- صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا وبمستوطنات بالضفة
في 31 أكتوبر 2023، نشرت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية، ما قالت إنه "وثيقة أعدتها وزارة المخابرات في حكومة نتنياهو"، قدمت يوم 13 أكتوبر 2023 لمناقشتها، أي بعد ستة أيام من حدث اقتحام مسلحي حماس ومعها فصائل السياج الفاصل وما تلاه من تطورات، بدأت بحرب عدوانية شاملة على قطاع غزة، وأعاد نشرها موقع عبري يوم 3 يوليو بعد مرور 272 يوما عليها.
بداية ما يجب أن يلفت الانتباه تاريخ الوثيقة، التي جاءت بعد 6 أيام فقط من الحدث الأكتوبري، ولكن مضمونها بما يشمل "خطة كاملة" لمستقبل قطاع غزة وفقا لتصور مختلف جذريا عما كان واقعا، مرتبطا بحكم القطاع أدواتا وحضور في اليوم التالي، ومن المهم التوقف على عناصر تلك الوثيقة التي تم تقديمها فورا بعد 7 أكتوبر 2023.
*الوثيقة رسمت بشكل واضح مسار الحرب لفرض واقع تهجير داخلي من الشمال إلى الجنوب تحت ضربات العدوان الشامل، وتقسيم قطاع غزة الى قسمين.
* الوثيقة شملت مشروع متكامل لعملية "تهجير واسعة" نحو دول متعددة وضمن آليات محددة، وبرعاية دولية وعربية تم تسميتها، أي وصاية مبكرة.
*الوثيقة تحدثت عن رفض عودة حكم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة باعتبار ذلك خطر حقيقي على مشروع التهويد نحو تكريس الكيانية الفلسطينية، ضمن رؤية تطوير الفصل السياسي – الجغرافي عن الضفة الغربية.
*الوثيقة تحدثت عن تشكيل "أدوات حكم محلي" خارج الرسمية الفلسطينية إطارا وفصائل.
*الوثيقة تحدثت حول طبيعة "الوجود" الإسرائيلي في قطاع غزة، بما لا يؤدي إلى فعل دولي ضاغط على دولة الكيان.
تدقيقا في جوهر العناصر التي تم تقديمها، لا يمكن إطلاقا أن تكون نتاج 6 أيام من حدث 7 أكتوبر، وأنها رد فعل على ما كان من أفعال نفذتها حركة حماس من خطف رهائن أو قتل سكان كيبوتسات، فمركبات الوثيقة تكشف مخطط شمولي لمستقبل قطاع غزة جوهره الرئيسي، التهجير والحكم بما يمثل عقبة مركزية أمام نمو دولة فلسطين.
المسألة المركزية، التي يجب أن تكون جوهر النقاش الوطني الفلسطيني بعد كشف الوثيقة في أكتوبر 2023 وإعادة نشرها في يوليو 2024، بأن الحرب العدوانية على قطاع غزة ليست ردا على حدث، بل هي مخطط كان معدا بشكل تفصيلي لتنفيذ مخطط سياسي يرتبط بجوهر القضية الفلسطينية، المرتبط بتكريس الكيانية الأولى فوق أرض فلسطين، مع تصاعد حركة الاعتراف بدولة فلسطين، وكانت تبحث "ذريعة" استخدامية لا أكثر، فوجدت في "حدث 7 أكتوبر" الثغرة الكبرى التي فتحت لها باب التنفيذ لمخطط الكبير.
قراءة وثيقة وزارة مخابرات دولة الكيان، توقيتا ومضمونا يؤكد قيمة المعلومات التي كشفت، أن أجهزة الأمن الإسرائيلية بكل فروعها، جيشا وشاباك ومخابرات عسكرية كانت على علم بوجود مخطط "هجوم حماس"، ولم تتعامل معه بالطريقة "التقليدية" في الاستنفار واتخاذ ما يتطلب من "وسائل حماية"، بل ما حدث خلافا لذلك تماما، فتركت كل الأبواب لتسهيل التنفيذ، تحت ذرائع لا علاقة لها بالبعد الأمني.
الترابط بين الوثيقة وعناصرها مع تراخي الأجهزة الأمنية فيما لها من معلومات، يؤكد ما بدأ في الساعات الأولى من بروز أسئلة حول حقيقة الحدث، وما هي أهدافه الرئيسية بعيدا عن "الذريعة"، وارتباطها بالأزمة الوجودية التي كانت تدق أركان دولة الفاشية اليهودية، ومؤشرات حرب أهلية وصلت إلى نقطة حرجة، ما كان لها أن تتوقف دون حدث يفوق في تأثيره تفاعلات الأزمة الداخلية، مترافقا مع مصلحة أمريكية إقليمية بعدما اهتزت كثيرا حركة النفوذ التي امتلكتها في زمن سابق.
وثيقة وزارة المخابرات الإسرائيلية ارتباطا مع كل ما نشر عن "صمت" المؤسسة الأمنية، بكل أركانها عما لديها معلومات، تفرض قراءة سياسية جديدة لكل ما كان، وحقيقة الأهداف التي كشفتها كمخطط شامل يستهدف جوهر المشروع الوطني الفلسطيني.
هل تدرك حركة حماس بعد 272 يوما، أن كل رؤيتها التي تقدمت بها لتغطية الحدث الأكتوبري أصابها مقتل كبير بعناصر الوثيقة الأمنية الإسرائيلية، ما يفرض عليها تقييميا جديدا مختلفا جذريا عما كان، وأن "الغرور" الذي أصابها لم يكن محقا بل ربما عليها محاسبة الذات جدا.
هل تتوقف أركان الرسمية الفلسطينية، حكما وفصائل أمام مخاطر المخطط الذي يكشف بشكل واضح بأن الحرب على قطاع غزة، ليس خلاصا من فصيل لعب دورا هاما في خدمة كسر عامود الكيانية طوال 17 عاما بعد انقلاب كان مصلحة لعدو، أكدت مسار الأحداث بعيدا عن الادعائية الفارغة.
وثيقة وزارة المخابرات الإسرائيلية لـ "مشروع التهجير وإعادة هندسة فصل قطاع غزة بشكل جديد"، الجوهر الأساسي من وراء حرب أكتوبر 2023، لقطع الطريق على قيام دولة فلسطين باعتبارها الخطر الحقيقي على المشروع التهويدي.