لا يُضير حركة حماس كما فهمها وزراء التطرف لدى حكومة المستعمرة، حكومة نتنياهو، أن الحركة تقبل تقديم التسهيلات، وعدم التصلب في المفاوضات أمام المستعمرة عبر الوسطاء، وأنها تبحث عن إجراءات ووسائل ومواقف تؤدي إلى تحقيق صفقة تقوم على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، أي وقف للمجازر والإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد شعبها، وتبادل الأسرى لتوظيف الأسرى الإسرائيليين واستبدالهم بأسرى فلسطينيين وإطلاق سراحهم ونيل حريتهم.
دوافع حماس للتوصل إلى صفقة تهدف إلى الحفاظ على قياداتها ومقاتليها، والحفاظ على شعبها، وتتويج الصمود طوال الأشهر التسعة الماضية، إلى انتصار، لأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى هو عنوان الانتصار الفلسطيني للمقاومة.
الشيء المؤكد أن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى من وجهة نظر حكومة المستعمرة: نتنياهو، بن غفير، وسموترتش، تعني لهم الهزيمة بعد فشلهم طوال التسعة أشهر الماضية، وإخفاقهم في تحقيق أهداف الحرب نحو تصفية المقاومة الفلسطينية وإنهائها، وإخفاقهم في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل.
يقرأ سموترتش وبن غفير أن تسهيلات حركة حماس في العناوين الإجرائية، وليس بالعناوين الرئيسية الجوهرية بمثابة ضعف وتراجع وانعكاس لحجم الوضع الذي تُعانيه حماس من وحشية القتل والتدمير الإسرائيلي، ولهذا يجدون الحجة والذرائع لمواصلة الحرب الهمجية ضد الشعب الفلسطيني.
الائتلاف الحزبي الذي يقود المستعمرة، لا يقتصر تفكيرهم وعدوانهم وعنصريتهم ضد أهالي قطاع غزة، بل تمتد جرائمهم نحو أهالي القدس والضفة الفلسطينية، بل إلى مواطني مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
"صباح يوم الثلاثاء 9 تموز 2024، أمس، قامت دائرة أراضي "المستعمرة" معززة بقوات كبيرة من الشرطة والجرافات باجتياح قرية أبو عصا من وادي الخليل في منطقة النقب، وقامت بهدم بيوت القرية للمرة الرابعة وترك 365 شخصاً بينهم الأطفال والنساء والمسنين في العراء بدون سقف يؤويهم أو يحميهم من حرارة الطقس في النهار وبرودة الليل".
واعتبرت لجنة التوجيه العليا لعرب النقب الفلسطينيين، أن جرائم الهدم المتكررة من قبل حكومة نتنياهو بمثابة إعلان الحرب ليس فقط على قطاع غزة والقدس والضفة الفلسطينية، حيث تتعرض المخيمات والبيوت في جنين وطولكرم ونابلس للهدم، بل على المواطنين العرب الفلسطينيين في النقب الذين يعانون على مدار عشرات السنين من سياسة التمييز العنصري والإجحاف بحقهم على الرغم من كونهم أصحاب الوطن الأصليين، ورثوها أباً عن جد، وعلى الرغم من كونهم مواطنين في وطنهم، لم يأتوا إليه غُزاة مهاجرين من بلدان أجنبية.
وقالت لجنة توجيه عرب النقب الفلسطينيين:
"في الوقت الذي يتم الإعلان عن إقامة المزيد من القرى والتجمعات السكنية لليهود الأجانب المستوطنين في النقب تجاوز عددها 162 تجمعاً سكنياً من مدن تطوير وقرى زراعية، إضافة إلى أكثر من 80 مزرعة فردية على أراضي مصادرة من قبل المواطنين العرب، يتم تهجير قرى عربية بأكملها من خلال تنفيذ سياسة تهجير وتطهير عرقي، وتركيز العرب الفلسطينيين في تجمعات تفتقد إلى كل مقومات الحياة من خدمات ومياه وكهرباء، إضافة إلى معاناتهم من البطالة والفقر".
فريق الائتلاف الحزبي الحاكم لدى المستعمرة أعاد الموضوع والصراع بين المشروعين: الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي برمته إلى جذر المشكلة وأساسها، ومحاولات السيطرة والهيمنة وسرقة كل مقومات الأرض الفلسطينية، وجعلها طاردة لأهلها وشعبها.