فاقت الانتهاكات والجرائم كل الحدود لتؤكد على طبيعة الاحتلال المارق على قيم الإنسانية والحضارة ، بعد كشف النقاب عن المشاهد الصادمة جراء المجازر المروعة التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في مجمع الشفاء الطبي بغزة بعد أسبوعين كاملين من المآسي والمعانيات واجهها المواطنون الأبرياء الذين اتجهوا إلى المستشفى بحثا عن ملاجئ وأماكن آمنة تأويهم في ظل الحرب الدموية المتواصلة منذ ستة شهور .
بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي اطل فجر الاول من نيسان على صراخ المكلومين المحرومين الذين فقدوا أحبتهم جراء المجازر المروعة ووسط متابعة وسائل الإعلام للمشاهد القاسية ، حيث ترك الاحتلال خلفه عشرات جثامين الشهداء ملقاة على الطرق وهياكل عظمية محروقة وأخرى متحللة اضافة للدمار غير المسبوق واحراق كافة مرافق المستشفى وإخراجه عن الخدمة نهائيا ..
استشهد اكثر من ٢٠٠ مواطن في الجريمة الاسرائيلية الجديدة واعتقل ٥٠٠ وسط ظروف صعبة تخللها تنكيل واعتداءات وحرم اكثر من ٦٢٠٠ مواطن من الملجأ الآمن بعد ان طردهم الاحتلال من محيط المستشفى والمرافق التابعة له التي تعرضت لعمليات احراق وتدمير للمعدات الطبية ..
ترافق توافد مئات الفلسطينيين امس على المستشفى لتفقد الدمار والمساعدة بإخراج الجثامين والمصابين والمحاصرين ، مع حملة نشطة على المواقع الالكترونية ومنصة اكس رصدت روايات للأمهات الثكلى اللواتي جئن لالقاء نظرة الوداع الاخيرة على ابنائهن واحتضان جثامينهم والدعوات بالصبر والتثبيت على هذا المصاب الكبير ، فقد اثارت المأساة حالة من الغضب العارم على المنصات الالكترونية حيث قال الصحفي صالح الناطور ان اسرائيل احرقت تاريخا عمره اطول من عمر النكبة ودفنته تحت التراب ، وارفقت الناشطة ايمان مصطفى على حسابها بفيس بوك صورة تظهر حجم الدمار وقالت : هكذا يكون صباح الفاجعة ، في حين قال الكاتب المصري يوسف الدموكي : هكذا ترك الاحتلال مستشفى الشفاء ومحيطه ، والله ان هذا لهو العلو الكبير ، كيف عاث على الارض فسادا بتلك الدرجة ، وانتقد المطبعين مع الاحتلال وقال : لن تترككم لعنة غزة حتى تذيقكم العذابين ، من خزي الدنيا وسعير الآخرة !
وعلق الداعية احمد النفيس قائلا : ما حدث في مجمع الشفاء الطبي يندى له الجبين ويعجز الكلام عن وصفه وينذر بعقوبة إلهية توشك ان تقع على رأس الأمة البكماء ، بينما اشارت الناشطة الإعلامية هدى نعيم في تغريدتها إلى ان تتار العصر مروا من هنا ولم يكن جيش الاحتلال الذي مر ..
تأتي هذه التغريدات من النشطاء في ظل الصمت العربي الرسمي والدعم والتواطؤ الاميركي الكبير حيث اكدت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية ان إسرائيل وداعميها سيدفعون ثمن المحرقة وجريمة الحرب بحق مجمع الشفاء التي ستبقى شاهدة عليهم حتى يسترد شعبنا حقه منهم ، وقالت حماس ان جرائم الاحتلال فاقت كل الحدود من خلال أبشع الحروب التي تشنها إسرائيل على المدنيين والبنية المدنية دون ان يحرك العالم ساكنا وبدعم كامل من ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن ..
المطلوب من محكمة الجنايات الدولية والمؤسسات والهيئات الأممية محاكمة الاحتلال وداعميه وكل من سانده في هذه الجريمة المروعة وعلى مجلس الامن الانعقاد فورا لاصدار قرارات ملزمة لوقف المحرقة الإسرائيلية بحق شعبنا الذي فقد كل ايات الشفاء بسبب تدمير مستشفى الشفاء.
لا لاغلاق فضاء الإعلام
اقرت الكنيست مساء امس بالقراءتين الثانية والثالثة القانون الذي يجيز لرئيس الحكومة الاسرائيلية اغلاق وسائل إعلام اجنبية داخل إسرائيل ومنعها من العمل وفي مقدمتها قناة الجزيرة لانها كشفت العديد من الوقائع المهمة المتعلقة برصد العدوان وانتهاكاته ، حيث تسعى إسرائيل لطمس الحقيقة واغلاق افواه الصحفيين لمواصلة مجازرها واعتداءاتها على الشعب الفلسطيني وفي ذلك انتهاك واضح وتعد سافر على حرية الصحافة ومخالفة لما ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948 وجاء فيه أن: «لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تَدَخُل أحد، والبَحث عن واستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كافة وسائل الإتصال بصرف النظر عن حدود الدول».
الشمال في ادق مرحلة
في ضوء استمرار سياسة الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية والسورية وقصف العديد من الاهداف خلال الايام القليلة الماضية وفي ذلك رسالة اسرائيلية واضحة تثبت انها عازمة على اشعال المنطقة بحروب مدوية في مختلف الجبهات ، فان القصف الأخير مساء امس والذي استهدف مقر السفارة الإيرانية في دمشق مما أدى إلى ارتقاء محمد رضا زاهدي، العضو البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وعدد من المسؤولين يعتبر تصعيدا خطيرا تجاوزت من خلاله إسرائيل كافة الخطوط الحمراء ، الأمر الذي وضع جبهة الشمال في أدق وأصعب مرحلة من خلال تهديدات ايران للرد على هذا الهجوم.