اليوم السبت 12 إبريل 2025م
عاجل
  • مصابون في قصف مركبة بحي الشيخ ناصر شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة
  • طائرات الاحتلال تشن غارة على جباليا البلد، شمال قطاع غزة
  • "تظاهرة حاشدة" في بنغلادش، إسناداً لغزة ونصرةً لفلسطين وتنديداً بعدوان الاحتلال
توقيع اتفاقية كروية بين فلسطين والنرويجالكوفية الحرب الإسرائيلية تكبد الزراعة اللبنانية خسائر بـ 704 ملايين دولارالكوفية 110 طائرات الاحتلال تشن غارة على جباليا البلد، شمال قطاع غزةالكوفية مصابون في قصف مركبة بحي الشيخ ناصر شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزةالكوفية طائرات الاحتلال تشن غارة على جباليا البلد، شمال قطاع غزةالكوفية أعلى أجر في تاريخ ليفربول.. الكشف عن راتب محمد صلاحالكوفية "تظاهرة حاشدة" في بنغلادش، إسناداً لغزة ونصرةً لفلسطين وتنديداً بعدوان الاحتلالالكوفية شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين في شارع الثلاثيني بمدينة غزةالكوفية قوات الاحتلال تحتجز طاقما صحفيا وتعتدي عليه أثناء عمله وسط مدينة جنينالكوفية شهداء ومصابون إثر استهداف الاحتلال لمواطنين في مدينة غزة ودير البلحالكوفية بلدية رفح: ضم المدينة للمنطقة الأمنية باطل ولن يصنع شرعيةالكوفية ارتفاع عدد الأسيرات في سجون الاحتلال إلى 29الكوفية رئيس كولومبيا يدعو "ترامب" لإيقاف حرب الإبادة على غزةالكوفية الحرب الإسرائيلية تكبد الزراعة اللبنانية خسائر بـ 704 ملايين دولارالكوفية اضطراب الأسواق يُكبد النفط خسائر جديدةالكوفية ارتفاع عدد الأسيرات في سجون الاحتلال إلى 29الكوفية تطورات اليوم الـ 26 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية "المجلس العالمي للتسامح" يرحب بنية فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينيةالكوفية شهداء ومصابون إثر استهداف الاحتلال لمواطنين في مدينة غزة ودير البلحالكوفية 150 جنديا ينضمون لرافضي الحرب في الجيشالكوفية

إطلالة على عمر الحاجة «صبحية يونس»

11:11 - 14 يونيو - 2022
الأسير المقدسي: حسام زهدي شاهين
الكوفية:

تحل علينا الذكرى الأربعون لرحيل الحاجة صبحية يونس عن هذه الدنيا الفانية، الأمّ التي شاخت وشابت وهي تنقب عن الحرية المسلوبة على بوابات السجون، وعلى خلاف كل نساء العالم حولت هي وكل الأمهات الفلسطينيات قاعات الانتظار، وغرف الزيارة، إلى أفضل الأماكن لممارسة الطقوس الاجتماعية وتبادل القصص والحكايا.

فعلى بوابات السجون تجتمع فلسطين، كل فلسطين، وعلى بواباتها نشأت عشرات قصص العشق والحب بين العديد من الشباب والصبايا، وكان للحاجة صبحية فضل كبير، ويد طيبة في تزويج البعض منهم، ومن عجائب الزمن الفلسطيني تحت الاحتلال، زمن الحاجة صبيحة تلعب الأقدار أحيانا لعبتها السريالية المؤلمة، والقذرة قذارة الاحتلال نفسه، لتثير حنق الحاجة صبيحة، وتتحشرج الكلمات في حنجرتها، وتتقافز الدموع من عينيها، عندما أتت لزيارة كريم، ووجدت بجواره على شباك الزيارة شابًا عشرينيًا، هو ابن لامرأة ورجل زوجتهما قبل ثلاثة وعشرين عامًا، فما كان منها إلا أن شتمت الزمن، وشتمت الاحتلال، وشتمت الزعماء السياسيين، وكل من تسبب في هذا الوجع المزمن!

