د. طلال الشريف
الكوفية:إسماعيل هنية السياسي الحمساوي الذي يعد امتدادا لفكر الشيخ المؤسس أحمد ياسين.
الشيخ أحمد رجل الوحدة الوطنية الذي في عهده استجاب دائما لرؤية ياسر عرفات بإدراكه لأهمية الوحدة الوطنية في العمل السياسي في فلسطين رغم الخلافات والمنطلقات الفكرية للرجلين والتي كانت متقاربة إلى حد ما كون ياسر عرفات كان مقربا من جماعة الإخوان وتلقى تدريبات معها ولكن لم يكن عضوا فيها وأيضا تناقضت حركتاهما أثناء مسيرة النضال لان فتح ادركت الحرص على عدم القطع والانعزال عن لعبة السياسة العربية والدولية فنمت سريعا وتأخرت جماعة الإخوان في إدراكها إلى الآن، ولذلك اعترف العالم بياسر عرفات وحركة فتح حتى بعملها العسكري في حين واجه هذا العالم جماعة الإخوان قبل أن تنشأ حركة حماس وبعد أن ترعرعت على خلفية المفاهيم الدينية والعقائدية لحماس وليس على خلفية المقاومة لان العالم ساند فتح واعترف بنضالها في حين لم يعترف بمقاومة حماس ولم يساندها كحركة تحرر لحملها الفكر الديني فقط وكذلك العرب وكثير من الدول الإسلامية المعتدلة، ولخشية كل هؤلاء من تنامي نفوذ حركة الإخوان المسلمين الذي أصبح جيشها لاحقا هو كتائب القسام ولذلك مرت حركة حماس بمحطات مهددة لوجودها مبكرا من تناقض أنظمة الحكم والأحزاب في الشرق الاوسط مع جماعة الإخوان أصلا.
فهمي أن رجلا كإسماعيل هنية المعتدل أصلا تشرب فكر الشيخ الوحدوي المناسب لهذا الواقع ولذلك كان قريبا دائما من الخط الوطني الفلسطيني رغم تدينه المتأصل في والده وعائلته الذي كان مبكرا رجل دين مسالم يدعو الناس لزاويته في بيته في حارتنا للصلاة والتفقه في الدين ولم يكن إخوانيا بل رجل متدين يحترمه الجيران بسلوكه وبسلوك الأسرة والتربية الحميدة لعائلته وابتعاد هذه العائلة الاولى عن الموبقات في تلك الايام في ستينيات القرن الماضي وما بعده كان اسماعيل مضرب المثل للنقاء والصدق والهدوء والاحترام حتى عندما اصبح شخصية عامة بقي بعيدا عن التكبر والانعزال بل كان ذو علاقة احترام متبادل مع الآخرين، وتلك خاصية فريدة يتمتع بها هنية عن قادة حماس جميعهم فقد ولد في بيت متدين معتدل وكان تدينه طبيعيا وليس استخداميا للسياسة لاحقا وشكل رؤيته الدائمة للانفتاح على الآخر، لكن السياسة وتبدلاتها تفرض دائما على متعاطيها محطات إجبارية للمواقف المؤيدة للحركة او الحزب المنتمي له ولا يخلو سياسيا واحدا من النقد او الاخطاء..
سارت حماس في طريق السياسة وكبرت وحظيت بشعبية كبيرة والتحق بها الكثيرون وتقدم قيادتها شباب وشيوخ ومؤهلين علميا وأصبح هناك من يؤيد او يقتنع بتوجهات السياسة إما لدول تتقاسم الأفكار او لحركة الاخوان الام وما يستجد من مصالح مع الآخرين في مسيرتها السياسية وتمحورت تلك الشخصيات كما هي عادة الأحزاب والحركات الأصولية أو ذات الطابع الأيديولوجي وباختصار شديد لفهمي السياسي أن تباعدت وتناقضت المواقف والمصالح الحزبية والفكر والرؤى فهكذا تصبح الأحزاب حين تتقارب العلاقات المبنية على تلك المواقف وفهم طبيعة الصراع والإدارة داخل الأحزاب والحركات بشكل عام وبشكل خاص داخل الأحزاب الايديولوجية باقتراب مجموعات من بعضها قريبة من فهم كل من تلك الجماعات والمتنفذين فيها فكان اسماعيل هنية دائما امتدادا للشيخ أحمد ياسين ووجهات نظره إما في فريق او جماعة الاعتدال او أنه يقودها كما حدث عندما اصبح قائدا لحماس في قطاع غزة وكان من هذا الفريق المعتدل شخصيات كثيرة على سبيل المثال لا الحصر منها غازي حمد ود. باسم نعيم ود. نزار عوض الله اسماعيل رضوان عصام الدعليس وفتحي حماد وخليل الحية ولم يبتعد عن هؤلاء من مواقف قادة مثل خالد مشعل وموسى أبو مرزوق ود. احمد يوسف أو العكس.
في كل محطات حماس لم نشعر كوطنيين ونحن نختلف عنهم فكريا وبرنامجا بان اسماعيل هنية كان في أي لحظة معول هدم أو متطرف المواقف خاصة تجاه الوطنيين ولذلك كنت دائما اقول بان نصف شعبية حماس كانت بسبب هذا الرجل اسماعيل هنية وعلاقاته المنفتحة والسياسية المعتدلة والأقرب للشارع الفلسطيني من آخرين في حماس .. نقول هذا حقيقة دون ممالقة لاحد وفي ظرف حساس جدا ومصير حماس على المحك وليس في عز سلطتها التي اختلفنا واشتبكنا معها كثيرا حتى عندما حاكموني في محاكمهم على كتاباتي وأتمنى ان ينجح هنية في انقاذ الموقف وانقاذ ما تبقى من الشعب الفلسطيني في رفح والوصول لهدنة ووقف اطلاق النار رغم معرفتي بصعوبة الاوضاع وكما كنت أقول له دائما كن جسرا إيجابيا بين مصر العروبة والاخوان لعل اشتباكهم الدائم يصل لحلول فتصبح زعيما متفردا بهذا العمل وكما أقول لهنية اليوم له كن منقذا لأهلك وشعبك في رفح بكل السبل وبمواقف مصر الثابتة تجاه قضيتنا فشعبك أولى من الأحزاب وأبقى لتكون متفردا أيضا لشعبك ووحدته الوطنية وللجميع الفلسطيني في المستقبل رغم ضبابيته فشعبك ووطنك أبقى واولى من كل الأجسام السياسية وهذا هو وقت الإنقاذ.