بعد ما يقارب الـ 16 شهر على حرب دولة العدو التدميرية ضد قطاع غزة، بالتوازي مع حرب تهويدية في الضفة والقدس، شهدت ليلة 25/ 26 مارس 2025، حدثا يحمل أبعادا يتجاوز حدوده الجغرافية في شمال القطاع.
وسط حرب بدأت تتجه من البعد العدواني نحو حرب اقتلاعية بالمعنى الشامل، إبادة، تطهر وتهجير، لخلق واقع جديد في قطاع غزة، خرج أهالي بيت لاهيا للمرة الأولى، في أهم عملية تحدي بالصوت والقدم لحرب تنفذها حكومة الفاشية اليهودية منذ 7 أكتوبر 2023.
الغضب الفريد لأهل بيت لاهيا، يمثل أبلغ رسالة تخرج من قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، ليس بما بحث عنه وقف الحرب والدمار، لكنه التحدي الشعبي لعدو تمكن من فرض مسار الهدم العام، دون رادع سوى "جعجعة كلامية" يطلقها من غادر القطاع بشكل غير معلوم، ويبث متاجرة لم تعد أهدافها مجهولة أبدا.
"هبة الغضب اللاهوية"، ورغم محاولة حصارها إعلاميا، وعدم تغطيتها، من بعض وسائل لا تترك خبرا فتنويا في فلسطين، لا تفرد له ساعات بث وتحليل وقراءة ما بعده وما قبله، وأصوات تخرج كما آلات التسجيل، ودخول بعض أصوات من داخل الكيان المعادي، لتشويه الفعل الغاضب، لكنها خرجت ولم تنكسر، خاصة بعدما قررت دولة الاحتلال "التشويش" عسكريا عليها.
"هبة الغضب اللهوانية"، كانت الشرارة الأولى الأهم للتمرد على الخوف خلال أشهر الخراب العام، وتحديا للموت، الذي تنوعت أشكاله، لم يعد عبر قنابل أمريكية هي الأحدث فقط، بل حصارا وجوعا ومرضا، ما حطم كل قيود قيدت حراك تأخر كثيرا جدا.
من ملامح القيم الاستراتيجية الأولية لـ "هبة الغضب اللاهوية"، أنها تعيد الاعتبار لمفهوم صراع عدو مع شعب، وأن ما حدث ويحدث ليس مواجهة عسكرية بين فصيل وتحالفه يدعي قدرة عسكرية، تبين أنها جزء من وهم سائد، تعميمها كان جزءا من استراتيجية دولة العدو، لغاية لم تعد مجهولة أبدا.
دولة العدو تدرك، قبل غيرها، جوهر دوافع التحرك المفاجئ في بيت لاهيا، ولذا ستعمل على بث ما يخدم أهدافها، بتعميم أكاذيب، وتواصل الفعل الإرهابي، كونها تدرك القيمة الاستراتيجية لحراك الغضب اللاهوي، نحو فضح أخطر مخطط تزويري في الصراع، بين شعب وعدوه الوطني.
"هبة الغضب اللهواني"، يمكن اعتبارها الحراك الأهم في مواجهة الحرب الاقتلاعية ضد قطاع غزة، والمخطط التهجيري العام، كونها شعبية بامتياز، ومحددة الهدف بامتياز، لا يمكن لدولة الفاشية اليهودية أن تتهم القائمين عليها بما ليس فيها، وفق ما اعتادت دائما باستخدام "أحداث صبيانية"، كما إطلاق صواريخ جاذبة للخراب، فالهبة تعيد ملامح البعد الكفاحي للشعب الفلسطيني، ومساره نحو مواجهة إعادة انتاج مشاريع "الإذابة الوطنية"، والتي تم رسم بعضها منذ عام 1948، وأطلت برأسها ثانية عبر "ريفيرا ترامب".
منطقيا، كان يفترض أن تعلن "بقايا قيادة حماس" في قطاع غزة، سرعة تفاعلها مع الهبة اللهوانية، بالشكل الإيجابي وتتجاوب مع ما طلب منها، حماية لما يمكن حمايته من ملامح الحياة السياسية والوطنية، والإنسانية، وليس الذهاب لاصطناع حركة "اتهامية" بل ومحاولة حصارها بجدار أخضر من منتسبيها، رغم غيابها عن الحراك الشعبي كليا منذ سنوات.
لجوء بقايا حماس في قطاع غزة، وامتدادها الصوتي في الدوحة وغيرها، ضد هبة غضب أهل بيت لاهيا، وتخوين القائمين عليه، عبر أدوات فتنة مكشوفة، هو الوجه الآخر للخيانة الوطنية ذاتها، واستمرارها يستحق المطاردة الوطنية ووضع من يرددها على قوائم الأعداء المطلوبين للشعب.
هبة الغضب اللهوانية لا تنتظر "أصواتا فتحاوية" في الضفة الغربية ترسل لها نصائح تخجل منها "السذاجة، فلو حقا فتح تبحث دعما لتخرج قيادتها المختبئة منذ أكتوبر 2023، وهي خارج كل تغطية وطنية داخل قطاع غزة لتكون في مقدمة مواجهة العدو، غير ذلك كل صوت قادم من هناك يشكل خطرا على صوت الحق الوطني الذي انطلق بعيدا عن المتاجرات الفارغة.
يوم 26 مارس 1871، خرج أهل باريس غضبا ضد حكم الاستبداد النابليوني فيما عرف تاريخيا بـ "كومونة باريس"..وفي ليل 26 مارس 2025 خرج أهل بيت لاهيا ضد حرب عدوانية وتجار حرب عدوانية..فهل تنتج المصادفة التاريخية "كومونة بيت لاهيا" للتحرر من عدو وتاجر استغله العدو..ذلك هو التحدي الكبير.