- مراسلنا: 5 شهداء في قصف للاحتلال على في جباليا النزلة شمالي قطاع غزة
- مراسلنا: مصابون في قصف "إسرائيلي" على نازحين في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة
- الطيران المروحي "الأباتشي" يطلق النار باتجاه المناطق الشمالية لقطاع غزة
تننفس الفلسطينيون الصعداء بعد انتصار شباب القدس في معركة باب العامود، عندما فرضوا على سلطات الاحتلال العودة عن إغلاق ساحة باب العامود ومنع المواطنين الفلسطينيين من الجلوس على المدرجات في الساحة لأسباب تتعلق بحرية تحرك المجموعات اليهودية المتطرفة التي تريد استباحة باحات الأقصى وأزقة البلدة القديمة متى شاءت. وهذا انتصار لإرادة الشعب الفلسطيني يسجل أساساً لمواطني القدس ومن واصلوا التصدي لشرطة وقوات الاحتلال لمنع تنفيذ الإجراءات التضييقية الجديدة التي تصب في إطار سياسة تهويد القدس وفرض واقع جديد فيها انسجاماً مع سياسة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ العام 1967 بعد الإعلان عن ضم القدس الشرقية لإسرائيل، وأيضاً بالتناغم مع خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لكن هذا الانتصار هو في معركة واحدة جزئية، ولكنها معركة مهمة يمكن البناء عليها مثلها مثل معركة البوابات الإلكترونية التي سجل فيها شباب القدس أيضاً انتصاراً عظيماً.
الشيء المهم في أحداث القدس الأخيرة والمواجهات الشعبية في أحيائها وشوارعها أن التقديرات الأمنية التي أجرتها الأجهزة الإسرائيلية المختلفة أجمعت على أن القدس يمكنها أن تفجر الموقف وأن تقود إلى مواجهات وربما حرب في جبهات عديدة. وفي كل الأحوال، فإن استمرار المواجهات في القدس وحدها ينذر بحرب واسعة بين اليهود والفلسطينيين في المدينة لا تستطيع إسرائيل السيطرة عليها، وستكون مكلفة كثيراً على الجبهة الدولية. وعملياً، أعادت المواجهات في القدس المدينة إلى موقعها في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي كموضوع جوهري دونه لا يمكن تحقيق الاستقرار والأمن والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. والأهم أنها بددت أوهام الإسرائيليين بأن موقف الإدارة الأميركية السابقة وعمليات التطبيع مع العرب قد حسمت مصير المدينة باتجاه التسليم بالسيطرة والسيادة الإسرائيلية عليها. وعادت القدس مرة أخرى للواجهة كالمسألة الأكثر حساسية والتهاباً في الصراع.
معركة القدس شجعت الفصائل الفلسطينية على الاستمرار في العملية الانتخابية بصرف النظر عن الموقف الإسرائيلي منها ويرى فيها البعض عملية نضالية يمكن أن تتم رغماً عن أنف الاحتلال، بينما موقف الرئيس أبو مازن ومن خلفه حركة فتح يعتبر أنه دون مشاركة المواطنين في القدس الشرقية في الانتخابات، ترشيحاً وتصويتاً ودعاية ونشاطات انتخابية، لا يمكن أن تتم الانتخابات. وبالمناسبة، هذا كان موقف جميع الفصائل. ولكن الاختلاف في الموقف ينبع أساساً من تصور قسم كبير من الفصائل والقوائم الانتخابية أن بعض قادة فتح وفي ضوء الانقسام الذي تعاني منه يرغبون في تأجيل العملية الانتخابية، وبالتالي يجب الضغط عليهم لكي تتم الانتخابات في موعدها المحدد.
بعيداً عن المناكفات الفصائلية والانتخابية، دعونا نبحث معضلة القدس في العملية الانتخابية بعقل بارد ودون أخذ موقف نحو هذا الطرف أو ذاك. وفي هذا السياق، هناك احتمالان لإجراء الانتخابات في القدس، الأول أن توافق إسرائيل على إجرائها بناء على الاتفاقات الموقعة معها على غرار ما حصل في المرات السابقة وخاصة في انتخابات 1996 و2006. وفي هذه الحالة لن تكون هناك مشكلة في استكمال العملية الانتخابية بالطرق السابقة وحينها لا يوجد مبرر لأحد لتأجيل أو إلغاء الانتخابات التي ينبغي أن تجرى في موعدها المحدد حسب المرسوم الرئاسي. والاحتمال الثاني وهو القائم والمرجح هو ألا تقرر إسرائيل منع أو السماح للفلسطينيين في القدس الشرقية المشاركة في الانتخابات في المناطق الخاضعة للضم «السيادة» الإسرائيلية حسب قرار فرض السيادة عليها، وفي نفس الوقت، العمل على منع الانتخابات عملياً كما يحصل، اليوم. وفي أقصى الأحوال أن تقرر الحكومة الإسرائيلية بشكل واضح وصريح منع الانتخابات في شرقي القدس. وفي مثل هذا الوضع، لدينا مشكلة جدية في متابعة العملية الانتخابية كون الجميع يقر بأنه لا انتخابات دون القدس، ترشيحاً وتصويتاً ودعاية ونشاطاً انتخابياً.
الموقف الذي قد يطالب بالتأجيل يستند إلى رفض إسرائيل الاستجابة للمطلب الفلسطيني والدولي بالسماح لمواطني القدس بالمشاركة بالانتخابات وفق الصيغة التي عمل بها في الماضي والمنصوص عليها في الاتفاق بين الجانبين. وعموماً، فشلت أوروبا التي تعتبر أكثر الأطراف حماساً لإجراء الانتخابات الفلسطينية في الحصول على موافقة إسرائيلية حتى اللحظة حتى أن معظم دولها لم تطالب بالمشاركة في عملية الرقابة على الانتخابات. وأصحاب هذا الموقف الذين ينتمون لحركة فتح لا يرون وسيلة لإجراء الانتخابات وفق المتفق عليه فلسطينياً. بينما المعارضون والذين يريدون انتخابات بأي ثمن في إطار رؤية أن العملية الانتخابية خطوة ملحة ومطلوبة فلسطينياً لأنها قد تكون المدخل لاستعادة الوحدة الوطنية بكل مضامينها، ولرغبة الشعب في ممارسة العملية الديمقراطية كوسيلة للإصلاح وتطوير وتعزيز الأداء والمشاركة الشعبية والوطنية الأوسع في إدارة الشأن العام، بالإضافة إلى أهميتها في توحيد الموقف الفلسطيني نحو مواجهة الاحتلال وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني أمام المخطط الاستيطاني الاحتلالي وغيرها الكثير من الأهداف التي يمكن أن تضاف لتبرير أهمية الانتخابات في هذا الوقت.
في الواقع، لكل موقف منطق معين، فمن يرفض الانتخابات في ظل عدم الموافقة الإسرائيلية على إجرائها كما جرت عليه في المرات السابقة يرى بأنه لا يمكن أن نتنازل عن قضية حقنا في القدس وفي مشاركة المواطنين في ممارسة حقوقهم فيها. والسماح لإسرائيل أن تمرر موقفها يعني أننا نتنازل عن قضية القدس برمتها ونسلم بالاحتلال والضم الإسرائيلي وهذا يتناقض مع الموقف الوطني الموحد من هذه القضية. وعليه يجب عدم السماح لإسرائيل بفرض موقفها بأن تجري الانتخابات دون المشاركة الصريحة والعلنية والرسمية لمواطني القدس. أما الموقف الآخر المناقض لهذا فيقول، لماذا نمنح إسرائيل حق «الفيتو» في العملية الانتخابية ولماذا لا نجريها رغماً عن الاحتلال ونحولها لقضية نضال وطني أسوة بمعركة باب العمود. وهذا جيد نظرياً ولكن السؤال الجوهري هنا كيف يمكن أن ننجح في أن نجعل مشاركة المقدسيين العملية أمراً واقعاً في القدس فيما لو رفضت السلطات الإسرائيلية ذلك. أين يمكن وضع صناديق الاقتراع وكيف يمكن أن نضمن حرية وصول المواطنين لها؟ المسألة بحاجة لنقاش جدي على أسس وطنية وسياسية وقانونية لبحث إيجابيات وسلبيات كل خيار والمفاضلة على أساس من يحقق لشعبنا أفضل النتائج السياسية ويجعلنا نحقق انتصاراً على عدونا ونحقق حاجة ملحة لشعبنا ووطننا. فهل يمكن أن يجري نقاش موضوعي بعيداً عن المناكفات وتسجيل المواقف ويأخذ بالاعتبار كافة الأبعاد المطلوبة في هذا النقاش؟.
الأيام