الحاجة صبحية، التي صعدت النصف الثاني من عمرها على عتبات بوابات السجون، تسلقت جدار التاريخ لأربعين عاما، وهي تبحث عن لحظة تستطيع اختلاسها من هذا الزمن المسروق من أعمارنا، كي تتمكن فيها من احتضان ابنها كريم، لكن نصف الزمن لم يسمح لها بذلك، لا وهي حية ولا وهي ميتة، لأن مشاعره يسكنها الفراغ، وأحاسيسه الإنسانية مفقودة، فيا ليتنا كنا قادرين على منحها وقتاً من أعمارنا، حتى يتحقق حلمها وحلم كريم، الحلم الذي طالما حدثت أحفادها عنه، وصار حكاية شعبية تتداولها نساء فلسطين عن الحاجة صبحية، التي خبأت لابنها كريم، في خابية الزمن، حفنة من عمرها الفلسطيني قبل أن يبتلعه الغول.

إن الرحلة عبر الزمن، من أصعب الرحلات التي يمكن أن يسافرها الإنسان، رحلته ما بين الولادة والموت أصعب كثيراً من رحلته عبر الجغرافيا، وإن تصاحبت الرحلتان معاً، هكذا كانت رحلة الحاجة صبحية، قاسية ومريرة، مليئة بالمكابدة والألم، ومع ذلك واصلت مسيرتها بلا كلل أو ملل، كانت تخبز الأمل في كل صباح، وتطعمه لكل من هم حولها، مغموساً بالزيت والزعتر، قبل أن تجوب البلاد بحثاً عن السجن الذي استقر فيه كريم، تجوع كلما جاع، وتضرب عن الطعام كلما أضرب، وتتوجع كلما مرض وكلما قُمع.

صارت تعرف جيداً كل ملامح فلسطين، من شمالها حتى جنوبها، أحبت هذه الرحلة كثيراً، لأنها أخذت من ملامح فلسطين تضاريسها الجميلة ونحتتها على وجهها ويديها، ومنحت من ملامحها لفلسطين بريق عينيها، فباتت تشبه واحدتهما الأخرى، لذلك شعرنا كلنا بمرارة فقدانها، لأن فيها من كل أمهاتنا أجمل خصلة، ومن سبق له وأن فقد أمه، عاود تذوق مرارة الفقدان مرتين!

أُرهقت الحاجة صبحية وهي تفتش عن ذكريات لكريم في عمرها، فلم تجد سوى طفولته والمرحلة الأولى من ذاك الشاب اليافع، الذي اختطف من بين أحضانها قبل "أربعين عاماً"، فغرست له في كل سنة قضتها بعيدة عنه زيتونة، وراحت تسقيها من دمع عينيها، وترعاها بنبض قلبها، ومع ذلك لم يسعفها الوقت، ولا كل صفقات التبادل، ولا أوسلو، ولا الدفعة الرابعة، خُذلت من قبل الجميع، فمن سيسقي غرساتها ويرعاها بعد اليوم؟! ومن سيمنح كريم دفء وحنو كف أمه؟! الذي انتظره:

أربعين شتاءً، ليمسح عن وجنتيه رذاذ المطر

وأربعين ربيعاً، ليُمسد شعره على ضوء القمر

وأربعين صيفاً، لينفض عن ياقته غبار السفر

وأربعين خريفاً، ليطعمه فرحاً من ثمار الشجر

سيخرج كريم من السجن في مطلع العام القادم، وسيجد في قلب كل أمّ فلسطينية قطعة من الزمن الثمين الذي خبأته له أمه، لحين تحرره، فالحاجة صبحية كانت تعلم تماماً بأن كريم سيخرج من زمن السجن بوتيرته المملة، إلى زمن الحياة اليومية الصاخبة، لذلك حرصت بفطرتها الأمومية، أن تترك له حصته من عمرها، الذي حُرم منه، أمانة في أعناق آلاف الأمهات اللواتي في معظمهن يصغرنه سناً.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق