الكوفية:كتب – علي أبو عرمانة: يعاني الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ظروفا معيشية غاية في الصعوبة في ظل استمرار الإجراءات القمعية بحقهم من قبل سلطات الاحتلال، وتفاقمت الأوضاع بعد وصول فيروس كورونا إلى فلسطين، ما أثار قلق ومخاوف المنظمات الحقوقية التي تخشى من حدوث كارثة صحية خطيرة، بسبب غياب اللوازم والتجهيزات الطبية، ووسائل الحماية والوقاية.
وصول الفيروس
في الثاني والعشرين من فبراير/شباط الماضي، أغلقت وزارة الداخلية مطاعم عِدة في مدن فلسطينية بالضفة المحتلة، نتيجة زيارتها بواسطة وفد كوري تبين إصابة بعض أعضائه بفيروس كورونا.
وتأكد انتشار كورونا في فلسطين يوم الخامس من مارس/آذار الماضي، إذ أعلنت وزارة الصحة تسجيل سبع حالات مُصابة بالمرض في أحد فنادق مدينة بيت جالا بمحافظة بيت لحم، بعد مخالطتهم لعدد من السياح، لتعلن الحكومة عن إجراءات وقيود صارمة في كافة الأراضي الفلسطينية خشية تفشي الفيروس.
وبدأ الفيروس في الانتشار في محافظات رام الله وبيت لحم وطولكرم، لترتفع حصيلة المصابين خلال أسبوعين إلى 55 حالة إصابة، تعافى منهم 17.
"كورونا" في غزة
في الثاني والعشرين من مارس/آذار، سُجلت أول حالتين مُصابتين بفيروس كورونا في محافظات قطاع غزة لمواطنين قادمين من باكستان، عبر معبر رفح.
ومنذ ظهور الفيروس القاتل وحتى اللحظة، بلغ مجموع الإصابات بفيروس كورونا في قطاع غزة، 61 حالة من بينهم 7 من رجال الأمن نتيجة مخالطتهم مُصابين سابقين، تعافى منهم 18 حالة، بينما سجلت حالة وفاة.
45 ألف قنبلة موقوتة
مطلع أبريل/نيسان الماضي، بدأ آلاف العمال الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، العودة إلى منازلهم في الضفة الفلسطينية المحتلة، وسط تخوف كبير من إصابتهم بفيروس كورونا نظرا لتفشي الوباء في دولة الاحتلال، ليصبحوا بمثابة 45 ألف قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وتنشر الوباء في الأراضي الفلسطينية.
وفي الثاني من أبريل/نيسان، أعلنت وزارة الصحة تسجيل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا لعمال في صفوف العاملين داخل الخط الأخضر، تسعة من القدس، و11 من محافظة رام الله، وحالة واحدة من الخليل.
كما أعلنت فيما بعد، إرتفاع عدد العمال المصابين بالفيروس إلى 76 حالة، فيما أصيب 101 من المخالطين لهم، أي 80% من المصابين هم عمال ومخالطون لهم.
فيروس قاتل واحتلال غاشم
منذ بداية وصول الفيروس إلى فلسطين، دأبت سلطات الاحتلال على محاربة الجهود الصحية والتطوعية الفلسطينية لمحاربة الفيروس في العديد من المناطق، خاصة في مدينة القدس المحتلة التي وصلها الفيروس.
وأعلنت الصحة، في الخامس والعشرين من مارس/آذار، تسجيل أول إصابة في القدس المحتلة لسيدة ستينية من بلدة بدو، أُعلن لاحقا عن وفاتها، أصيب اثنان من عائلتها.
وبدأ الفيروس في التوسع في المدينة المقدسة، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 144، مع استمرار سلطات الاحتلال في عرقلة الجهود الفلسطينية لمكافحة كورونا.
واعتقل جيش الاحتلال، محافظ القدس عدنان غيث، وأمين سر حركة فتح في القدس، واللجان المتطوعة التي تقوم بتعقيم الأماكن العامة وتوعية الجمهور، كما أغلقت عيادة مستحدثة في حي سلوان في القدس كانت تعمل على أخذ عينات من السكان لفحوصات مخصصة للكشف عن فيروس كورونا، ومنعت تقديم الخدمات الصحية للفلسطينيين شرقي القدس، ما تسبب بشكل مباشر في انتشار الفيروس الخطير.
وذكرت شرطة الاحتلال، أن توقيفهما جاء للاشتباه بأنهما أقدما على ما أسمته "انتهاك تطبيق سطة القانون، والعمل لصالح السلطة الفلسطينية في القدس، في ظل أزمة كورونا".
بدوره، قال وزير شؤون القدس، فادي الهدمي، إن "شرطة الاحتلال اعتبرت لقائي مع أطباء المستشفيات في مدينة القدس لبحث الحد من انتشار فيروس كورونا ودعوة الناس للبقاء في منازلهم، مخالفة"، مضيفا، "اعتقالي جزء من الضغط علي وعلى عائلتي لإثنائي عن العمل في القدس، وهي رسالة أيضا للحكومة الفلسطينية".
احتلال وقح
على مدار عشرت السنوات، ارتكب جيش الاحتلال جرائم لا تحصى ولا تعد ضد الشعب الفلسطيني، ولكن وقاحة هذا الاحتلال تجلت حين وصل الفيروس إلى المنطقة.
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر تعمد جنود الاحتلال في البصق على أبواب المنازل والمركبات الفلسطينية، خلال اقتحاماتها المتكررة في الضفة والقدس.
وقال رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، إن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة خلة الخضور، من مناطق " أ " وبحسب شهادات سكان المنطقة لوحظت سلوكيات مشبوهة لجنود الاحتلال، أثارت الرعب والخوف من محاولتهم نشر فيروس كورونا في المنطقة"، مؤكدا أن الطواقم الصحية توجهت منذ الفجر إلى المكان وقامت بتعقيم أبواب المنازل.
على الجانب الآخر، ساوم وزير جيش الاحتلال، نفتالي بينيت، سكان قطاع غزة على المستلزمات الطبية الخاصة بفيروس كورونا.
وقال بينيت، "عندما يكون هناك نقاش حول المجال الإنساني في غزة، فإن إسرائيل لها أيضا احتياجات إنسانية"، في إشارة إلى الأسرى المختطفين في غزة.
كما اعتقل الاحتلال منذ بداية الأزمة أكثر من 800 فلسطيني، بينهم 90 طفلا و١٠ سيدات، وصعد من اقتحامه للبلدات الفلسطينية، كما صعدت عصابات المستوطينن من هجماتها على الفلسطينيين.
الاحتلال يُهمّش العرب
عانت البلدات العربية في الداخل المحتل، من إهمال حكومة الاحتلال لمواجهة انتشار فيروس كورونا، حيث لم تقم وزارة الصحة بإجراء فحوصات في تلك البلدات لكشف الإصابات بالفيروس، ولم تعلن عن عدد الإصابات المؤكدة في البلدات العربية.
وتفشى الفيروس في البلدات العربية، ووصل عدد المصابين حتى اللحظة إلى 1085 حالة، تعافى منهم 925 حالة.
مخيمات اللجوء تعاني
بات فيروس كورونا كابوسا يفزع الفلسطينيين في مخيمات اللجوء، في ظل تراجع خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين.
وحذرت منظمات دولية من خطورة انتشار وباء كورونا داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المكتظة، حيث يصعب تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي وحيث يشكوا ساكنوها من تردي الخدمات الصحية.
وتنامت المخاوف من تدهور الوضع الصحي والغذائي للاجئين، وتم تشكيل لجان شعبية في المخيمات لمتابعة أوضاعهم وحمايتهم، كما كثفت أونروا من اتصالاتها للحصول على مساعدات تجعلها قادرة على توفير الدعم للاجئين في الضفة وغزة والأردن وسوريا ولبنان.
وأظهرت أحدث إحصائية لوكالة الغوث، تسجيل 16 إصابة بفيروس كورونا في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، (6 في الأردن، 10 في لبنان).
قمع واضطهاد وكورونا
لدى تفشي وباء كورونا في العالم، وإعلان دولة فلسطين حالة الطوارئ منعاً لانتشاره ولحماية المواطنين، أمعنت سلطات الاحتلال وبشكل متنافر مع الطبيعة الإنسانية، في تعزيز أدواتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وخاصة سياسة الاعتقال والتضيق على الأسرى داخل السجون.
وفي ظل انتشار الوباء، أطلقت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية، نداءات عاجلة للإفراج عن الأسرى لضمان رعاية طبية كافية وتدابير وقائية في جميع أماكن الاحتجاز.
وبدلاً من البدء الفوري بالإفراج عن الأكثر ضعفاً، أو على الأقل اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع انتشار الفيروس، فقد اختارت سلطة الاحتلال تطبيق توجيهات المنظومة الدولية الحقوقية والتيمن بتجارب بعض الدول على سجنائها الجنائيين فقط، واكتفت إدارة السجون بمنع جميع الزيارات العائلية للأسرى الفلسطينيين دون توفير بديل، ووقف الاتصال المباشر مع المحامين، وأحكمت السيطرة على نحو 5 آلاف أسير فلسطيني في سجونها.
وفي الرابع والعشرين من أبريل/نيسان الماضي، أعلن مكتب إعلام الأسرى، عن إصابة الأسير "محمد ماجد حسن" (21 عاماً) بفيروس كورونا خلال خضوعه للتحقيق في معتقل المسكوبية، ما دفع الأسرى للتعبير عن قلقهم وتخوفهم الشديد من تفشي الوباء داخل السجون، ودعوا أحرار العالم لألا يتركوهم يموتون على أسرّتهم بينما تنتشر العدوى دون أن يعالجهم أحد، مطالبين بالتدخل العاجل لإنقاذ حياتهم، كي لا تتحول السجون إلى مقابر جماعية.
فلسطينيو الشتات
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين، تسجيل 110 حالات وفاة و1752 إصابة بفيروس كورونا في صفوف الجاليات الفلسطينية حول العالم.
وأكدت الخارجية، أن حالات التعافي ارتفعت إلى 936 حالة.
الإحصائية النهائية
بحسب آخر إحصائية أصدرتها وزارة الصحة الفلسطيينة، فإن إجمالي حالات الإصابة في فلسطين بلغ 627 حالة، تعافى منهم 523، بينما توفي 5 مواطنين منذ ظهور الفيروس.
وبلغ عدد المصابين في الضفة الفلسطينية المحتلة، 247 حالة، تعافى منهم 212، بينما سُجلت حالة وفاة واحدة، بينمت سجلت محافظات قطاع غزة 61 إصابة تعافى منهم 18، إضافة لحالة وفاة واحدة، بينمت سجلت مدينة القدس المحتلة وضواحيها، 319 إصابة تعفى منهم 293 حالة، فيما سجلت 3 حالات وفاة.
وتعتبر مدينة الخليل، أكثر المحافظات إصابة بالفيروس في الضفة المحتلة، حيث سجلت 79 حالة، تليها رام الله بـ77 حالة، بينما لم تسجل محافظات، رفح وشمال غزة والوسطى وطوباس أي إصابة بالفيروس حتى الآن.