- شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزة
عندما أطلقت دولة العدو حربها العدوانية بعد حادث 7 أكتوبر 2023 على قطاع غزة، غاب التقدير الوطني الفلسطيني، عن قراءة الأبعاد السياسية لتلك الحرب الواسعة، وتعاملوا معها وكأنها رد فعل على فعل "أهان شرف عسكرية دولة الكيان"، بل ذهب الكثيرون باعتباره رد اعتبار "تاريخي" لكل ما كان جرائما، رغم أن كل ما سبقها من تطورات وأحداث داخل دولة الاحتلال كان في حالة غليان سياسي واجتماعي غير مسبوق منذ العام 1948، وعلى وشك الانفجار الكبير.
غرق العقل السياسي خاصة في فلسطين (مع غالبية شعبية عربية) في "نشوة اللحظة الانفعالية"، والذهاب للرقص طربا بمشهد "الإهانة الشكلية" لجيش دولة الكيان، ساعدت به وسائل إعلام "تتحدث بالعربية" مع جوقة من حاملي لسان منفصل عن مركز الوعي، ما سمح للعدو أن يبدأ تنفيذ مخططه الشامل ضد الكيانية الوطنية الفلسطينية، النامية بقوة عالميا، رغم واقع الانفصالية الانقسامية، ومحدودية الإرادة الكفاحية للرسمية الفلسطينية، لكن قوة الدفع الدولية وضعت فلسطين في مكانها الدولي بالانتصار الكبير في الأمم المتحدة 2023، بعدما وافقت على مساءلة العدل الدولية حول ماهية الاحتلال، وصدر رأيها التاريخي في شهر يوليو 2024 لصالح فلسطين.
الحرب العدوانية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، لم تكن سوى المظهر الأسطع من مخطط أشمل ضد القضية الوطنية وكيانها القادم، واستخدمته غطاءا تضليليا لتنشيط حركة الإبادة للأرض الفلسطينية، نحو التهويد الأوسع ليس مصادرة أرض فحسب، بل ترافق مع ضم وتغيير واقع جغرافي، وخلق مدن كاملة الخدمات، وطرق "مستقلة" نحو بناء "مجتمع يهودي" داخل الضفة والقدس الشرقية، مقابل تحويل المدن والبلدات الفلسطينية إلى "جزر سكانية" منعزلة ومنقسمة، ما يقطع الطريق كليا على قيام دولة فلسطين.
خلال الـ 328 يوم من حرب الإبادة في قطاع غزة، برزت "حالة انفصالية في الوعي الوطني الكفاحي"، حول ما كان يجب أن يكون في الضفة والقدس من فعل تدفيع الثمن للوجود الاحتلالي تشابكا مع الحرب العدوانية على القطاع، تحت تبرير "غبي وساذج" باعتبار أن ذلك سيكون ذريعة للمحتلين، ما كشف عن جهل تركيبي بجوهر المشروع التهويدي، كشفتها بوضوح مطلق المعركة الحقيقية ضد اتفاق أوسلو واغتيال رابين، بما كان عن "وحدة الضفة والقطاع" بولاية فلسطينية، حيث يرونها كسرت "قلب المشروع التوراتي"، فكان الاغتيال للمشروع والأشخاص والقوة الدافعة خيارهم البديل.
في اليوم الـ 327 للحرب على قطاع غزة، أعلنت دولة العدو الاحلالي انطلاق حربها العدوانية الجديدة في الضفة الغربية والقدس، منحها اسم "المخيمات الصيفية" لخص مضمون الهدف السياسي – الفكري للفعل العسكري، بأنها لن تكون "حملة محدودة" وليس فعل لمحاربة مجموعات مسلحة، بل تأتي نحو إكمال المخطط الذي من أجله تم اغتيال اتفاق إعلان المبادئ وصانعيه، واعتبار الضفة والقدس هي "قلب المشروع التوراتي"، خارج كل مساومة سياسية.
مسارعة وزير خارجية دولة العدو، بشرح هدف حرب "المخيمات الصيفية" ومسارها نحو تطهير عرقي وعمليات "إبعاد داخلي"، تحت ضغط عسكري بما قد يفتح الباب واسعا لهجرة "شرعية مؤقتة"، يقطع طريق الرسمية الفلسطينية وتوابعها، ومعها فصائل بلا عدد في التفكير عما وراء الحدث العسكري الجديد في الضفة، أو تخرج بعض القنوات المكلفة بوعي فيروسي خاص، باعتبارها حملة رد فعل على "تطور المقاومة المسلحة" لخلايا في الضفة، وتغرق العقل الشعبي بـ"بطولات خارقة" تنتهي بنصر وهمي يقود إلى حرب إبادة جغرافية تفتح الباب لبناء "مجتمع يهودي كامل المقومات" في الضفة والقدس.
ربما "زلة" لسان وزير خارجية دولة العدو كاتس حول التهجير الداخلي، تحت وقع "الصدمة المفرحة" جراء الحرب العدوانية المنطلقة في الضفة، أربك مبكرا "خطة التنفيذ" بأنها ليس رد فعل على فعل عسكري محدود ومناطقي، بل مشروع يتكامل مع ما يتم تنفيذه من قبل "المجتمع الاستيطاني" برعاية حكومة الفاشية اليهودية الجديدة، وخاصة ممثليها الوزيرين المستوطنين سموتريتش وبن غفير، لكنها لم تحرف جوهرها ابدا، وتزامنها مع خطة "بناء كنيس يهودي" وتنظيم رحلات سياحية تهويدية لساحة البراق والجدار والمسجد الأقصى.
وكي لا يحدث ما حدث انفصالا وطنيا وتشابكا كفاحيا بين جناحي بقايا الوطن في الضفة والقدس والقطاع، لا خيارات أبدا سوى إعلان الاستنفار الوطني العام لمواجهة مشروع "الإبادة السياسية العام"، الذي بات واضحا اسما ومسمى، نحو العمل بكل ما يجب أن يكون:
بالتأكيد هناك خطوات فعل مضافة وتفاصيل مع صعوبات حقيقية أمام ذلك، لكن المسألة لم تعد ماذا تريد في ظل "حرب الإبادة السياسية العامة" للكيانية الوطنية، ولا زمن لترف التفكير..إما أن تبقى أو أن تزول كيانيا.