الكوفية:في شهر نوفمبر 2019، أعلنت الولايات المتحدة وعلى لسان وزير خارجيتها بومبيو رسميا، للمرة الأولى اعتبارها الضفة الغربية "يهودا والسامرة"، وأن الوجود الاستيطاني فيها لا يخالف القانوني الدولي، ما اعتبر "شرعنة" لها، في تعارض مطلق مع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الخاصة بذلك.
الإعلان الأمريكي"، لم يكن ترضية خبرية لدولة الكيان الإسرائيلي، بل جاء موقفا رسميا مؤسسا لمرحلة جديدة في الصراع القائم، ومحاولة لتغيير المشهد كليا لصالح الرواية التوراتية، القائمة على انكار الحق الوطني الفلسطيني في الضفة والقدس وفلسطين.
وفتح الموقف الأمريكي الجديد، الباب واسعا للبدء في تنفيذ خطة حكومة نتنياهو لفرض "السيادة" على المستوطنات واعتبارها جزءا من "دولة اليهود"، ومقدمة لفرض "السيادة" على الأغوار ومناطق ج في الضفة، وتسريع الخطى لحركة "التهويد".
ولأن التصريح مر كما نقل السفارة الى القدس واعتبارها عاصمة للكيان، بلا أي رد فعل حقيقي، سوى بيانات تستنكر وبخجل، وغابت أي حركة يمكن أن يكون لها حساب حقيقي، ما فتح الطريق لمواقف أكثر خطورة من تصريح بومبيو، أعلن عنها السفير الأمريكي "اليميني الصهيوني" فريدمان، عندما تجاوز كل الخطوط السياسية "الحمراء"، لم يجرؤ عليها أوقح الساسة الأمريكان من أنصار دولة الكيان الاستعمار، وغالبية الطغمة الحاكمة.
فريدمان، أعلن أن الضفة الغربية هي أرض إسرائيلية، تم "تحريرها" عام 1967 من "الاحتلال الأردني"، وهي يهودا والسامرة، لديه مشكلة في وجود سكان "غير يهود" من الفلسطينيين، يجب البحث لهم عن حل إنساني وسياسي.
والسفير ذاته، صاحب المشهد التوراتي يوم ان رفع صورة" الهيكل"، وأعلن أنه في الطريق لإعادة بنائه من جديد.
تصريحات فريدمان بكل ما تحمل من الغاء كلي للحق القومي – الوطني للشعب الفلسطيني، أيضا لم تجد لها ردا سوى الشرح التفصيلي لمخاطر تلك الأقوال، وأنها تتعارض مع الشرعية الدولية، فيما اعتبرت الرسمية الفلسطينية أنها تصريحات تخدم اليمين الإسرائيلي، وصفقة ترامب ما يؤكد صحة موقف "الرئيس عباس" برفضها. أي هزالة سياسية تلك.
وبعد تصريحات فريدمان يوم 8 يناير 2020، سارع وزير الجيش الإسرائيلي الفاشي نفتالي بنيت يوم 9 يناير، الإعلان عن تشكيل هيئة تعمل على تعزيز الاستيطان في الأراضي المصنفة منطقة "ج"، في الضفة الغربية، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تمهد لضم تلك المناطق لإسرائيل بشكل عملي، أسماها "دائرة ترسيخ السيادة الإسرائيلية على المنطقة ج".
وأيضا، لم يكن هناك أي فعل فلسطيني، رسمي أو فصائلي سوى بيانات تشرح للشعب الفلسطيني، مخاطر تلك الأقوال على القضية الفلسطينية، والبعض تطوع ليقول أنها تمثل تكريسا لـ "جرائم الحرب" التي تقوم بها إسرائيل.
لم نقرأ كلمة واحدة يمكن ان تحدث إرباكا للمخطط التهويدي، واكتفت تلك المسميات بما فعلته شرحا، وكان الشعب الفلسطيني، الذي لا يدرك مخاطر الاستيطان الذي بدأ فوق ارض فلسطين في ظل الاحتلال العثماني لفلسطين عام 1881 في بلدة الشجرة بصفد، أكثر كثيرا من هذه "الهياكل الحزبية"، فهومن يدفع الثمن المباشر لتلك الجريمة.
ما يثير التساؤل حقا، هل هناك "شراكة غير معلنة" بين المكونات القائمة وأمريكا ودولة الكيان، على تنفيذ الخطة التهويدية وفصل قطاع غزة، ام ان "الجبن السياسي" هو الذي يتحكم في القرار من التصدي للمخطط الأخطر على القضية الوطنية.
أن تقف "الرسمية الفلسطينية" متفرجة على تنفيذ المخطط بخطى أسرع من تفكيرها البليد، فتلك وصمة عار سيحفظها التاريخ لها، كما وصمات كل خائن باع أرضه، فالصمت جريمة أي كان "أعذار" الصامتين، خاصة وأن لها من الأسلحة ما يؤذي جدا دولة الكيان وراعيها الرسمي أمريكا...أوراق تكفي لتعيد الاعتبار لفلسطينية تلك المؤسسة التي فقدتها منذ زمن.
وتكتمل السخرية السياسية أو "المؤامرة السياسية" عندما تعلن حماس وتحالفها الهلامي، ان أي عدوان – حماقة إسرائيلية ضد قطاع غزة، فإن حركة الصواريخ ستنطلق فورا على تل أبيب.
هل يعقل أن يصبح غزة أكثر قدسية من القدس والضفة والمشروع الوطني العام. أليس ما يحدث هو عدوان حقيقي عملي ينفذ ضد القضية والوطن.
هل يدرك من يطلق تلك التصريحات، اتها تكرس مفهوم "الفصل السياسي" بين قطاع غزة والضفة، وهي تأكيد صريح، لكل ما يقال عن "تفاهم حماس – إسرائيل" على إقامة "كيان غزي مستقل" بموافقة أمريكية وسمسرة قطرية.
التذرع بأن يد "الفصائل" مقيدة في الضفة فهي أكذوبة لا بعدها، وعلى من يكذب أن يتذكر كل عملياته في الضفة وداخل إسرائيل منذ قيام عام 1993 حتى 2006 مرحلة السلطة في زمن الشهيد الخالد ياسر عرفات...ليدرك ان التقييد ليس بفعل فاعل خارجي بل بفعل فاعل داخلي...والأهم اليس صواريخ غزة لخدمة فلسطين والقدس كما تبعبعون ليل نهار...
قديما كان لدينا "فصائل للعمل الوطني" باتت في الزمن الراهن "فصائل للشرح السياسي"...وتلك علامة الساعة لتأكيد المقولة الكارثية لأمين عام الجامعة العربية، احمد أبو الغيط، "ضاعت فلسطين".
ملاحظة: يبدو ان إيران حققت هدفها العملي بالانتقام لمقتل سليماني بقصفها "الطائرة الأوكرانية" وقتلها ما يزيد على 170 راكبا...الفضيحة لم تكن الانكار الغبي بل بالإصرار عليه في مؤتمر صحفي قبل ساعات من الاعتراف بالجريمة!
تنويه خاص: برلمان تونس ينتفض ضد الحركة الإسلاموية "النهضة" برفض واسع لحكومتها...درس ليس لها فقط بل لكل من يماثلها فكرا وسياسة...الغطرسة والغرور لها نهاية...وعلى حماس تدور الدوائر!