- آليات الاحتلال تطلق نيرانها بشكل عشوائي باتجاه خيام النازحين جنوب مواصي رفح
- صافرات الإنذار تدوي في المطلة ومحيطها في إصبع الجليل
خلال اسبوع زمني قدمت حماس سلوكا سياسيا يحتاج تفسيرا عمليا من قياداتها، الساعية الى ترسيخ "أقدامها" في "النظام السياسي الفلسطيني" الملتبس، ما بين كيانية مقسمة، ومنظمة لم تمنحها مكانتها، ودولة على قائمة الانتظار قرارا من الرئيس محمود عباس لترى النور، وتنتهي مرحلة "الضبابية السياسية" التي تعيشها تحت ظلال "سلطة" معلقة بقرار احتلالي.
لا يوجد أدنى شك، بحق حركة حماس "الإسلاموية" حتى الساعة، من السعي لاحتلال دور القيادة للمشروع الوطني، لكن ذلك يتطلب منها، ان تجب سمتها وعلاقتها التنظيمية بالحركة الإخوانية وتخلع عنها ثوب "الطائفية السياسية"، فلا يمكن لفصيل إسلاموي أن يكون قائدا لمنظمة التحرير وهو يحصر فصيله في نطاق جزء من الشعب، وبالقطع لن يكون قادرا ان يقود دولة فلسطينية وهو يحظر من ليس منه عضوية مفتوحة، ويغلقها على منتسبي الجماعة الإخوانية، والتي هي بدورها باتت مرفوضة، بل ومطاردة كجماعة "إرهابية" في أكثر من بلد ومكان.
ومع تلك المحظورات الوطنية على حماس، تضيف لها "سلوكا سياسيا" لا يمكن لفلسطيني وطني، ان يراه "مريحا"، بل مخالفا لقواعد الشراكة الوطنية المطلوبة، ودون العودة للتاريخ منذ ولادة "المجمع الإسلامي" في غزة، وتنظيم الإخوان في الضفة، وما فعلاه متضادا مع مسار الثورة الفلسطينية وانطلاقتها ودورها، وفي أحيان كثيرة مثلا ضررا حقيقيا، فما جرى في الأسبوع الأخير من حماس فتح كل مكامن "الريبة السياسية" منها.
فقبل سفر وفد حماس برئاسة إسماعيل هنية الى موسكو مارس 2020، قدمت بلسان رئيسها، مجموعة "خيارات سياسية" اعتبرتها من باب "التنازلات" من اجل الوحدة وانهاء الانقسام، ودون التدقيق في مغزى التعبير "تنازلات"، فما كان من أفكار بها يستحق التقدير الأولي والنسبي، وفتح باب لحوار عملي، خاصة بعد ان قام هنية ووفد حماس بزيارة سفارة فلسطين في موسكو يوم 3 مارس 2020، وهي المرة الأولى التي يقوم بها هنية بزيارة لسفارة فلسطينية، رغم انه زار دولا عدة بها سفاراتـ، بل انه لم يستقبل سفيرا فلسطينيا بها.
يبدو، ان حركة حماس، لم تحتمل "كمية التنازلات" التي قدمتها، فما ان أعلن الرئيس محمود عباس مرسوم حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية لمواجهة خطر انتشار فايروس "كورونا"، حتى سارعت بلسان أحد موظفيها، ليؤكد أن المرسوم الرئاسي لا يشمل قطاع غزة.
موقف لم يتأخر لدراسة مرسوم الرئيس عباس، او بحثه مع مؤسسات الاختصاص الطبية، أو جهات يمكنها ان تكون على دراية أعمق من قرار صدر فقط ليقول، ان قطاع غزة خارج سيطرة الرئيس عباس وصلاحياته. وان الجهة الوحيدة المخولة بتلك الصلاحيات هي فقط "حماس" قيادة وحركة.
بلا أي جدل أو نقاش سياسي، جسد هذا القرار "قمة السذاجة السياسية" و"الانعزالية الوطنية، ورسالة بقصد او بدونه، بوعي أو بجهل الى من يهمه الأمر، ان قطاع غزة حالة كيانية خاصة، ليست جزءا من "السلطة القائمة"، بل ليست جزءا من الكيانية الفلسطينية العامة، وهي تبحث عن دور ومكانة علاقات تتوافق و"مصالحها الخاصة" في إطار "الكيان الغزي الخاص".
رسالة لم تكن لمجهول ابدا، بل هي لعنوان معلوم في البيت الأبيض عبر تل ابيب، ان هناك "جاهزية سياسية" للتعامل مع يمكن من بعض "مكونات" الخطة الأمريكية، وحماس هنا تتقدم كمفاوض نيابة عن "قطاع غزة"، الذي تم التعامل معه في خطة ترامب - شارون بطريقة مختلفة، عما هو خاص بالضفة والقدس.
حماس، أقدمت على ارتكاب فعل "الفاحشة الوطنية"، كونها أصرت على قرارها رغم الطلب منها التراجع عن إعلان صبياني يحمل دلالات سياسية خطيرة، بل ان غالبية مؤسسات قطاع غزة، تجاوبت مع مرسوم الرئيس عباس وتجاهلت قرار حماس "غير الذكي"، لتتأكد بذاتها انها ليس مقبولة شعبيا حتى حيث تسيطر بالقوة الإكراهية.
كانت فرصة لحماس، التجاوب مع قرار الرئيس عباس، وتبحث بطرق مختلفة ما لها من "تحفظات"، او ملاحظات دون إعلان يبدو انه تأكيد على عملية "خطف قطاع غزة" الممتدة منذ يونيو 2007، حتى تاريخه.
هناك وقت للتراجع، مع شرط الاعتذار للشعب الفلسطيني وعن فعل "الفاحشة الوطنية"، ومحاسبة من أطلقها، والاعلان الرسمي بانها تلتزم بمرسوم الرئيس عباس كجزء من السلطة الوطنية العامة.
دون ذلك، فلا "خيارات هنية وتنازلاته" ستمنح البراءة السياسية لحماس من ترتيب انفصالي للقطاع متناغما مع خطة ترامب الأمريكية، بمساعدة دول ليست مجهولة، ولم يكن صدفة ان يشير هنية في حوار صحفي مع قناة تلفزية، ان أمريكا ارادت حوارا بشروط، لكنهم رفضوا، رغم ان واشنطن نفت تماما، لكنها رسالة بطريقة غير مباشرة من هنية لأمريكا.
هل تفعلها حماس وتعتذر، ام ستبقى على مبدأ "خطف ولو طارت الدولة"!
ملاحظة: حدثان يستجوبان الاهتمام الوطني، الى جانب القضايا "الكبرى"، ما حدث في النصيرات وسط القطاع، ليس فقط بتقديم مال حال أو "حرام"، بل بمحاسبة من كان سبب في قتل أرواح بلا ذنب سوى "نذالة مهنية"، واعتداء على محامية وسط النهار أم أعين شرطة حماس!
تنويه خاص: اعتقال النائب حسام خضر، القيادي الفتحاوي القديم، وصمة عار على جبين من امر ومن نفذ ومن صمت، وبالتحديد وزير الداخلية الذي هو رئيس الحكومة د.اشتية...لو كان ما كتب ضد اقوال الرئيس عن أطباء فلسطين سببا، فالأدق محاسبة القائل وليس من رفض قولا غير أخلاقيا!