اليوم الاثنين 25 نوفمبر 2024م
قصف مدفعي على مناطق شمال غرب قطاع غزة محيط منطقة الصفطاويالكوفية مصابون بقصف طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة الجرو بحي الشجاعية شرقي مدينة غزةالكوفية الهلال الأحمر: 13 إصابة جراء سقوط صاروخ اعتراضي على عدة منازل في مخيم طولكرمالكوفية الاحتلال يعتقل 3 مواطنين من بيتونيا والمغير قضاء رام اللهالكوفية تطورات اليوم الـ 415 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا وبمستوطنات بالضفةالكوفية غانتس يدعو للعمل بقوة ضد أصول الحكومة اللبنانيةالكوفية إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنينالكوفية الاحتلال يصادر 52 ألف دونم بالضفة خلال العام الجاريالكوفية إطلاق نار من آليات الاحتلال شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: الاحتلال صادَر 52 ألف دونم من أراضي الضفة خلال العام الجاريالكوفية 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضيالكوفية الدفاع المدني محذراً: النازحون أمام مخاطر كبيرة بفعل مياه الأمطارالكوفية الاحتلال يوزع إخطارات هدم واستدعاءات في بلدة سلوانالكوفية «أونروا»: محاولات إدخال الدقيق لغزة تُجابه بعقبات كبيرةالكوفية 35 شهيدًا و94 مصاباً في 4 مجازر إسرائيلية بغزةالكوفية مستوطنون يدمرون أشجار الزيتون جنوب بيت لحمالكوفية طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط مدينة جباليا البلد شمال قطاع غزةالكوفية ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دمويةالكوفية الدوري الإيطالي: بيكولي يحرم فييرا فوزه الأول مع جنوىالكوفية

المتاهة الفلسطينية

13:13 - 11 فبراير - 2022
أكرم عطا الله
الكوفية:

