- غارة جوية إسرائيلية تستهدف حي الجنينة شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة
- إصابات في استهداف طيران الاحتلال منزلاً لعائلة الخالدي بمخيم الشاطئ بقطاع غزة
- قصف مدفعي مكثف على حي تل الزعتر شمال شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة
بعد قرار الكنيست رفض إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة العام 1967، يعود الكنيست لاتخاذ قرار بحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين على كامل أرض فلسطين التاريخية.
بأغلبية 92 صوتاً، وباستثناء أصوات العرب، تمّ إقرار الكنيست للقرارين المذكورين، ما يعني إجماعا صهيونيا بين كافّة الكتل والأحزاب السياسية. هكذا تظهر «المعارضة» على أنها على توافق تام وشامل، فيما يتعلق بقرارات الأمم المتحدة، والحقوق السياسية للشعب الفلسطيني الذي يناهز عددهم الـ 15 مليون نسمة.
ولاستكمال ملف تصفية القضية الفلسطينية كهدف ثابت للمكوّنات السياسية والمجتمعية الإسرائيلية، ولقطع الطريق أمام إمكانية أن تفي الولايات المتحدة بوعد سابق لإعادة افتتاح قنصليتها في القدس، يناقش الكنيست مشروع قرار بمنع أي دولة من إقامة قنصلية في القدس تقدّم الخدمة للفلسطينيين.
إذا كان من غير المتوقع أن يؤدي مشروع القرار الخاص بالقنصليات إلى استثارة، أو استفزاز أيّ إدارة أميركية قائمة أو قادمة، فإنّ القرارات التي اتخذها الكنيست، تشكل تحدياً سافراً للمنظومة الدولية سواء على مستوى المؤسّسات الجامعة أو على مستوى الدول منفردة.
دولة الاحتلال وضعت نفسها في تحدّ مع الأمم المتحدة، بكافّة مؤسّساتها وقراراتها، ومنظوماتها القانونية والقيمية، وأيضاً في تحدّ مع النظام الدولي القائم، الذي لا تزال الولايات المتحدة تقف على رأسه، وتجتهد لمنع انهياره، أو تغييره.
في وقتٍ سابق من هذا الشهر كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد ذكر إسرائيل بأنها حصلت على شرعيتها من الأمم المتحدة.
يحاول ماكرون تذكير دولة الاحتلال، من باب الاعتراض على سياستها المتحدية للقانون الدولي، بأن عليها أن تنتبه إلى أنها بذلك إنّما تقوّض أسس شرعيتها. كان الجواب السريع والوقح من قبل بنيامين نتنياهو أنّ إسرائيل استمدّت وتستمدّ شرعيتها من القوة، وليس من الأمم المتحدة.
إقامة الدولة الفلسطينية كحق ثابت للفلسطينيين لم تصدر بقرار صريح، وإنّما بقرارات غير مباشرة، بما في ذلك موقعها في الأمم المتحدة في مكانة مراقب، وقرار الجمعية العامة الأخير، بتعزيز مقعدها في الجمعية العامة، أسوة بأعضائها.
وإذا كانت مسألة إقامة الدولة الفلسطينية، و»حل الدولتين» قد أصبحت عنواناً متفقاً عليه نظريا، من قبل دول العالم كافة بمن في ذلك شركاء الدولة العبرية، وداعموها، ومن يوفرون لها الحماية، من العقوبات، فإنّ ملف «الأونروا» مختلف من حيث إنه صادر بقرار صحيح، وواضح من قبل الجمعية العامة والمعروف بقرار «حق العودة» رقم 194 للعام 1949.
القرار رقم 194، كان واحداً من اشتراطات الأمم المتحدة، للاعتراف بدولة الاحتلال بعد حرب العام 1948، ويشكل جزءاً من ترجمة القرار رقم 181، الخاص بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية.
الأمم المتحدة تكفّلت من خلال قرارها رقم 194، بأن تؤسّس هيئة خاصة باللاجئين الفلسطينيين، لا تشبهها من حيث التكوين والتشكيل، والمهمّات، والأبعاد السياسية أيّ هيئة أخرى مشابهة أنشأتها الأمم المتحدة لرعاية اللاجئين في العالم.
حاولت دولة الاحتلال مراراً، إلغاء «الأونروا»، وإحالة ملفّ اللاجئين الفلسطينيين إلى هيئات أخرى ذات أبعاد إنسانية ولنزع الصفة السياسية والحقوقية عنها، لكنها فشلت، وها هي اليوم تتكئ على القوة، لإنهاء وجود وعمل «الأونروا» على أرض فلسطين.
لا تستطيع دولة الاحتلال مهما بلغت من القوة الغاشمة إنهاء عمل الوكالة الدولية، خارج فلسطين المحتلة، فمن بين أكثر من 6 ملايين لاجئ حسب سجلات «الأونروا»، يوجد 40% من اللاجئين في الأردن و10% في سورية، و8% في لبنان، عدا الموجودين في دول أخرى عربية وأجنبية.
كما أنّ إسرائيل لن تنجح في أن تحصل على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بإلغاء القرار 194، أو إلغاء تعبيراته المتمثلة في الهيئة المناط بها حماية حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
في مسلسل التحدّي الإسرائيلي الذي يثقل على العالم بمن في ذلك حلفاؤها في العالم، يستعيد المراقبون، مشهد مندوب دولة الاحتلال الدائم في الأمم المتحدة جلعاد أردان وهو يمزّق ميثاق الأمم المتحدة أمام الجميع. ويستعيد العالم مشهد الخارطة التي قدمها نتنياهو أمام الجمعية العامة، ويقول إنها دولته التي تشمل كل أرض فلسطين التاريخية وكذا كل ممارساتها وجيشها، المتحدّية للقوانين والقرارات والقيم الدولية والإنسانية، ومؤسّسات العدالة الدولية.
هكذا تكون الدولة العبرية قد فرضت نفسها وموقعها كدولة مارقة لا تنتمي إلى القيم والمؤسّسات الدولية الحامية على علّاتها، بما يجعلها في مواجهة مفتوحة ليس على الشعب الفلسطيني وحسب وإنّما على الأسرة الدولية، والنظام العالمي والأمم المتحدة.
المفوّض العام للأمم المتحدة فيليب لازاريني أعلن أنّ «الأونروا» لن تتخلّى عن دورها ومهمّاتها، وإنّما ستتابع العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
قد يبدو الأمر صعباً بينما دولة الاحتلال تقوم بتدمير منشآت «الأونروا» التعليمية، والإدارية والصحية، وتستهدف مقرّاتها، وموظّفيها، لكن المسألة مرّة أخرى، تعود إلى أهمية إعلان لازاريني من الناحية السياسية والقانونية.
بعد الاتهامات التي وجّهتها دولة الاحتلال لموظّفي «الأونروا»، بأنهم يعملون لصالح حركة حماس، أعلن العديد من الدول الحليفة لها، وقف تمويل «الأونروا»، لكنها عادت عن ذلك، بعد تحقيقات الأمم المتحدة التي أظهرت زيف الادعاءات الإسرائيلية.
الآن تتوقف ردود الفعل الدولية والعربية على التعبير عن القلق، والتحذير من نتائج القرار الذي اتخذه الكنيست لكن الأمور لن تتوقف عند حدود التنديد والتعبير عن القلق وإصدار البيانات.
يوفّر قرار الكنيست بشأن «الأونروا»، المسوّغ القانوني المشروع لقرار بتجميد عضوية دولة الاحتلال في الجمعية العامة، أو ربما كان من يتطرّف أكثر ويقدّم للجمعية العامة مشروع قرار بطرد إسرائيل من المؤسسة الدولية، ستكون معركة صعبة في الجمعية العامة، لكن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على منع صدور قرار في حال عرضه على التصويت وبذلك تكون دولة الاحتلال قد اختارت عزلة دولية شاملة، لا يفيد معها ما تمتلك من وسائل القوة الآخذة بدورها في الانهيار.