شهد أكبر موجة هجرة لليهود إلى فلسطين وأكبر موجة لطرد العرب من أراضيهم الفلسطينية.
الدولة الوطنية
وتابع الخبير في الشؤون الدولية، في دهشة واستغراب قال محمود: ألهذا الحد أردوغان يخرب في بلادنا العربية؟.. قلت له: وأكثر من ذلك، فأردوغان جعل من تركيا قاعدة متقدمة لتحقيق كل مآرب الصهيونية العالمية، ليس فقط بحق فلسطين بل بحق الدول العربية، ففي الوقت الذي يشهد الجميع للقائد محمد دحلان بأنه ينتقل من عاصمة عربية لأخرى من أجل أن يقدم الخبرة والمساعدة على تقوية وحماية الدول العربية والوقوف أمام مخطات الفوضى، نجد أردوغان يحلم بتقسيم الإقليم العربي وتحويله لولايات عثمانية ضمن مشروع العثمانية الجديدة، بينما القائد محمد دحلان لا يدخر جهداً من أجل توعية الشعوب العربية بمخاطر هذه التحديات القادمة من قصر السلطان العثماني.
المقبولية الفلسطينية
وأشار د. سمير، إلى أنه "بينما أراد محمود طلب سندوتشات “سوفلاكي” اليونانية الشهيرة قلت له: سأقول لك شيئًا أخيرًا قبل الذهاب للنوم، فأردوغان يشعر بأنه بات معزولاً ومرفوضًا من الجميع، فهو حول تركيا من دولة “صفر أعداء” إلى دولة “صفر أصدقاء” فهو له مشاكل مع الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين وروسيا، وبالطبع مع اليونان وقبرص ومصر ودول الخليج وغيرها، بينما يتمتع “أبو فادي” بما يمكن أن نسميه “المقبولية الفلسطينية”، وشرحت ذلك لمحمود وقلت له: إن القائد محمد دحلان يؤمن بمبدأ “الخروج من الذات نحو الآخر” بمعنى أنه لكي يكسب أصدقاءً للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية لا ينكفىء فقط على حدود العمل داخل المحيط الفلسطيني، بل صار محمد دحلان فعلاً نموذجًا “للمقبولية الفلسطينية” الذي تستعين بخبرته وشخصيته المحبوية كل دول العالم العربي، بينما صار أردوغان نموذجًا للشخص المنبوذ والمرفوض عربياً وإسلامياً ودوليا، وهنا هز محمود رأسه وقال: نعم الآن عرفت لماذا يكره أردوغان أبو فادي؟"