في جوف معركة "طوفان الأقصى"، وعلى أثر عملية 7 اكتوبر 2023، وتداعياتها ، واحتدام المواجهة والصدام استشهد يحيى السنوار قائد حركة حماس و عنوانها ، حاملاً سلاحه ، مقاتلاً من أجل الحرية، وفي سبيلها، قضى كسابقيه ، حاملاً تراث رفاقه الذين قضوا من قبله : احمد ياسين المؤسس، والرنتيسي ، وأبو شنب ،وليس انتهاء برئيسه اسماعيل هنية ورفيقه صالح العاروري .
لم يكن قادة حماس استثناء عما سبقوهم ، فقد تم اغتيال الرئيس ياسر عرفات، ونائبه خليل الوزير، وأمين عام الجبهة الشعبية ابو علي مصطفى وسبقه غسان كنفاني ،وقائد حركة الجهاد فتحي الشقاقي، وغيرهم العشرات ، ان لم يكن المئات من القادة والمبادرين وأصحاب القضية ، الذين سقطوا وارتقوا على الطريق، طريق العودة من مخيمات اللجوء ، الى الوطن ، طريق حرية فلسطين واستقلالها .
احتدام المواجهة والصراع والصدام بين المشروعين : المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ، ما زال مشتعلاً، متواصلاً ، لن يتوقف طالما الاحتلال والاستعمار والاستيطان باقياً على ارض فلسطين ، وطالما نقيضه شعب أصحاب الوطن والأرض موجود ، متماسك ، لديه ما يقوده ويحفزه لمواصلة الرفض والنضال والاستعداد لتقديم التضحية ، وهو ما تفعله قيادات المقاومة، وما يفعله بهم جيش المستعمرة وأجهزتها .
ما فعلته 7 أكتوبر، لم يقتصر على الزهو والحضور والإشتباك الفلسطيني في مواجهة المستعمرة، بل امتد ذلك ، في تعميق ظاهره المشاركة القومية عبر حزب الله اللبناني، وأنصار الله اليمني، والفصائل العراقية ، حيث لم يعد الشعب اللبناني وقواه السياسية وحزب الله مجرد ظاهرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، بل تحول الى شريك الدم والتضحية والطموح ، وهو تحول جوهري استراتيجي ، له ظهير وسند ، مما استدعى المشاركة الأميركية المباشرة في نقل قوات
أميركية تساهم عملياً في حماية المستعمرة من أفعال الضد والمواجهة، اضافة الى تقديم كل الخدمات التكنولوجية و إلكترونية والتسليحية والمالية والتغطية والحماية السياسية والدبلوماسية الأميركية أمام المؤسسات الدولية.
محطة عملية أكتوبر الرابعة في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية بعد المحطة الأولى التي بدأت بولادة منظمة التحرير عام 1964، وانطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965،وصولا الى معركة الكرامة 21 أذار 1968 ، بقيادة أردنية بارزة ، و المحطة الثانية إنفجار الانتفاضة الأولى عام 1987 داخل الوطن ونتيجتها نقل العنوان والفعل الفلسطيني من المنفى إلى الوطن ، والمحطة الثالثة الانتفاضة الثانية عام 2000 ، ونتائجها رحيل شارون من قطاع غزة 2005، بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال .
تشرين الاول اكتوبر شهر البروز و العطاء والتجديد ، لشعب لم يعد مجرد اقلية ، غلبانه، تتوسل لقمة العيش، بل شعب الجبارين المعطاء، الذي يعرف ماذا يريد كما سبقه شعوب العالم في نيل الحرية والاستقلال، ورمي محتليه الى مزابل التاريخ ، رغم تفوق المحتلين وقدراتهم في القتل والدمار كما تفعل المستعمرة على امتداد خارطة فلسطين.
لا شك أن رحيل يحيى السنوار خسارة لحركة حماس، وللشعب الفلسطيني ، ولكن كما واصلت حركة حماس وتفوقت بعد خسارة قياداتها خلال الانتفاضة الثانية: من العام 2000 إلى 2005، وتفوقت في الانتخابات التشريعية عام 2006، ستواصل المسير، كما سبق وفعلت ولا تزال حركة فتح والجبهة الشعبية، والجهاد الإسلامي وغيرهم من الفصائل الذين فقدوا قياداتهم وارتقوا على الطريق .
رحيل الرموز والقادة ، يشكل حافزاً للشبيبة الذين يتوسلون المشاركة مع العمل الكفاحي ، في مواجهة الظلم والإحتلال والقسوة والجوع ورفضه ،ومن أجل الكرامة والعودة و الحرية والاستقلال ،كحق وضرورة من أجل الحياة .