أخشى أن الحالة الفلسطينية برمتها تكف عن استيلاد مخرج لمتاهة وجدت نفسها تجري بين خطوطها المستقيمة مغلقة النهايات، وأن الفكر السياسي الفلسطيني المعزول عن أدواته التنفيذية لم يعد ينتج حلولاً، وأن العمل السياسي بات أسيراً لواقع استدرجه بهدوء ثم أطبق عليه من جميع الجهات.
في نهايات تسعينات القرن الماضي كنت في العشرينات من عمري أحاول تعلم الصحافة، وذات مساء في بيت الصديق الشاعر خالد جمعة سألت الكاتب الكبير فيصل حوراني: إلى أين نحن ذاهبون بعد المغامرة الكبيرة التي أقدمت عليها منظمة التحرير؟ وطبعاً عندما تمت تهيئة كل الأجواء من خنق وحصار ولم يبق سوى مسار أوسلو بدا حينها كمخرج وحيد. أجاب وهو الذي كان مستشاراً للزعيم ياسر عرفات آنذاك: سيجعلنا الإسرائيلي في وضع لن نستطيع معه التقدم للأمام ولا العودة للوراء ولا لليمين ولا نحو اليسار، والأسوأ أننا لن نستطيع أن نبقى ثابتين بل ستكون كل قفزاتنا في الهواء.
ربما يكون مضمون هذا المقال مكرراً، كما قال يوماً أحد الأصدقاء بأن الكتاب أحياناً يكررون مقالاتهم، ببساطة لأن كل شيء مكرر ولا حراك في الحالة التي تراوح مكانها مع قفزات، والقرارات تتكرر ومن الطبيعي أن يكون الكتابة عنها تكرار انعكاس لها، فالكتابة والتحليل هو رد فعل الحدث، وعندما يعيد الحدث نفسه نعود لنفس النقاش، إذ يبدو أن الحالة الآن هي أشبه بمن يعد الأرقام، وما أن يصل الرقم 99 حتى يُطلب منه أن يبدأ من جديد من الرقم واحد، وعلينا أن نكون صادقين حد الصدمة عندما نتناول واقعنا الذي أطبقت عليه إسرائيل بعد الاستدراج، ودخل المتاهة باحثاً عن النور في آخر الأشياء كما كان يردد الزعيم، ولكن النور يتلاشى أكثر دون أن نخدع أنفسنا.
من جديد «يقرر المجلس المركزي انهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع سلطة الاحتلال، وفي مقدمتها تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل الى حين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية والاستيطان، ويقرر وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله المختلفة» هكذا جاء في بيان المجلس في ظل سياسة معلنة للحكومة الإسرائيلية عبر عنها رئيس وزرائها في أكثر من مرة بأن لا مفاوضات سياسية، وبالتأكيد لا دولة فلسطينية على أية حدود ولا وقف للاستيطان.
لكن متاهة قرار إنهاء التزامات منظمة التحرير هو قرار يفترض أنه يحمل مضموناً انقلابيًا على مرحلة تاريخية وأدوات وبنى سياسية واجتماعية واقتصادية هائلة، والأهم من ذلك أنه لا يستقيم إطلاقاً مع استمرار السلطة الوطنية كحاكم فلسطيني، ببساطة لأن الاتفاقيات تنص على إقامة الهيكل التنفيذي لها وهو السلطة الوطنية، لذا فان ازالة السلطة الوطنية هو الأساس الرئيسي في انهاء الاتفاقيات، أما الباقي فيبدو تفاصيل صغيرة أمام العقدة الكبرى وهي إنهاء الاتفاقيات وبقاء السلطة كتناقض سياسي.
السلطة هي جهاز خدمي يحمل على عاتقه توفير التزامات معيشية ومجتمعية ثقيلة، وتلك لا يمكن أن تتحقق دون مصادقة وموافقة إسرائيل، لأن السلطة تعمل في الغلاف الإسرائيلي وليس خارجه، وشرط نجاحها هو التنسيق مع إسرائيل على كل الأشياء وفي ظل الانقسام وخلق المنافس اللدود، فإن أكثر ما تخشاه القوة المسيطرة هو الفشل ونجاح الآخر وتلك لعبة مارستها اسرائيل في حمى التسابق بين غزة والضفة.
وبغض النظر عن المنافسة لكن المعادلة السياسية لا يمكن فهمها باستحالة وقف التنسيق مع وجود السلطة، هذا لغز بحاجة الى حل، وهو ربما يجسد قلب المتاهة، وهناك تجربة بعد أن كان هذا رأياً نظرياً يقدم على صفحات الجرائد تم تأكيده عملياً قبل أقل من عامين، عندما أعلن الرئيس الفلسطيني في أيار 2020 عن قطع العلاقة مع إسرائيل كنوع من الاحتجاج على صفقة القرن وما أعطته من ضوء أخضر لإسرائيل لضم أجزاء واسعة من الضفة والتنكر للاتفاقيات.
كانت النتيجة تتجسد بدخول السلطة في أزمة مالية خانقة حالت دون صرف الرواتب بعد رفضها تسلم أموال المقاصة لتدرك أنها دخلت أزمة مركبة وأكثر تعقيداً، فلا إسرائيل تراجعت ولم تتعاط بجدية مع التهديد لإدراكها ممكنات قوتها في المعادلة وإدراكها لضعف السلطة، ولا السلطة تمكنت من الاستمرار لتدرك عمق الأزمة حين بدت كأنها تسير نحو الانهيار كأنها تعلقت على الشجرة، ليبدأ البحث عن مخرج كان حينها برسالة من منسق شؤون المناطق آنذاك يتعهد فيها ببعض التعهدات التي ضربت بها إسرائيل عرض الحائط.
التجربة كانت تلخص أو تضع المعادلة في سياقها الطبيعي. لذا ليس من المغامرة بالقول استحالة وقف التنسيق وانهاء الالتزامات من الجانب الفلسطيني الأكثر ضعفاً في المعادلة. فالاتفاقيات عادة ما يعلَن انتهاء العمل بها وفقاً لتجارب التاريخ، إما بإعلان الحرب أو بانقلاب تقوم به قوى جديدة معارضة للقوى التي قامت بالتوقيع على اتفاقيات الدولة «حدث الى حد ما في غزة» وإما أن تكون الاتفاقيات محددة بزمن ولها نهاية. والحالة الفلسطينية أكثر تعقيداً حتى من خضوعها للقياس، فلا هي قادرة على إعلان الحرب والاتفاقية كانت محددة بزمن توافق الجميع على تمديده دون إعلان كأن شيئاً لم يكن، بل التحق المعارضون بأدواته وهياكله ولم يكتب للتجربة النجاح لفرادة الحالة.
بعد التجربة لا يظهر سوى مخرج وحيد إذا ما أرادت اللحظة السياسية أن تتصالح مع ذاتها، وهو حل كل البنى التي نشأت بالاتفاقيات، وهي عملية معقدة حيث تمت إعادة هندسة الحالة الفلسطينية من جديد، والتاريخ لا يعود للوراء، أرأيتم عمق الأزمة؟ كان نظر فيصل حوراني ثاقباً، لا للأمام ولا للخلف ولا اليمين ولا اليسار ولا حتى الوقوف في المكان، بل مجرد قفزات!.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق