اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024م
سموتريتش يدعو إلى احتلال غزة وتهجير نصف سكانها خلال سنتينالكوفية تطورات اليوم الـ 417 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية "يونسكو" تعتمد قرارًا لدعم أنشطة "أونروا" التعليمية بفلسطينالكوفية الهلال الأحمر: أكثر من 10 آلاف خيمة غرقت في مواصي خان يونسالكوفية 11 شهيدا جراء غارات الاحتلال على مدينة غزةالكوفية "الكابينت" يعقد اجتماعًا بشأن الاتفاق المرتقب لوقف إطلاق النار في لبنانالكوفية وزيرة خارجية ألمانيا تلمّح لإمكانية اعتقال نتنياهوالكوفية الأورومتوسطي: مئات الآلاف بغزة بلا ملابس كافية مع دخول الشتاءالكوفية 400 اعتداء على قاطفي الزيتون بالضفة أكتوبر الماضيالكوفية تحذيرات من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة بسبب الجوع والأمطارالكوفية قوات الاحتلال تواصل إغلاق معابر غزة لليوم الـ204 على التواليالكوفية قوات الاحتلال تعتقل 16 مواطناً من الضفةالكوفية الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على لبنان لليوم الـ 65الكوفية دلياني: محاولات الاحتلال ربط نضالنا الوطني بمعاداة السامية خداع فكري لقمع دعاة الحرية والعدالةالكوفية بريطانيا تتعهد بتطبيق قرار "الجنائية الدولية" بحق نتنياهوالكوفية الاحتلال يعتقل شابا من مخيم بلاطة شرق نابلسالكوفية تطورات اليوم الـ 417 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تعتقل الطلاب المعتصمين داخل حرم جامعة بير زيتالكوفية قوات الاحتلال تقتحم جامعة بير زيت شمال رام اللهالكوفية اطلاق النار باتجاه قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم بلاطة شرق نابلسالكوفية

الأكلاف الباهظة لمركزية غزة في الكفاح الفلسطيني

12:12 - 13 إبريل - 2024
ماجد كيالي
الكوفية:

احتل قطاع غزّة، منذ ما بعد الانتفاضة الثانية، وبعد رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات أواخر 2004، حيّزاً كبيراً في الأجندة السياسية، الفلسطينية والإسرائيلية، وأيضاً العربية والدولية، لا سيما بعد انسحاب إسرائيل منه بشكل أحادي أواخر 2005.

 فقد شهدت الساحة الفلسطينية، بعد ذلك التاريخ، تغيّراً سياسياً ملحوظاً، تمثّل بصعود حركة "حماس"، كمنافس وكمنازع لحركة "فتح" على المكانة والقيادة والسلطة، في المشهد الفلسطيني، بفوزها في الانتخابات التشريعية (2006)، وتشكيلها حكومة فلسطينية، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع الخلاف بين الحركتين الكبيرتين، وتالياً الاقتتال، ثم الانقسام، الأمر الذي نجم عنه وجود سلطتين فلسطينيتين، واحدة لـ "فتح" في الضفة، والثانية لـ"حماس" في غزة.

تبعاً لما تقدّم، فقد باتت الساحة الفلسطينية محكومة بالعديد من التطورات، التي تتعلق بالوضع في غزة، لعلّ أهمها يكمن في الآتي:

أولاً: خروج القطاع من الترتيبات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفقاً لاتفاق أوسلو (1993)، بحكم هيمنة "حماس" عليه بطريقة أحادية، لا سيما وأنّ تلك الحركة تشتغل من خارج منظمة التحرير الفلسطينية، وتبعاً لأجندات مختلفة تماماً، على المستويين السياسي والكفاحي، خصوصاً مع انتهاجها نمط الحرب الصاروخية في صراعها ضدّ إسرائيل.

ثانياً: على الرغم من أنّ "حماس" حركة وطنية فلسطينية، إلّا إنّها ظلت محكومة بطبيعتها كجزء من حركات الإسلام السياسي، أيضاً، إضافة إلى أنّها ترتبط بعلاقات وطيدة مع إيران.

 ثالثاً: اعتبار إسرائيل غزة، التي يقطن فيها أكثر من مليوني فلسطيني، منطقة معادية، بحيث فرضت عليها حصاراً مشدّداً، وشنّت عليها حروباً مدمّرة بين فترة وأخرى (في الأعوام 2008، 2012، 2014، 2021)، إذ أنّ الحرب الحالية هي الخامسة من نوعها، مع اتسامها باعتبارها حرب إبادة جماعية، وبأنّها أطول حروب إسرائيل قاطبة، وانّها جرت بعد 17 عاماً من حصار إسرائيل للقطاع.

المشكلة بالنسبة للفلسطينيين في ما يخصّ القطاع، أنّهم في غمرة حماسهم للانسحاب الإسرائيلي، لم يدركوا تماماً مغزى هذه الخطوة وأبعادها الإستراتيجية بالنسبة لإسرائيل، بالنظر لتحكّم نظريتين أساسيتين في إدراكاتهم السياسية:

 الأولى، تتمثل باعتبارهم أنّ قطاع غزة بات منطقة محرّرة، في حين أنّ الأمر لم يكن كذلك، من نواح عملية وسياسية وقانونية، إذ أضحى الفلسطينيون فيه عملياً في سجن كبير يديرون أنفسهم داخله، لكنهم مرتهنون للخارج، وقدرتهم على التأثير في المجال الفلسطيني أو الإسرائيلي محدودة، أو ضمن نطاق السيطرة، إذ أنّ إسرائيل هي التي ظلّت تتحكّم بكل شيء، في البنى التحتية وفي المعابر والصادر والوارد وصلة غزة بالخارج، بما في ذلك بالكيان الفلسطيني في الضفة.

 ضمن هذه الرؤية، أيضاً، يمكن احتساب الاضطراب الحاصل عند القوى الفلسطينية السائدة في ما يخصّ تحديد مكانة القطاع في العملية الوطنية الفلسطينية، بين اعتباره قاعدة للمقاومة المسلحة ضدّ إسرائيل، كما شهدنا، مع معرفتنا أنّها محدودة ومقيّدة ونجمت عنها أثمان باهظة، وربما نكبة، في الحال الراهنة، أو اعتباره منطقة محرّرة يفترض أن تتيح للفلسطينيين التقاط أنفاسهم وبناء مؤسساتهم ومجتمعهم، رغم أنّها بطبيعة الحال محدودة ومشروطة، في ظل المعطيات الراهنة، فلسطينياً وعربياً ودولياً.

 الثانية، تتمثل بإحالتهم خطوة انسحاب إسرائيل إلى عمليات المقاومة، مع أنّ عدد كل القتلى الإسرائيليين في غزة، منذ احتلاله إلى الانسحاب منه (1967- 2005)، أي في 38 عاماً، بلغ 230 إسرائيلياً فقط بين مستوطنين وعسكريين (حوالى 6 سنوياً)، ما يبيّن قصور هذه النظرة، مع كل التقدير للتضحيات والبطولات التي بذلها الفلسطينيون في قطاع غزة في كفاحهم ضدّ الاحتلال. هكذا فمع أنّ عدد قتلى إسرائيل في الضفة أكبر بكثير من غزة، إلّا أنّ إسرائيل تصرّ على عدم الانسحاب منها، بل إنّها ظلت مصرّة على تعزيز وجودها فيها.

 على ذلك، ربما كان الأجدى بالفلسطينيين النظر إلى الأمر بطريقة موضوعية وبمسؤولية، وبمعزل عن الرغبات والعواطف، وتفسير ما تقدّم وفقاً لاعتبارات أربعة أساسية:

 أولها، إنّ إسرائيل أرادت من انسحابها الأحادي من قطاع غزة التخلّص مما تعتبره "الخطر الديموغرافي"، أو "القنبلة الديموغرافية"، أو التقليل منه بإخراج مليوني فلسطيني من دائرة مسؤوليتها، للحفاظ ما أمكنها على كونها دولة يهودية وديموقراطية، وتالياً التحرّر من العبء السياسي والأمني والاقتصادي والأخلاقي للسيطرة على قطاع غزة، الضيّق والفقير بالموارد والكثيف بالسكان، وهو أمر لم يكن يصعب إدراكه أو التقاطه سواءً من التصريحات الإسرائيلية وقتها، أو من كتابات الباحثين الإسرائيليين.

 ثانيها، إنّ ما تقدّم لا يفترض أن يحجب عن إدراك الفلسطينيين أنّ ثمة قطاعاً من الإسرائيليين، والتيارات السياسية، يريد الحفاظ على كل شبر بين النهر والبحر تحت سلطة إسرائيل، مقابل إزاحة كتلة كبيرة من الفلسطينيين منه للخارج، وهو ما تحاوله حكومة نتنياهو- سموتريتش- بن غفير، فيما يمثل أحد أهم أسباب حرب الإبادة الجارية منذ 6 أشهر، والتي جعلت قطاع غزة منطقة غير صالحة للعيش.

 ثالثها، سعي إسرائيل لتجزئة قضية الفلسطينيين، فثمة قضية الهوية والديموقراطية والمواطنة للفلسطينيين في مناطق 1948، وثمة قضية القدس واللاجئين والمياه والمستوطنات ومصادرة الأراضي والجدار الفاصل والطرق الالتفافية والترتيبات الأمنية في الضفة، وثمة قضية غزة أيضاً وحصارها والوضع الإنساني فيها.

 رابعها، إنّ إسرائيل بانسحابها من غزة خلقت واقعاً من الفصل في الكيان الفلسطيني، بين الضفة وغزة، وأنّها وضعت الفلسطينيين، أو فصائلهم الرئيسية، في مواجهة بعضها وجهاً لوجه، بدلاً من مواجهتها إسرائيل، وأنّها في كل ذلك أسهمت في تعزيز واقع تحول الحركة الوطنية الفلسطينية من حركة تحرّر وطني إلى سلطة، وهو ما حدث لحركة فتح، ولحماس أيضاً، بل إنّ كل ذلك أدّى إلى وضع كلتا الحركتين في مواجهة المجتمع اللتين تسيطران عليه، حيث "فتح" في الضفة و"حماس" في غزة، وخلقت واقعاً يؤسس لإضعاف أي منحى يفسح في المجال لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لا في غزة والضفة، ولا في أي منطقة منهما.

 لم يكن صعباً على القيادات الفلسطينية إدراك الأغراض الإسرائيلية المتوخّاة من الانسحاب الأحادي من غزة، وإنما صعّب من ذلك واقع تحول الحركة الوطنية الفلسطينية إلى سلطة، وحال التنازع على المكانة والقيادة، وتالياً سيادة الروح العاطفية والرغبوية والقدرية في تحديد الخيارات الوطنية، والمبالغة بالإمكانيات الذاتية.

على ذلك، فما بعد حرب غزة ليس كما قبلها، على كل الأصعدة، أي أنّ تلك الحرب ستحفر كثيراً في تاريخ الشعب الفلسطيني، وتاريخ صراعه مع إسرائيل، وبما يتعلق بمآلات حركته الوطنية، أو ما تبقّى منها.

 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق