- قوات الاحتلال تعتقل الشاب حمزة حنني عقب مداهمة منزله خلال اقتحام بلدة بيت فوريك شرقي نابلس
كلما يقال، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضغط على بنيامين نتنياهو يصبح من الضروري العودة لخديعة كانون الثاني الماضي لمعرفة موقع وموقف الولايات المتحدة من مناورات يطبخها الثنائي بلا توقف. فلا أحد من المتابعين تبقت لديه ذرة شك بتلك التوأمة التي لا ترى بالعربي وخصوصاً حركة حماس إلا مجموعة من المتوحشين البدائيين الذين ينبغي تخويفهم والتلاعب بهم والحصول على كل الأهداف الموضوعة بصرف النظر عن السبل، وربما وحدها حركة حماس صدّقت ذات مرة أن الولايات المتحدة تقف على طرف مقابل لنتنياهو لتذهب تحت وقع لقاء مع أحد مبعوثيه حد المطالبة باللقاء مع الرئيس الأميركي نفسه.
من غير المنطقي أن نصدق أن الرئيس ترامب يضع لرئيس الوزراء الإسرائيلي سقفاً زمنياً لإنهاء الحرب، وهو الذي هدد حركة حماس بالجحيم إذا لم تطلق سراح الأسرى وأعطى لنتنياهو كل الصلاحيات اللازمة لعودة حرب الإبادة وقد قال، «سأدعم نتنياهو في أي قرار يتخذه». لكن من الأهمية بمكان تذكر ما الذي قاله نتنياهو قبل حوالى أسبوعين من أنه «إذا لم تحقق اسرائيل أهداف الحرب بتفكيك حركة حماس هذا يعني أن لدينا 7 أكتوبر جديدا وأن لدينا رهائن جددا وهذا يعني انتصار المحور الإيراني» هذا بعد أن تبجح بهزيمة هذا المحور وإلحاق الأذى به.
من جديد، تسارعت وتيرة المفاوضات بعد اقتراح مصري أميركي يقضي بالإفراج عن 8 رهائن أحياء و8 جثث، وهو اقتراح وسط بين ما طالبت به اسرائيل بأحد عشر أسيراً أحياء وبين ما وافقت عليه حركة حماس بخمسة أسرى وفي الاقتراح ما يضغط الحركة سواء لجهة ما يبدو أنه يقترب من الاستجابة لمطلبها وبسبب الضغط العسكري الواقع على الأرض واحتلال رفح مع خلو المدينة من المقاومة وتلاشي التصدي كما السابق، وهو ما تقدره المؤسسة العسكرية في اسرائيل بأن العمل العسكري وراء تنازل «حماس» مصحوباً ذلك بخديعة الموقف الأميركي الذي يتم تسريبه بشكل غير رسمي بأن ترامب يعطي لنتنياهو أسبوعين لإنهاء الحرب.
الخديعة واضحة وترامب يذهب أبعد من نتنياهو في تطرفه أو في تماثله معه بل يضع نفسه خادماً لمشاريعه فأثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، الإثنين الماضي، أعاد بقوة الحديث عن تهجير غزة وإخلائها من السكان وهو ما لا يمكن تحقيقه إذا توقفت الحرب وهي عقدة اسرائيل التي تقف أمام إتمام صفقة نهائية تنتهي فيها المعارك، فنهاية الحرب بالنسبة لنتنياهو تعني بقاء «حماس» وتلك هزيمة لا يمكن أن يحتملها وأن نهاية الحرب تعني بقاء سكان القطاع بعد وقف المذبحة وعودة الحياة الطبيعية في منطقة يحتكر سكانها معجزة البقاء تحت أسوأ الظروف يعني إسدال الستار على مشروع التهجير.
تلك هي معضلة اسرائيل ومعضلة حركة حماس وهي التي تتكرر ما بين الهدف الإسرائيلي بإنهاء حركة حماس، هذا الهدف الذي يحظى بإجماع إسرائيلي بما فيها المعارضة، فقط يختلفون على الوسيلة ارتباطاً باستعادة الأسرى، ويمتد هذا الإجماع نحو العرب وأوروبا وتقف خلف ذلك كله الولايات المتحدة سواء بجو بايدن أو دونالد ترامب، وما بين حركة حماس التي تصر على البقاء بأي ثمن .. تلك المعادلة الصفرية كانت وما زالت أزمة إنهاء الحرب ومأساة السكان في القطاع هذا هو الواقع الذي ينبغي رؤيته.
اسرائيل تريد أسراها و»حماس» تريد إنهاء الحرب، وإسرائيل لا تريد أن تنهي الحرب حتى لو بالتضحية بالأسرى وهذا ما قالته حركة حماس إن «نتنياهو يضحي بهم»، لذا فإن الاعتقاد بأن الاستثمار بورقة الأسرى لوقف الحرب هو اعتقاد يعني إدامة الحرب وزيادة كلفتها لتنتقل من خسائر «تكتيكية» إلى خسائر استراتيجية متمثلة بتصحير غزة لتصبح طاردة للحياة في إطار مشروع التهجير الذي أعاد ترامب التأكيد عليه في حضور نتنياهو.
كان ترامب في ذلك اللقاء يشير إلى استسلام «حماس» كمخرج لتلك الورطة. فالثنائي الأميركي الإسرائيلي يتوافق على أهداف نتنياهو بسيطرة أمنية اسرائيلية على غزة ونزع سلاحها، والمشكلة أن هذا الثنائي يمتلك من القوة والسلاح ما يمكنه من احتلال كل غزة وهو يهدد بالسيطرة على 50% من مساحة القطاع إذا لم تقدم «حماس» التنازلات اللازمة في هذه الجولة، وهي الشروط التي لم يعلن عنها كاستدراكات للمبادرة الجديدة.
يمكن للمحاولة أن تنجح إذا ما تنازلت «حماس» عن شرط وقف الحرب، ولكن إذا لم تتنازل فقد تجد الولايات المتحدة صيغة ما تناور فيها على الحركة التي يزداد وضعها صعوبة تشبه الصيغة السابقة التي حملت نصاً صريحاً بالمرحلة الثانية التي تضمن مفاوضات وقف الحرب، وحين انقلبت عليها اسرائيل هدد ترامب بفتح الجحيم على «حماس» لذا من المدهش أن تطالب الحركة بضمانات أميركية مرة أخرى بعد أن تلقت لدغة أميركية، والمؤمن لا يلدغ إلا إذا كان بعيداً عن واقعية السياسة أو يديرها كحالة رغبوية.
هل معادلة «إما (حماس) وإما الحرب» كافية لأن تطرح على الفلسطينيين، سؤالا بات من الضروري الإجابة عنه بعد تجربة أكثر من عام ونصف العام، أم أن الحالة الانتظارية الفادحة ستبقى هي القائمة مع مزيد من التآكل والانهيار؟ سؤال بات يبحث عن إجابة.