اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024م
تطورات اليوم الـ 417 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية سموتريتش يدعو إلى احتلال غزة وتهجير نصف سكانها خلال سنتينالكوفية الصحة: 14 شهيدًا و108 إصابات بـ 3 مجازر في القطاع خلال 24 ساعةالكوفية "يونسكو" تعتمد قرارًا لدعم أنشطة "أونروا" التعليمية بفلسطينالكوفية الهلال الأحمر: أكثر من 10 آلاف خيمة غرقت في مواصي خان يونسالكوفية 11 شهيدا جراء غارات الاحتلال على مدينة غزةالكوفية "الكابينت" يعقد اجتماعًا بشأن الاتفاق المرتقب لوقف إطلاق النار في لبنانالكوفية وزيرة خارجية ألمانيا تلمّح لإمكانية اعتقال نتنياهوالكوفية الأورومتوسطي: مئات الآلاف بغزة بلا ملابس كافية مع دخول الشتاءالكوفية 400 اعتداء على قاطفي الزيتون بالضفة أكتوبر الماضيالكوفية تحذيرات من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة بسبب الجوع والأمطارالكوفية قوات الاحتلال تواصل إغلاق معابر غزة لليوم الـ204 على التواليالكوفية قوات الاحتلال تعتقل 16 مواطناً من الضفةالكوفية الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على لبنان لليوم الـ 65الكوفية دلياني: محاولات الاحتلال ربط نضالنا الوطني بمعاداة السامية خداع فكري لقمع دعاة الحرية والعدالةالكوفية بريطانيا تتعهد بتطبيق قرار "الجنائية الدولية" بحق نتنياهوالكوفية الاحتلال يعتقل شابا من مخيم بلاطة شرق نابلسالكوفية تطورات اليوم الـ 417 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تعتقل الطلاب المعتصمين داخل حرم جامعة بير زيتالكوفية قوات الاحتلال تقتحم جامعة بير زيت شمال رام اللهالكوفية

حرب غزة وتشوهات العمل الإغاثي والتنموي في فلسطين

12:12 - 14 إبريل - 2024
د. طلال أبوركبة
الكوفية:

أصيبت مؤسسات المجتمع المدني بالذهول أمام هول الهجمة الصهيونية الشرسة على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، وحرب الإبادة الشاملة التي تمارسها قوات الاحتلال الصهيوني بشكل ممنهج ضد كافة مقومات الحياة في قطاع غزة، والتي يمكن أن نطلق عليها اغتيال الحياة في القطاع.

لم تتوقف حدود الهجمة الإسرائيلية عند ارتكاب المجازر بحق الأسر الفلسطينية، وتدمير كل البني التحتية، بل امتدت لتشمل فرض واقع النزوح على أكثر من مليون ونصف المليون مواطن من كافة أماكن قطاع غزة، الأمر الذي يتطلب من كافة المؤسسات العمل على الاستجابة للاحتياجات الملحة التي يفرضها هذا الواقع المرير.

العديد من مؤسسات المجتمع المدني كانت لديها القدرة على التكيف مع الواقع الجديد، وعمدت إلى تحويل مشاريعها من الشق التنموي إلى الإغاثي، في محاولة منها لتخفيف حدة الأهوال الناجمة عن واقع النزوح، وتعزيز صمود المواطنين عن الأرض. فيما توارت العديد من المؤسسات الأخرى عن العمل نتيجة لافتقادها للقدرة على الاستجابة لمتطلبات النزوح، تاركة لطفيليات العمل الإغاثي الفرصة الكاملة لملء الفراغ الذي تسبب فيه عجز تلك المؤسسات عن العمل في ضوء أجواء تفتقد للحماية والنظام في العمل الإغاثي.

يجب التنويه بداية إلى أن مؤسسات المجتمع المدني كانت قبل العدوان الإسرائيلي تواجه العديد من الإشكاليات والأزمات في ممارسة عملها في قطاع غزة، مثل اشتراطات التمويل المجحفة بحق النضال الوطني الفلسطيني، والمماطلة في تجديد تراخيصها، ووقف حساباتها البنكية .. إلخ من الممارسات الناجمة عن واقع الإنقسام الفلسطيني الداخلي.

كشفت هذه الحرب بشكل واضح عن حالة الضعف والفشل التي تعاني منها مؤسسات المجتمع المدني، حيث فشلت كافة الخطط والبرامج التي كانت تعمل عليها كافة مؤسسات المجتمع المدني، والتي وجدت نفسها عارية تماماً أمام تنامي الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة، وخصوصا خطط الطوارئ لمواجهة العدوان، ولعل أبرزها تجهيز مراكز الإيواء التي تعتبر عنوانا للفشل الكبير الذي منيت به مؤسسات المجتمع المدني، والتي عملت منذ عدوان العام 2014، على إعداد وتجهيز مراكز إيواء مناسبة ملائمة لاحتياجات النازحين، الأمر الذي لم يحدث رغم إنفاق ملايين الدولارات على ورش العمل والمؤتمرات والأبحاث الخاصة بمراكز الإيواء.

لم يتوقف الأمر عند الفشل في مواجهة الكارثة، بل تبني البعض من قيادات المجتمع المدني قيم الخلاص الفردي، ونأوا بأنفسهم وأسرهم من المحرقة الإسرائيلية، تاركين جمهور المستفيدين من خدمات مؤسساتهم عرايا يواجهون آلة الموت الإسرائيلية، ووصل الأمر لدى البعض منهم بالتنكر لحقوق موظفيه في تأمين مراكز إيواء لهم ولأسرهم، ووصل الأمر لدى البعض منهم إلى إقامة مراكز إيواء خاصة بعائلاتهم، تاركين الموظفين والعاملين دون مأوى، في الوقت الذي تلقوا فيه تمويلا لإقامة مراكز إيواء عامة.

توارت مؤسسات المجتمع المدني، الأمر الذي أدى لبروز هياكل وأطر قبلية وعشائرية، وهيمنت قيم الزبائنية وما يرافقها من سيادة لقيم الواسطة والمحسوبية في توزيع المساعدات الإنسانية، وغابت أسس النظام والعدالة في توزيع المساعدات على الأسر النازحة، الأمر الذي ساهم في بروز طفيليات العمل الإغاثي ممن ينظرون للواقع الحالي باعتباره فرصة سانحة للاغتناء وتكوين ثروة من وراء سرقة المساعدات.

يتذرع العديد من العاملين في مؤسسات المجتمع المدني بأن حجم الكارثة، وغياب الحماية، وسيطرة الفوضى وفقدان النظام، وتخلي المانحين عن الاستمرار في تمويلهم، بل وسحب تمويل العديد من المشاريع بعد هجمات السابع من أكتوبر باعتبارها أسبابا رئيسية وراء هذا الفشل في قدرة المؤسسات على الاستجابة لمتطلبات النزوح.

يمكن القول أن أزمة مؤسسات المجتمع المدني هي انعكاس للأزمة العامة في الأراضي الفلسطينية، ولا يمكن فصل مؤسسات المجتمع المدني عن الواقع السياسي العام الذي يعاني من ويلات الإنقسام البغيض، وأن التشوهات التي اعتلت عمل تلك المؤسسات خلال هذه الحرب، كشفت عن الغياب الواضح للرؤية والاستراتيجية الموحدة في مواجهة الأزمات، ومدى الحاجة لإنشاء جسم تنسيقي يكون بمثابة مظلة جامعة لكافة المؤسسات الأهلية، والذي من شأنه أن يساهم في تنظيم عملها ، ويساهم في خلق حالة من التكاملية في الأداء بينها، الأمر الذي كان من شأنه أن يسهل بشكل كبير عمل تلك المؤسسات في ضوء الكارثة، ولكنه لم يحدث.

يمكن النظر إلى هذه الحرب باعتبارها فرصة رغم فداحة الثمن، أمام مؤسسات المجتمع المدني لإجراء مراجعة نقدية لمسارات العمل التنموي والإغاثي في الأراضي الفلسطينية. فرصة لتشكيل رؤية فلسطينية موحدة، تعمل على خلق مقاربات أكثر واقعية للعمل التنموي والإغاثي في الأراضي الفلسطينية، وبما يتناسب مع طبيعية سياسات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تفكيك كافة بنى المجتمع الفلسطيني، وإعادته إلى مرحلة القبلية والعشائرية، وتقليص مساحات الفضاء المدني التي تعمل على إعادة بناء المجتمع باعتباره وحدة واحدة، وهي فرصة لإنشاء مظلة حقيقية من كافة مؤسسات المجتمع المدني، من شأنها أن تلغي التنافسية والتناحر فيما بينها للحصول على التمويل من ناحية، وتعزز نهج التكاملية في الأداء من ناحية أخرى، وتعيد للمجتمع توازنه في مواجهة سياسات الاقتلاع والتهجير، وتعزز من صمود المواطن الفلسطيني، وتكرس وجوده على الأرض.

ختاماً هذه المقالة لم يقصد منها بأي شكل من الأشكال توجيه اللوم إلى مؤسسات المجتمع المدني، بقدر ما هي دعوة لإجراء مراجعة نقدية حقيقة لمسار عمل مؤسسات المجتمع المدني واستخلاص الدروس والعبر، بما يمكنها في مرحلة ما بعد الحرب من لعب أدوار مؤثرة في إعادة إعمار الحالة الفلسطينية برمتها على أسس وقيم المواطنة والديمقراطية، واستعادة دورها في بناء الهوية الجمعية للشعب الفلسطيني.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق