- غارة جوية إسرائيلية تستهدف حي الجنينة شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة
- إصابات في استهداف طيران الاحتلال منزلاً لعائلة الخالدي بمخيم الشاطئ بقطاع غزة
- قصف مدفعي مكثف على حي تل الزعتر شمال شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة
لا يختلف اثنان على أن العلاقة بين كل من الولايات المتحدة وإسرائيل هي علاقة وثيقة وخاصة جداً، وتوصف بأنها استراتيجية فعلاً، وقد ظهرت تجليات تلك العلاقة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وحتى بعد أن انتقلت لتشمل جنوب لبنان أيضاً، ولولا أن أميركا شاركت إسرائيل تلك الحرب، وساندتها بالعتاد والسلاح، وبحشد القوة العسكرية عن بعد، أي في الإقليم، كذلك في الدعم الاستخباراتي واللوجستي، والذي لولاه، لربما انهارت إسرائيل في الميدان وتعرضت لهزيمة ساحقة، هذا لو أن الحرب اقتصرت على محور المقاومة مع إيران، دون التدخل الأميركي، كذلك لولا التغطية والحماية السياسية الأميركية، لربما نجح مجلس الأمن في فرض وقف الحرب على إسرائيل مبكراً، بعد بضعة أشهر على أبعد تقدير، ولكانت مكانة إسرائيل الدولية في الحضيض، بل لكانت محكمتا العدل والجنايات الدوليتان، قد أصدرتا قرارات واضحة بوقف الحرب، ومذكرات التوقيف لكل القادة العسكريين والميدانيين الإسرائيليين، لكن أميركا نجحت فقط في كبح جماح إسرائيل بتحويل الحرب إلى حرب إقليمية، بهدف جر أميركا نفسها للمشاركة المباشرة بجنودها في تلك الحرب.
ومن الطبيعي أن تتأثر علاقة البلدين بما يحدث داخل كل واحد منهما من أحداث سياسية داخلية، مثل الانتخابات، وكان واضحاً مثلاً تفضيل الجمهوريين، خاصة الرئيس السابق دونالد ترامب خلال ولايته ما بين عامي 2016 - 2020 بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف، فيما فضل خلفه الديمقراطي جو بايدن المعارضة الإسرائيلية، خاصة حين كانت في الحكم قبل ثلاث سنوات، وحتى في ظل الحرب فإن إدارة بايدن فضلت التعامل مع بيني غانتس حين كان مشاركاً في كابينت الحرب، ثم يوآف غالانت الوزير الليكودي المناكف لنتنياهو، أي أنه حتى في ظل ظهور خلافات تكتيكية بين قادتي البلدين، فهي لا تتعدى كونها، خلافات في وجهات النظر، التي ترى الطريق الأفضل لتعزيز مكانة إسرائيل والولايات المتحدة كليهما في الشرق الأوسط، وخلال الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام، ورغم تسويق واشنطن لوجود خلافات مع نتنياهو، وذلك بهدف تبييض صفحة أميركا من تهمة المشاركة في حرب الإبادة، أو تنظيف يديها الملطختين بدماء الضحايا المدنيين الفلسطينيين، فإن إسرائيليين على مقاعد المعارضة وفي الشارع كانوا يظهرون معارضتهم لنتنياهو بأشد وأعلى سقفاً مما يبديه بايدن من معارضة لمجرم حرب الإبادة الإسرائيلي.
وكما في حرب 2021 ظن بايدن أن نتنياهو سيشن حرباً تستمر أسابيع أو أشهراً، وأنه سيتوقف بعد أن يتآكل التأييد والتعاطف الدولي مع إسرائيل الذي ظهر بعد 7 أكتوبر 2023، والذي سينقلب للنقيض مع مشاهد الضحايا المدنيين الفلسطينيين، لكن مع ظهور معضلة المقاومة التي تعززت بجبهات الإسناد، لم يكن بمقدور نتنياهو أن يتوقف، ولا من مصلحته حتى يبقى في الحكم أن يوقف الحرب، فيما كان وضع بايدن يتراجع مع كل يوم تتواصل فيه الحرب، وحيث يقترب موعد الانتخابات في نفس الوقت، إلى أن راهن بايدن على أن ينجح في عقد صفقة تبادل، تعزز الحظ الانتخابي لحزبه، فيما كان نتنياهو يحلم بالوصول إلى يوم الانتخابات الأميركية مع استمرار الحرب، إلى أن ينخرط بايدن تماماً في الانتخابات، وينشغل بها عنه، فيضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، أحدهما هو البقاء في الحكم، وإغلاق أبواب الشقاق الداخلي حول قضايا عديدة، قد تفرض تبكير موعد انتخابات الكنيست، ومع نجاح دونالد ترامب أولاً بالظفر بترشيح الحزب الجمهوري، ثم في التقدم على بايدن في استطلاعات الرأي، تعززت مراهنة نتنياهو على عودة ترامب للبيت الأبيض.
إلى أن وقعت الطامة الكبرى في المناظرة بين بايدن وترامب، وذلك في آخر حزيران الماضي، حيث بات من شبه المؤكد فوز ترامب على بايدن، فيما خشي الحزب الديمقراطي ألا تتوقف الخسارة على فقدان البيت الأبيض، بل أن تتعداها إلى فقدان الأغلبية في غرفتي الكونغرس، أي مجلسي الشيوخ والنواب، وكانت الخطوة الحاسمة، أن أجبر الحزب مرشحه بايدن على الخروج من السباق الانتخابي، وسرعان ما ظهرت أهمية ذلك القرار، فيما يظهر منذ ذلك الحين من نجاح كمالا هاريس في مواجهة ترامب بمنافسة حقيقية وندية كاملة، وبذلك فإن الحزب الديمقراطي، لم يفرض فقط منافسة حقيقية على خصمه الجمهوري وحسب، بل بات لديه أمل قوي بالبقاء في البيت الأبيض، بعد أن بدل مرشحه، ولكن أيضاً في عدم فقدان أغلبية الكونغرس.
وإذا كان ترامب قد ظفر بترشيح الحزب الجمهوري، مبكراً، فإن من يتابع المعركة الانتخابية يخرج بانطباع بأن الحزب الديمقراطي يقاتل وراء هاريس، فيما يواجة ترامب الحزب الديمقراطي وليس هاريس فقط، وتقريباً وحيداً، أي دون الحزب الجمهوري، وكأن المعركة الانتحابية تبدو بين الحزب الديمقراطي وهاريس من جهة وترامب من جهة أخرى، وما يرجح هذا الاعتقاد هو أن قادة الحزب الديمقراطي المؤثرين مثل باراك أوباما وبيل كلينتون الرئيسين السابقين ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب السابقة، التي قالت إن أهم عمل تقوم به حالياً هو منع ترامب من العودة للبيت الأبيض، وهي المرأة التي يتذكر لها ترامب وكل من عاش ولايته الرئاسية، تصديها بقوة له، ومعارضته في كل ما سعى إليه خلال ولايته، بما كانت تتمتع به من قوة شخصية، ومن نفوذ كونها كانت ترأس مجلس النواب حين كان هو رئيساً، أما إلى جانب ترامب فلا أحد من الشخصيات الجمهورية التاريخية، مثل الرئيس السابق جورج بوش الابن مثلاً، يظهر معه في جولاته الانتخابية، اللهم إلا المهرجون من أبطال المصارعة الحرة مثل هالك هوجان.
على أي حال، فإن تنحي بايدن عن السباق الرئاسي، وفر الوقت والجهد له لمتابعة السياسة الخارجية، فيما تفرغت هاريس لحملتها الانتخابية، أي أن ذلك كان من شأنه أن أضعف مراهنة نتنياهو على انشغال الرئيس الأميركي عنه وعن متابعة تفاصيل الحرب، ليقودها منفرداً، وهكذا فإنه يمكن القول، إن نتنياهو ظل يعاني من عرقلة بايدن وتأثيراته على خوض الحرب مع إيران بالنيابة عن إسرائيل، في ظل غفلة أميركية، وكان يمكن أن يحدث هذا بعد الأول من أكتوبر الماضي، أي قبل شهر، حين وجهت إيران ضربة عسكرية موجعة للقواعد الجوية العسكرية الإسرائيلية في الوعد الصادق 2، رداً على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران قبل ذلك بشهرين، نجح خلالهما بايدن في خداع إيران، بوقف الحرب مقابل عدم الرد، وقد تورط فعلاً نتنياهو وأركان حكومته حين أعلنوا بعصبية أنهم سيردون على إيران بقصف مفاعلاتها النووية والنفطية فوراً وفي ليلة نفس اليوم الذي ردت فيه إيران بالوعد الصادق 2، لكن تدخلاً أميركياً لوجستياً، له أسباب عديدة، أخّر تنفيذ التهديد الإسرائيلي ما يقارب الشهر، وحين وقعت لحظة العدوان الإسرائيلي على إيران، تبين أن جبل تهديدات نتنياهو قد ولد فأرا، وما أكد ذلك هو ردة فعل المعارضة متمثلة بيائير لابيد وأفيغدور ليبرمان، اللذين أيدا توجيه ضربة قوية لإيران، بإعرابهما عن خيبة أملهما من الضربة الإسرائيلية، التي لم توجب رداً إيرانياً عليها حتى اللحظة على الأقل، رغم اعتبار طهران الضربة الإسرائيلية عدواناً وليست رداً، لأن الوعد الصادق 2 كان هو الرد على استباحة إسرائيل للسيادة الإيرانية باغتيال هنية في طهران.
السؤال الذي يدور الآن عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية هو ما مدى تأثير تلك الانتخابات على استمرار الحرب من عدمها، وماذا سيكون مستقبل الحرب في حال فاز ترامب، أو في حال فازت هاريس، وفيما هو معلن بالنسبة لهاريس، فهي قد التزمت باتباع سياسة بايدن، أي تجنب الانخراط في حرب مباشرة ضد إيران، تحت شعار عدم توسيع رقعة الحرب، فيما ترامب طالب نتنياهو بإنهاء الحرب بسرعة، أما التقارير فتشير إلى أن كلا المرشحين طالب نتنياهو بإنهاء الحرب قبل دخول أحدهما إلى البيت الأبيض، أي حتى يوم 20 كانون الثاني 2025، فهل يعني ذلك مع ازدياد عدد القتلى الإسرائيليين في كل من غزة وجنوب لبنان، أن الحرب ستتوقف بطريقة أو بأخرى قبل ذلك الموعد، أم أن نتنياهو سيستمر بها إلى أبعد مدى، أي حتى دخول هاريس أو ترامب البيت الأبيض، أم أن بايدن سيقلب له ظهر المجن في اليوم التالي لإجراء الانتخابات كما فعل أوباما في آخر العام 2015، فينتقم منه وهو - أي نتنياهو، من تسبب في خروج بايدن من السباق الانتخابي، حينما استمر بالحرب، ورفض أن يمنح الرئيس الأميركي ورقة صفقة التبادل.